على إثر المواجهات العنيفة، التي جرت بشوارع وأزقة مدينة جرادة يوم الأربعاء الماضي، إثر إقدام القوات العمومية، بمنع الاعتصام ومطاردة المحتجين، وسط الغابة المجاورة للمدينة وعلى ضوء المعطيات الميدانية التي توصل بها، عبر فرعه بمدينة جرادة، يعلن المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان للرأي العام ما يلي : . إن قرار السيد وزير الداخلية بمنع الاحتجاجات تعسفي ويتنافى مع مقتضيات الدستور، لا سيما مضامين الفصلين 22 و 29 منه، حيث إنه يعتمد على منطوق الظهير الشريف رقم 1.58.377، الصادر في 15 نونبر من سنة 1958، والذي عدل مرتين، كان آخرها عام 2002، مما يتوجب تحيينه، حتى يتماشى مع روح الدستور الجديد. . إن حالة المطاردة والتراشق بين عناصر القوات العمومية ومجموعة من المحتجين، قد تسببت في إصابات لدى كلا الطرفين، كما أن حالات دهس حصلت، ونجم عنها إصابة أحد شبان المدينة بكسور عديدة في مختلف جسمه، حيث يرقد في الستشفى بوجدة في حالة خطيرة، دون ان يحضى بالعناية اللازمة، حسب تصريحات والدته للمركز المغربي لحقوق الإنسان، فيما تعرضت سيارات للإحراق المتعمد، وهو أمر خارج عن نطاق التظاهر السلمي، ونجهل مصدره بالتحديد… . إن إقدام السلطات العمومية باعتقال العديد من المشتبه بهم بالمشاركة في الاحتجاجات ينذر بمزيد من الاحتقان، خاصة وأن شعورا ينتابنا بتنفيذ اعتقالات عشوائية في صفوف شباب المنطقة، مما قد يرقى إلى ممارسة الاعتقال التعسفي في حقهم. . إن تخاذل الحكومة في تلبية المطالب المشروعة للساكنة، عبر إيجاد بديل اقتصادي، يصون كرامتهم، ويضمن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وكذا إمعان السلطات الإقليمية في تجاهل احتجاجات الساكنة، والاكتفاء بتنظيم لقاءات تواصلية، قد ساهم في فقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وكان وراء تأجيج الوضع، والزيادة في التوتر والاحتقان… . إن اعتماد المقاربة الأمنية في التعاطي مع انشغالات ساكنة جرادة، ومواجهة احتجاجاتهم بالمنع والتعنيف والاعتقال سياسة غير مجدية، تحقق مكاسب آنية، لكن من شأنها تعقيد الوضع، وتبديد جهود الحوار، وتقويض الحلول الديمقراطية. . إن إقدام بعض المسؤولين الوزاريين بعقد لقاءات تواصلية غير ملزمة، وبيافطة وألوان أحزابهم السياسية، قد ساهم في إذكاء آفة التجاذبات السياسية، وأعطت الانطباع بمحاولة البعض استغلال الأزمة التي تتخبط فيها ساكنة المدينة لغايات انتخابية وسياسية غير بريئة. . إن هيبة الدولة من كرامة المواطنين، ولا تتحق إحداهما إلا بتحقق الأخرى. وعليه، فإن المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان : . يعبر عن تضامنه مع ساكنة مدينة جرادة، التي عانت الأمرين، كما يعبر عن تضامنه مع كافة المصابين بدون استثناء إزاء التدخل الأمني العنيف، ويعبر عن أسفه الشديد لما جرى من اعتداءات ومن تخريب للممتلكات. . يحمل السيد رئيس الحكومة، وكافة وزراءه المعنيين بملف جرادة، مسؤولية عواقب ما يجري من أحداث مؤلمة، إزاء قرار منع الاحتجاجات السلمية، وما استتبعه من تعنيف في حق المحتجين ومطاردتهم، في مقابل غموض بخصوص تجاوب الحكومة مع المطالب المشروعة للساكنة، وهو ما يتعارض والتزامات الدولة المغربية أمام المنتظم الدولي، بخصوص احترام الحق في التظاهر السلمي، وحرية الرأي والتعبير… . يطالب بالتحقيق في مآل العديد من المشاريع التي سبق وأن تمت برمجة تنفيذها بمدينة جرادة، وترتيب الجزاءات اللازمة في حق كل من تبث تورطه في نهب أو تبديد المال العام، على غرار ما جرى بخصوص الاختلالات التي شابت مشاريع منارة المتوسط. . يطالب بضرورة العناية الطبية بشكل عاجل بالشاب الذي تعرض للدهس، حيث بلغ إلى علمنا أن أحد الأطباء أخبر والدة المصاب بكونه، في حالة بقاءه على قيد الحياة، قد يتعرض لعاهة مستديمة، ستمنعه من الحركة مدى الحياة. . يطالب بالإفراج عن كافة المعتقلين، الذين ثم اعتقالهم بصفة عشوائية، ما داموا لم يتورطوا في أفعال مجرمة قانونا، بقرائن موثقة ومحكمة. . يطالب الفعاليات السياسية داخل الحكومة وكذا مسؤولي الجهة بتحمل مسؤوليتهم إزاء ما يجري في مدينة جرادة، والعمل على تجاوز الخلافات السياسية بينهم، من أجل النهوض بالمنطقة تنمويا، خارج ميزان الربح والخسارة السياسي. حرر بالرباط بتاريخ 19 مارس 2018 المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان