أبدت العديد من الدول في أوروبا ومن جميع أنحاء العالم نواياها للتصويت غدا في اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة إلى الطلب الذي قدمته السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس في الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في المنظمة الدولية، غدا يتم التصويت على رفع مستوى وضع فلسطين في الأممالمتحدة من "كيان مراقب" إلى "دولة غير عضو" في المنظمة الدولية. ومن المفروض أن تتم الموافقة على قرار بهذا الخصوص دون صعوبات أو إشكاليات، لأن من المعروف أن ما يزيد عن 130 دولة تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة في حدود 1967. وهذه تشكل أغلبية مريحة لصالح القرار، وفقا لكل التقديرات، وحسب كافة المراقبين. وفي مقابل ذلك، هناك الجهود الإسرائيلية والأميركية لممارسة ضغوط على عدد من الدول بما يؤدي إلى تآكل جانب من تلك الأغلبية. وتهدف الضغوط إلى إجبار تلك الدول على التصويت بلا أو الامتناع عن التصويت على الأقل عند طرح القرار للاقتراع عليه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وسيثمن الشعب الفلسطيني مواقف الدول التي ستلتزم بالمبادئ عند التصويت. لأن القضية الفلسطينية عادلة، وقد ناصرتها تلك الدول منذ عدة عقود لاقتناعها بعدالة قضية شعبنا، وليس بناء على مصالح أو مكاسب سياسية. وهذا هو المتوقع من تلك الدول عند طرح القرار على مندوبي الدول غدا. وإعتمدت اللجنة الثالثة (لجنة الشؤون الإجتماعية والثقافية والإنسانية) التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، مشروع قرار بعنوان 'حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير'. وكانت نتيجة التصويت 173 ) ) دولة لصالح القرار) بزيادة 7 أصوات مقارنة بالعام الماضي ) بينما عارضته (6) دول (كندا ،إسرائيل، الولاياتالمتحدة، ميكرونيزيا، جزر المارشال، ناورو) وإمتنعت(3) دول عن التصويت (الكاميرون، هندوراس، جنوب السودان) . ويؤكد القرار من جديد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، بما في ذلك الحق في أن تكون له دولته المستقلة، فلسطين. ويحث جميع الدول والوكالات المتخصصة ومؤسسات منظومة الأممالمتحدة على مواصلة دعم الشعب الفلسطيني ومساعدته على نيل حقه في تقرير المصير في أقرب وقت. وبعد التصويت ألقت المستشار بالبعثة المراقبة الدائمة لفلسطين لدى الأممالمتحدة في نيويورك نادية رشيد، كلمة شكرت فيها كافة الدول التي تبنت وصوتت لصالح القرار، وقالت أن تصويت الاغلبية الساحقة من الدول لصالح القرار يبرهن على التأييد الدولي الواسع للحق التاريخي للشعب الفلسطيني في تقرير المصير. وحول معارضة إسرائيل للقرار، ذكرت أن أية مفاوضات سلام لابد أن تبدأ بالاعتراف بأن مسألة حق تقرير المصير هي قضية مبدئية وغير قابلة للتفاوض، وذكرت أن تصعيد إسرائيل لحملتها الاستيطانية في الأرض الفلسطينيةالمحتلة، وخاصة في القدسالشرقية، وبناء الجدار، وانتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي، يبرهن بشكل قاطع على رفضها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ولحل الدولتين لتحقيق السلام. وأضافت، 'أن الوقت قد حان لإرغام إسرائيل على وقف انتهاكاتها ومساءلتها عنها، وأن تمتثل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة'. جددت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني رفضها للجهود الفلسطينية الرامية الى ترقية وضع فلسطين في الأممالمتحدة الى صفة دولة مراقب. وجاء التأكيد على الموقف الأمريكي بعد أن أعلنت فرنسا، التي تعد من اوثق حلفاء واشنطن، أنها تنوي التصويت بالايجاب لقبول الفلسطينيين بصفة دولة مراقب غير عضو في الاممالمتحدة في وقت لاحق من هذا الاسبوع. وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الامريكية: "اننا نختلف مع اقدم حلفائنا بشأن هذه القضية، وهم على علم بذلك. ولكنه قرارهم السيادي وهم من يختارون كيف يمضون قدما". وأكدت نولاند إنه اذا طرح الامر للتصويت في الجمعية العامة هذا الاسبوع، فإن الولاياتالمتحدة ستصوت ضد الطلب الفلسطيني، الذي تعتبره واشنطن "خطأ". وتابعت نولاند متحدثة للصحفيين: "اننا نركز على هدف سياسي على الارض للفلسطينيين وللاسرائيليين، وهو التوصل الى دولتين يمكنهما العيش في سلام متجاورتين". واضافت: "لن يقرب هذا الاجراء في الجمعية العامة الفلسطينيين من هذا الهدف. إذا طرح الامر للتصويت، سنصوت ب لا". اعتبر رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق قدومي، أن الذهاب إلى الأممالمتحدة بطلب الاعتراف بفلسطين "دولة غير عضو" يدخل في إطار الحراك السياسي ولن يغير شيئا على أرض الواقع. وقال قدومي - في تصريح لصحيفة "الغد"الأردنية الصادرة اليوم "الأربعاء" - إن ما يعتزم الجانب الفلسطيني تقديمه غدا للتصويت على طلب رفع مكانة فلسطين إلى "دولة غير عضو" في المنظمة الدولية لن يستفيد منه الفلسطينيون شيئا ولن يحدث تغييرا في وقائع الاحتلال الاستيطانية والتهويدية القائمة على الأرض. وأوضح قدومي، وهو القيادي البارز في حركة فتح، أن هذا المسعى يعد حراكا سياسيا لن يغير من المشكلة الفلسطينية ولا من المفاوضات وإنما ما نحتاجه فعليا حدوث تغيير حقيقي على الأرض المحتلة. ولفت إلى ما تحفل به الأجندة الأممية من قرارات دولية تخص القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي، والتي لم يتم تنفيذها حتى الآن، مشيرًا في هذا السياق إلى قرار مجلس الأمن رقم 465 الصادر في العام 1980 بموافقة أعضائه، بما فيهم الولاياتالمتحدة، ويقضي بتدمير المستوطنات الإسرائيلية، إلا أنه لم يجد طريقه للتنفيذ رغم إلزام القرار لأعضاء مجلس الأمن والجمعية العامة بذلك. وقال إن قرارات دولية عديدة خاصة بالقدسالمحتلة صدرت لجهة رفض اتخاذ أي إجراءات تستهدف تغيير معالمها أو بناء مستوطنات فيها أو ضمن محيطها، لافتا إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية أجرت مفاوضات طويلة مع سلطات الاحتلال منذ مؤتمر مدريد 1991، ودخلت في متوالية تفاوض لا متناهية دونما تحقيق أي شيء حتى اليوم. وأوضح قدومي أن الاحتلال كان يستغل تلك المفاوضات من أجل كسب الزمن لبناء المزيد من المستوطنات والتهويد، معتبرًا أن مسار المفاوضات وكل التسويات التي اقترحتها دول عربية ذهبت أدراج الرياح ولم ننل منها أي فائدة. وقال: إن المقاومة في غزة أوقعت تأثيرًا بالغًا على الكيان الإسرائيلي ودفعت وزير الدفاع إيهود باراك للاستقالة وإنهاء حياته السياسية"، مؤكدًا أن للمقاومة وقًعا كبيرًا وأثرًا بالغًا على الاحتلال، وبالتالي لا حاجة للمفاوضات. واعتبر قدومي أن عهد المفاوضات قد انتهى لصالح الكفاح المسلح الذي أثبت تأثيره البالغ في الكيان الإسرائيلي، كما حدث في تصدي قوى المقاومة الفلسطينية المقاتلة لعدوان الاحتلال ضد قطاع غزة مؤخرا. ورأى أن المسعى الأممي لن يؤثر على وضع منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني لأن الوحدة الوطنية لا تأتي إلا عندما ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني وفي نفس الوقت اللجنة التنفيذية للمنظمة، مؤكدًا ضرورة أن يضم المجلس الجميع.