تقرير: نعيمة أدهم في زيارة قمنا بها كطاقم لجريدة الجسور لمركز جمعية الشبيبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، تجولنا فيها في كل مرافق المركز ورصدنا فيها شهادات حية لنزلائه وذووهم، وقفت الجسور على حجم الإنجازات والنجاحات التي يحققها هذا المركز في ظل إدارة الحاجة "حورية عراض"، هذه المرأة "الألماسية" التي أخذت على عاتقها مهمة زرع البسمة على وجوه فئات ابتلاها الله بإعاقات مختلفة، صغار وكبار، إناث وذكور حينما تنظر إليهم يتملكك إحساسان متناقضان، إحساس بالألم والحزن لمصابهم ومعاناتهم، وإحساس بالأمل والسعادة لأنهم وجدوا من يحتضنهم ويخفف عنهم وعن ذويهم، وهذا ما لمسناه في ابتساماتهم البريئة و سعادتهم البادية وهو ينظرون بحب لأم لا تألو جهدا في السهر على راحتهم ويرددون بفرح "الحاجة.. الحاجة". صغار بإعاقات حركية وذهنية، أبرياء لا يجيدون الكذب ولا النفاق، لكن إذا أنت قلت لهم، ممازحا، "سآخذ الحاجة" انقلبت ابتسامتهم صرخات وكأنك ستنتزع منهم شيئا عزيزا يسكن قلوبهم النقية. تجولنا في رحاب المركز بمقل تسكنها الدموع، دموع فرح بهذا الإنجاز الكبير، هذا الصرح المميز الذي يحتضن هذه الفئة البريئة الزكية.. فرحنا لفرحهم وذهلنا لحجم الرعاية التي يحظون بها، ولجودة الخدمات التي تقدم لهم. مرافق متعددة، جبناها شبرا شبرا، واستقينا شهادات من المستفيدين ومن ذويهم وخاصة الأمهات اللواتي يصاحبن أبناءهن، هؤلاء النسوة اللواتي أكدن أن المركز يوفر لهن ولأبنائهن خدمات جيدة ومساعدات اجتماعية تخفف من وطأة المرض والمعاناة. دعون بحرارة "للحاجة حورية" وأكدن أن المركز يشهد ازدهارا في ظل إدارتها وأن البون شاسع بين ما كان عليه الحال قبل "الحاجة" وبين ما آل إليه الوضع حاليا، حيث أصبح المركز البيت الثاني لأطفالهن، وصرحت إحدى السيدات للجسور على أنها تضطر أحيانا للاتصال بالحاجة حورية بعد منتصف الليل لأن طفلها يبكي ويريد الذهاب للمركز ولا ينام حتى تكلمه الحاجة وتقول أنها في انتظاره صباحا. وأكدن جميعا أنهن يأتين بأطفالهن حتى في فترة العطلة لأنهم يبكون من أجل القدوم للمركز. دخلنا الأقسام حيث يتم تكوين المستفيدين في حرف ومهن متعددة، طبخ، خبازة، صناعة الحلويات العصرية والتقليدية، الحلاقة، محو الأمية، التطريز، الخياطة... وللمركز أيضا مرافق أخرى، كالخيمة متعددة الوسائط التي تتوسط المكان في شكل عصري أنيق ومساحة كبيرة تكفل احتضان أنشطة كبرى، وكذا قسم الترويض الطبي المجهز بأجهزة حديثة بإشراف طبيبة مختصة وممرضة ومساعدة اجتماعية، في هذا القسم يتم إخضاع ذوو الإعاقات الحركية للترويض الطبي الذي تحضره الأمهات كي يتعلمن هن أيضا كيفية مساعدة أبنائهن وكيفية ترويضهن في البيت. ما أثارنا أيضا هو المخبزة التي تم إنجازها بالمركز كمشروع مدر للدخل في إطار البرنامج الأفقي، هذه المخبزة التي يشتغل بها ذوو الإعاقات الحركية وأيضا أمهات المعاقين في بادرة لتحسين أوضاعهم المادية. مخبزة تهيئ أصنافا متعددة من الحلويات والفطائر يتم بيعها للعموم. قاعة الأكل هي الأخرى تتميز برحابتها ونظافتها وتجهيزاتها مثلها مثل المطبخ ومرافق أخرى تم إنجازها في عهد "حورية عراض"، ناهيك عن مرافق أخرى تم وأدها ونصب العراقيل أمامها كمشروع المسبح الذي تم إجهاضه في عهد "محمود الهدرجي". صادفت زيارتنا لمركز الشبيبة لتأهيل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وجود السيد "محمد زيان" وهو باحث مرسل من طرف الاتحاد الأوروبي بشراكة مع "صوفركو" ليقوم ببحث ميداني في موضوع واقع محو الأمية بالمغرب وآفاقها، وقد كان اختياره موفقا حيث أن المركز يحتضن 23 فوج في إطار برنامج محو الأمية، جلهم ذووا إعاقات أو أمهات معاقين، وقد حقق البرنامج نتائج جيدة. أيضا يتميز المركز بمشاركته الرياضية والنتائج الرائعة التي حققها بعض منخرطيه، شملت هذه المشاركات رياضات متعددة كالسباحة وكرة اليد والهوكي الأرضي وكرة الطاولة وألعاب القوى والبوتشي، وكانت هذه المشاركات في دول متعددة. ومن أهم الإنجازات ما حققه "شكيب حمري" وهو معاق حيث شارك في مسابقات في كل من إيداهو وشنغاي وكاليسيا وحصل على الميدالية الذهبية. ومن أهم المنجزات التي حققها المركز بفضل المجهود الكبير للحاجة "حورية عراض" هو قسم مميز يضم ثلاث أفواج سمي بقسم "أطفال العربات المجرورة" وهم أطفال تقل أعمارهم عن 16 سنة استطاعت الحاجة بمجهود شخصي كبير إقناعهم بالانخراط في المركز لتعلم حرفة تعود عليهم بالنفع بدل تسكعهم طوال النهار في الشمس الحارقة حيث كانوا معرضين للأذى ومستقبلهم قاتم. التقينا بأطفال العربات المجرورة الذين بدوا سعداء بما حصل وأكدوا أنهم يتلقون تكوين مجاني وأكل وملابس ورعاية كبيرة. ختاما جمعتنا الخيمة الكبيرة في صورة جماعية مع إدارة وطاقم ومنخرطي مركز جمعية الشبيبة لتأهيل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، صورة انطلقت بعدها زغاريد الأمهات وسط فرحة عارمة وسعادة بادية والكل يتسابق لأخذ الصورة بجانب "الحاجة".