هذه المقالة هي جزء من كتاب المرأة في العالم اليوم، الذي نشره مكتب برامج الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية الأميركية. . بقلم روبن إن. هار في العديد من المجتمعات والثقافات، تُحرم الفتيات الأطفال من حقوقها الإنسانية وأحيانًا من احتياجاتها الأساسية. ويتعرضن لزيادة خطر الاعتداء والاستغلال الجنسي وغيرها من الممارسات المؤذية الأخرى التي تؤثر سلبًا على بقائهن على قيد الحياة، ونموهن، وتمكنهن من تحقيق إمكاناتهن الكاملة. ونظرا لأن الفتيات على الخصوص أكثر عرضة للمخاطر، فإنهن يحتجن إلى حماية إضافية. وتشكل الفتاة الطفلة إحدى المجالات الحاسمة الإثني عشر في أجندة عمل مؤتمر بكين عام 1995، الذي أوصى بالقضاء على جميع أشكال التمييز والانتهاكات ضد الفتيات وحماية حقوقهن. وتحدد اتفاقية حماية حقوق الطفل، التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1989، حقوق الإنسانية الأساسية للأطفال، وعادة الذين هم دون سن 18 سنة. وتشمل هذه الحقوق عدم التمييز، والحق في البقاء على قيد الحياة وتنمية القدرات، والحماية من التأثيرات المؤذية، وسوء المعاملة، والاستغلال، والمشاركة الكاملة في حياة الأسر والحياة الثقافية والاجتماعية. كما تحدد الاتفاقية أيضًا بعض انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب بصورة فريدة ضد الفتيات الأطفال، بما في ذلك التمييز القائم على الجنس، واختيار جنس المولود قبل الولادة، وتشويه الأعضاء التناسلية للفتيات، والزواج المبكر. الثقافة تؤثر على معاملة الفتيات الأطفال تختلف الممارسات التمييزية والمؤذية ضد الفتاة الطفلة تِبعًا للسياق الثقافي السائد. فعلى سبيل المثال، يشكل الإجهاض المتعمد للأجنة البنات ووأد الإناث ممارسات شائعة في بلدان شرق وجنوب آسيا حيث يفضل أولياء الأمور بقوة الأبناء على البنات. ويسود في الهند والصين اختلال كبير في النسبة بين الجنسين في سكانهما نتيجة لهذه الممارسات، وذلك وفقًا لصندوق الأممالمتحدة للسكان (UNFPA، 2005). وتتعزز هذه الممارسات في الهند بسبب المفهوم السائد بأن الفتيات يشكلن عبئًا اقتصاديًا على الأسرة. فهن لا يساهمن بشكل كبير في دخل الأسرة، ويمكن أن مرد ذلك إلى أن الأسر تتكبد عناء دفع مهر باهظ عندما تتزوج الفتاة. أما في الصين، فقد ازدادت الانتقائية في الجنس والتخلي عن الفتيات الرضع بشكل مدهش منذ إصدار قانون سياسة الطفل الواحد في العام 1989. فاختيار جنس المولود قبل الولادة هو أكثر شيوعا حيث أن التكنولوجيا الطبية الحديثة أصبحت في متناول الجميع وعرضة لسوء الاستخدام. ووفقًا لتقرير صندوق الأممالمتحدة للسكان لعام 2004، فقد أسفرت عمليات الإجهاض الانتقائي بسبب جنس الجنين ووأد الفتيات إلى الإبلاغ عن 60 مليون فتاة "مفقودة" في آسيا. وقد أدى النقص في عدد الإناث في بعض البلدان الآسيوية إلى مشاكل أخرى، مثل زيادة الاتجار بالنساء للزواج والعمل في مجال الجنس. وعلى الرغم من البرامج الحكومية والجهود المبذولة لوضع حد لهذه الممارسات من خلال التعليم والحوافز المالية والتهديد بالعقوبات، يستمر الإجهاض الانتقائي بسبب جنس الجنين ووأد الفتيات. منعت السلطات التركية هذه الممارسات التقليدية في تزويج الفتيات الطفلات في سن الأربعة عشرة، الشائعة في مدن مثل أجارلار، حيث تسير هذا المرأة الشابة حاملة طفلها الرضيع. والوضع الاجتماعي للفتيات هو أدنى بكثير من وضع الفتيان في بعض البلدان. وهذا ما يجعل الفتيات أكثر عرضة للتمييز والإهمال. تكشف المؤشرات المتوفرة أن الفتيات يتعرضن للتمييز بدءًا من المراحل الأولى من الحياة في مجالات التغذية، والرعاية الصحية، والتعليم، ورعاية العائلة، والحماية. وغالبًا ما يتم تغذية الفتيات بدرجة أقل، وخاصة عندما يكون هناك نقص في الموارد الغذائية. يؤثر النظام الغذائي المنخفض في السعرات الحرارية والبروتين والمواد المغذية سلبًا على نمو الفتيات وتطورهن. ومن الأقل احتمالاً أن تتلقى الفتيات الرعاية الصحية الأساسية، لذلك فإنهن يتعرضن لخطر متزايد لوفيات الأطفال. والفتيات هن أكثر عرضة لأن يُحرمن من التعليم؛ حيث جاء في تقرير لمنظمة اليونيسيف أصدرته عام 2010 أن غالبية الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس الابتدائية في عام 2007، وهم حوالي 101 مليون طفل في العالم، كانت من الفتيات. وتوجد في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا أكبر فجوة في التعليم بين الجنسين. من المحتمل أن تحرم الفتيات في الأسر الفقيرة والريفية على وجه الخصوص من التعليم. فهن يُمنعن في أحيان كثيرة من اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة للعمل، والتمكين والتقدم في الوضع الاجتماعي بسبب المواقف المستندة إلى التقاليد حول تعليم الفتيان وليس الفتيات. وقد تكون الفتيات أكثر عرضة لاستخدامهن في عمالة الأطفال داخل وخارج المنزل. ومع ذلك، فهناك العديد من الفوائد في الاستثمار في تعليم الفتيات. ومن بينها نشوء عائلات أكثر صحة، وانخفاض معدلات الخصوبة، وتحسين الأداء الاقتصادي، والحد من الفقر. وتعليم الفتيات في بيئة داعمة تراعي الفوارق بين الجنسين أمر بالغ الأهمية لتحقيق المساواة بين الجنسين. وتشير تقديرات صندوق الأممالمتحدة للسكان أن ما بين 100 و140 مليون فتاة وامرأة تعرضن لتشويه أعضائهن التناسلية وتتعرض على الأقل 3 ملايين فتاة لخطر هذه الممارسة سنويًا. تحدث معظم الحالات في مناطق أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا. وفي مصر، تشير التقديرات إلى أن 75 بالمئة من الفتيات تتراوح أعمارهن بين 15 و17 سنة تعرضن لتشويه أعضائهن التناسلية، وهي ممارسة لها عواقب سلبية فورية وطويلة الأجل على الفتيات وصحة المرأة ورفاهها، ويمكن أن تكون المضاعفات قاتلة. منعت بعض الدول في أفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية تشويه الأعضاء التناسلية، ومع ذلك، لا تزال هذه الممارسة مستمرة. يشكل زواج الأطفال انتهاكًا آخر لحقوق الإنسان يحدث في أفريقيا وجنوب ووسط آسيا والشرق الأوسط. وتحدث أعلى المعدلات في جنوب آسيا والبلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، حيث يتم تزويج الفتيات في وقت مبكر في سن لا يتجاوز 7 سنوات، ولكن في أحيان كثيرة قبل بلوغهن سن 15 أو 18 سنة. وفقًا لإحصاءات اليونيسيف، ففي بنغلاديش وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وغينيا ومالي والنيجر فإن أكثر من 60 بالمئة من النساء تزوجن قبل سن الثامنة عشرة. وفي الهند، فإن نسبة 47 بالمئة من النساء تزوجن قبل سن الثامنة عشرة. وفي اليمن، أكثر من نسبة 25 بالمئة من الفتيات تزوجن قبل سن الخامسة عشرة. إن زواج الأطفال هو شكل من أشكال الاعتداء الجنسي الذي يفصل الفتيات عن عائلتهن وأصدقائهن، ويعزلهن اجتماعيًا، ويقيد تعليمهن ويتركهن عرضة للعنف من أزواجهن ومن أهل أزواجهن. تواجه الزوجات الأطفال مخاطر صحية وحتى الوفاة بسبب الممارسة الجنسية القسرية قبل البلوغ الجسدي - وفي أحيان كثيرة مع أزواج أكبر سنًا - والحمل المبكر. وإنما أيضًا يتعرضن لخطر متزايد للإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب وغيره من الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس. لكن من جهة أخرى، يمكن للحركات الشعبية تنفيذ التغيير بنجاح. ومن الأمثلة على ذلك مركز كيمباتي منتي جزيما-توب (KMG)، الذي ترأسه الدكتورة بوغاليتش جبري في أثيوبيا، والذي يسعى لوقف الختان وتشويه الأعضاء التناسلية. أو شبكة الزواج بدون خطر في اليمن، التي تربط العديد من المنظمات غير الحكومية التي تسعى إلى تثقيف المجتمعات المحلية وتناصر نشاطات الحد من زواج الأطفال. ومسألة الفتاة الطفلة هي إحدى المجالات الحاسمة الاثني عشر في أجندة عمل بكين لعام 1995، التي توصي بالقضاء على جميع أشكال التمييز والاعتداء على الفتيات وحماية حقوقهن. وتوصي أيضًا بتعزيز التنمية والتدريب لتحسين وضعهن الاجتماعي والقضاء على استغلالهن الاقتصادي. ينبغي تحسين الوعي تجاه احتياجات الفتيات وقدراتهن في المجتمع وبين الفتيات أنفسهن كي يتمكَّن من المشاركة الكاملة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. لقد تم إحراز التقدم، ولكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لحماية حقوق الفتيات وتأمين مستقبل لهن يتمكن فيه من تأمين الفائدة لأنفسهن ولمجتمعاتهن. روبن هار هي أستاذة العدالة الجنائية في جامعة إيست كنتاكي، تركز أبحاثها على العنف ضد النساء والأطفال، والاتجار بالبشر، على المستوى الوطني والدولي. تجري الأبحاث وتعمل في مجال وضع السياسات للأمم المتحدة وللسفارات الأميركية، وقد حصلت على العديد من الجوائز تقديرًا لعملها، من بينها إدراج اسمها على جدار المشاهير في كلية العدالة الجنائية في جامعة ولاية ميشيغان، وجائزة كورا ماي ريتشي مان "امرأة السنة المزعجة" من الجمعية الأميركية لعلم الجريمة، قسم المرأة والجريمة.