يُحتم استمرار التهديد الإرهابي، الذي يمثله تنظيم داعش تجاه المغرب، تعزيز القبضة الأمنية من قبل الأجهزة المختصة بمحاربة الجريمة الإرهابية، وعلى رأسها المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وأصبحت اليوم مسؤولية هذه المؤسسة الأمنية مضاعفة أكثر من ذي قبل، خصوصا وأن التنظيم المذكور خسر الرقعة الجغرافية التي سيطر عليها بالعراف وسوريا، وبالتالي يبحث اليوم عن مواقع أقدام جديدة بعيدة عن المركز. يوجد المغرب ضمن الأهداف المركزية لإعادة انتشار التنظيم الإرهابي داعش، ويسعى أتباع البغدادي للانتقام من بلادنا لأنها وقفت سدا منيعا ضد تسرب المقاتلين، حيث تم تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية قبل أن تنتقل إلى بؤر التوتر، وقد ساهمت الترسانة القانونية في تعزيز العمل الأمني وإتاحة الفرصة للقضاء على الإرهابيين في المهد، من خلال تبني سياسة الضربات الاستيباقية، ولهذا نعتبر أن مسؤولية البسيج تضاعفت اليوم أكثر من الأمس لأن التنظيم سيحاول ولوج هذه الجغرافية المتمنعة. الخلية التي تم تفكيكها صباح اليوم توحي بأن هناك استراتيجية جديدة لدى التنظيم، تتعلق بتكوين الإرهابيين، قبل أن يمروا إلى تنفيذ المخططات التخريبية، والمجموعة الموزعة على عدة مدن، منخرطة كليا في المشروع التخريبي لتنظيم داعش، وتعتبر الضربة الموجهة إليهم جيدة وفي محلها لأنهم كانوا بصدد اكتساب مهارات في مجال صناعة المتفجرات والعبوات الناسفة بهدف القيام بعمليات إرهابية بالمملكة. كل ما يحتاجه الإرهابي لتنظيم عمله التخريبي متوفر لدى الخلية، التي تم تفكيكها اليوم من قبل المكتب المركزي للأبحاث القضائية. تتوفر على أجهزة إلأكترونية مختلفة وأسلحة بيضاء نهايك عن أدوات التعبئة الإيديولوجية التابعة لتنظيم داعش المتطرف. نقطة جد مهمة في عملية اليوم حيث كشفت التحريات الأولى أن أحد الموقوفين كان على علاقة بخلية أخرى تم تفكيكها في الثامن من ماي الماضي بين المغرب وإسبانيا، مما يحيل على التشبيك الخطير للإرهابيين، الذين يتعاملون بطريقة التنظيمات العنقودية، التي تتوالد بشكل كبير. العملية الأمنية تؤكد استمرار التهديدات الإرهابية التي يشكلها "داعش" ومناصريه بجل بقاع العالم، والذين ما فتئوا يتوعدون بتنفيذ عمليات إرهابية انتقاما للضربات التي يتلقاها بمعاقله بالساحة السورية العراقية. وإذا كانت التهديدات الأوروبية تدل على الحاجة الماسة إلى جهاز أمني قوي، فإن وجود المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أكد على صوابية المقاربة المغربية لمحاربة الإرهاب، التي اعتمدت معادلة صعبة تجمع بين الأمني والاجتماعي والديني، لكن ونحن نسير في إطار البحث عن حلول عملية للإشكالات المولدة للإرهاب لا ننتظر حتى يمسك الإرهابيون بتلابيبنا كي نرفع الصوت، ولكن في وقت واحد نسعى للتنمية البشرية والإصلاح الديني وتعزيز القبضة الأمنية على الإرهابيين.