يشهد رواق علي القرماسي للفنون بالعاصمة انطلاق المعرض الجماعي بعنوان " متفرقات تشكيلية " يوم الخميس 8 جوان 2017 على الساعة العاشرة ليلا ليتواصل المعرض الى غاية يوم 25 جوان الجاري ..و ذلك ضمن مختلف الأنشطة الفنية المعنية بالمعارض لهذا الموسم الثقافي و يضم هذا المعرض أعمال عدد من الفنانات التشكيليات زينب النفزي و عفاف مولود و جميلة عكروت و سوسن هدريش ونزيهة الصولي و ريم زكري.. و الأعمال المعروضة مختلفة التيمات و تعكس اهتمامات تشكيلية متعددة و لكن الجامع بينها هو هذا البعد التلويني لتجربة الذات في تواصلها مع العالم ..و باعتبارها متفرقات تشكيلية في الأسلوب و التجربة و التقنيات. في لوحاتها ضمن هذا المعرض تسعى الرسامة زينب النفزي لابراز ذالك الحيز من العواطف و الأحاسيس و التواصل حيث عوالم المرأة و ما تشكله من حضور اجتماعي و ثقافي و مشاهد أخرى للوقوف على ماهو كامن في الوجوه من خطاب يستبطن حالات فيها النفسي و الاجتماعي المتوزع بين الحيرة و الانتظار ضمن رؤية حرصت فيها الفنانة زينب النفزي على استقراء ما يحدث من خلال التوغل في الوجوه و الذهاب عميقا في قراءة علاماتها بين الرجاء و الأمل و الريبة و التوجس و الرفض..و هكذا…هي لحظة أخرى من نشيد الأكوان الضاجة بالحلم.. هي لعبة الحنين و الأصيل الكامن في الذات تجاه التوحش و عولمة العناصر و التفاصيل..هي العذوبة تنتقي من الألوان عباراتها الملائمة..كما تبرز في لوحة البدويات تلك الألفة التي تعنون عددا من أعمال زينب النفزي ضمن حميميتها و انسانيتها التي تنهل من المشاعر و معاني الشعر الذي تعشقه عشقها للألوان ..أعمال في طياتها أحاسيس و ألفة و حميمية … أعمال نرى من خلالها الرسامة زينب النفزي طفلة طافحة بالألوان و ما جاورها من مشاعر تكاد الروح تفتقدها في أيام الناس هذه..في لوحاتها المعروضة اشتغلت الرسامة جميلة العكروت ضمن تجربتها مع الأكريليك و تقدمها في هذا المعرض الجماعي و في قلبها شيء من حمى المعمار الماثل الآن و بنفس الامتاع من حيث الشكل و النقوش ..لوحات تقول بفتنة الرسم و سحر الألوان التي تخيرتها بعناية فائقة ..الى جانب أعمال أخرى في مشاهد و مواضيع مختلفة..ثمة شاعرية بينة في اللوحات من خلال التناسق اللوني و دقة الجانب المعماري الذي يبرز حرفية في حكاية الرسم و الخطوط و المشهد عموما..مجال للسفر في عنفوان البهاء الماثل في عناصر معمارية بعاصمة تونس و بعض المناطق الأخرى و هنا تدرك جميلة عكروت الصلة الحارقة بين الابداع و الذاكرة..بين التلوين و الرسم..و المعمار لتأخذنا الى لوحاتها فنقف مأخوذين بالبهجة النادرة تجاه تناسق جمالي مميز..الفنانة عفاف مولود تأخذنا الى عوالم أخرى من التلوين خاصة بعد تجربتها مع المعارض السابقة ضمن الأجواء اللونية الافريقية فمن خلال نظرات متقاطعة و ماء/ أرض/ نار و العودة الى الينابيع و أصوات الصمت يبرز الاشتغال الجمالي للفنانة عفاف حيث الفن ذاك التنافذ مع الذات و الآخرين كما أن تلك الأشكال الملونة تبرز ما يشبه المتاهة و لعلها متاهة الكائن في هذا الكون المربك و هو يبحث عن ملامحه تجاه صمت العناصر و أصوات هذا الصمت المبثوثة في الحياة و الجمال ..كما تتقاطع النظرات في الوجه الواحد تجاه الذات بما يجعل الوجه مفردا بصيغة الجمع..انها لعبة الفن في أتون السؤال و حمى النشيد..الفنانة الأخرى المشكلة لهذه التجليات تنقلنا الى حميمية الأمكنة العلامات ..سوسن هدريش تمتعنا في لوحاتها بجماليات المعلم و المكان من ذلك سيدي محرز و باب بحر الى جانب خزافي قلالة و الحصاد..تشتغل سوسن على مفردة جمالية هي مزيج من حميمية الذاكرة و رمزية المكان ضمن البعد الحضاري و الثقافي و كذلك بث المتعة الفنية تجاه مناسبات منها موسم الحصاد و خصائص تقليدية ثقافية على غرار حرفة الخزف و تقاليدها بقلالة الجربية التونسية..فسحة أخرى للفنانة سوسن في ثنايا و دروب الرسم .. الفنانة التشكيلية نزيهة الصولي في هذا المعرض تقدم عددا من لوحاتها حيث الفسحة الجمالية لديها ضمن احتفائها اللوني بالأمكنة و التراث و الكامن في الذات من عواطف تجاه الآخرين من ذلك حضور البعد العربي الانساني تجاه فلسطين و ما الى ذلك من صمود الانسان و دأبه تجاه التحديات .. هذه ملامح تشكيلية لمجموعة " متفرقات تشكيلية " حيث الفن تلك النظرة القريبة البعيدة يطوعها الفنان كما يشتهي و هو في جوهر الحالة الانسانية الباذخة…الفن اذن ضرب من ضروب النظر و القول.