شكلت الندوة الفكرية التي انعقدت بقصر بلدية طانطان يوم الخميس19 نونبر2009، في إطار الملتقى الثالث للبحارالمنظم من طرف الجمعية الصحراوية لضباط وبحارة الصيد ومعهد التكنولوجيا للصيد البحري بطانطان، فرصة ثمينة للشباب لمناقشة الحكم الذاتي، ودورهم الآني والمستقبلي في إنجاح خطته،وفتح حوارجريء بكل حرية بين الفاعلين السياسيين وبين الشباب عموما، لهذا ارتأت هذه الجمعية الصحراوية برمجة هذه الندوة لترسيخ تقليد لمناقشة الأفكاربالفضاءات العمومية. وأهم ما ميزهذه الندوة الفكرية التي حضرتها فعاليات جمعوية وثقافية بطانطان، هو أن المشاركين فيها هم من أبناء الصحراء/الشباب،الذين يتحملون مسؤوليات مختلفة في الإطارات التي ينتمون إليها، ورغم اختلاف وجهات نظرهم، فإن القاسم المشترك بينهم هو تحفيز الشباب على اتخاذ المبادرة لكي يلعب حاليا ومستقبلا دورا كبيرا في إنجاح الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية. وهكذا استهل الدكتورمصطفى النعيمي (عضوالكوركاس) الندوة بمداخلة قيّمة اعتبر فيها مسألة الحكم الذاتي آتية لاريب فيها، لذلك تقتضي منا وعيا متبصرا وتأطيرا اجتماعيا ومدنيا وسياسيا، وأن نجاحها رهين بالتعبئة الشاملة، وبشباب كفء ومسؤول قادرعلى تحمل المسؤولية. ولاحظ النعيمي أن بعض الشباب الصحراوي يعيش في وضعية اقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة، ويعاني من فراغ قاتل في التأطير والتوعية،كانت له تداعيات سلبية أرجعها إلى تراكم أخطاء ارتكبت في الماضي عن قصد أو دونه، مما جعل البعض منه يعاني من غياب روح المدنية والمواطنة، ليطرح معها السؤال التالي هل الشباب هوالمسؤول عن هذه الوضعية،حتى وجد بعضه بطريقة واعية أو دونها في متاهات التطرف السياسي؟. وقال:إن المسؤولية عن هذه الاختلالات الاجتماعية يتقاسمها الجميع كل من موقعه،لأن الشباب هم نتاج مجتمعهم وبيئتهم، وبالتالي فالاختلالات والفراغ السياسي وانعدام التأطير وانعدام العمل الجمعوي الموحد، دفع البعض منهم إلى التطرف السياسي الذي هو إشكالية الظرفية الحالية، فالدولة تتحمل جزءا من المسؤولية في ما وقع، وكذلك الطبقة السياسية والمجتمع المدني لأنهما أخَلاّ بمسؤوليتهما في التأطير. والآن علينا جميعا، يضيف عضو الكوركاس، أن نعالج مشكل الشباب وخاصة حل مشكل الشغل وتقليص البطالة، وتوفير فضاءات للتأطير الجمعوي لأنها الطريقة المثلى للقضاء على التطرف والانفصال الذي هو ظاهرة ظرفية ستنتهي وتندثر مستقبلا بالقضاء على المشاكل التي يعيشها الشباب، ولهذا فالأحزاب السياسية بالصحراء، ينبغي ألا ينحصر دورها فقط في منح التزكيات والتصفيق لمبادرات الدولة. بينما ذهب عبد الوهاب البقالي (الكاتب الوطني لحركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية) الى أن الحكم الذاتي،هو قرار دولة وشعب،لهذا ينبغي أن نجري استفتاء حوله، كما ينبغي على الأحزاب السياسية بالأقاليم الصحراوية أن تلعب دورا في اتخاذ المبادرة، بعدما عرفت فتورا سياسيا في الوقت السابق ،مما جعل الخطاب الملكي لذكرى 34سنة على انطلاق المسيرة الخضراء، ينبه بطريقة أو بأخرى إلى خطورة هذا الفتور والتراخي في التأطير، لأنه تسبب في بروز سلوكات متطرفة غير مفهومة أحيانا لدى بعض الشباب الذين يمثلون أقلية، داعيا إلى تكثيف الندوات والمحاضرات بالأقاليم الصحراوية وباقي جهات المملكة حول موضوع الحكم الذاتي حتى يكون للمغاربة، دولة وشعبا، تصورورؤية موحدان، وفهم واحد وشامل لمدلول الحكم الذاتي وأثره الإيجابي تنمويا وسياسيا واجتماعيا، واقترح البقالي أن يتم إدراج دروس خاصة حول مفهوم الحكم الذاتي في المقررات الدراسية. ومن جهته أشارمصطفى عماي العضو بالمكتب الوطني للشبيبة الإتحادية في مداخلته القيّمة إلى أن العمل الجمعوي بالأقاليم الصحراوية دخل منذ مدة في قاعة الإنتظار، مما ساهم في تغييب بعض الشباب في كل المبادرات ،لهذا يجب أن ينصب الاهتمام مرة أخرى على زرع الروح الوطنية وتحسيس المواطن بمحبة الوطن لدى الناشئة والشباب بالأقاليم الصحراوية. وبالنسبة لما قيل عن تحمل الطبقة السياسية المسؤولية في عدم تأطير الشباب بالأقاليم الصحراوية،فقد عقب عماي على هذا الرأي لأنه لاينطبق على حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية الذي كان محاصرا ومقموعا وممنوعا عليه الدخول إلى الصحراء في سنوات الرصاص، بحيث لم يمتد تواجده بشكل كبير بهذه الأقاليم إلا في حكومة التناوب، وبالتالي فقد ضيّعت الدولة عليه فرصة تأطير المواطنين وخاصة الشباب في أواخر السبعينات والثمانينات وبداية التسعينات. واليوم علينا أن نثمن غاليا بعض المبادرات المختلفة والجريئة التي يقوم بها ثلة من الشباب بالأقاليم الصحراوية من خلال التكوين والتأطير في مجال تخصص معين،مثل الجمعية الصحراوية لضباط وبحارة الصيد البحري بطانطان التي استطاعت بمجهوداتها أن توفر قرابة 500 منصب شغل لفائدة الشباب الصحراوي كأول مبادرة من نوعها بالمغرب. وألح عماي في نهاية مداخلته على دعم شبيبة الأحزاب لكي تقوم بدورها كاملا وتنهض بمهامها في التأطير والتوعية، سواء في دعم ومساندة الحكم الذاتي كمقترح مقبول لدى المنتظم الدولي،أو في أنشطتها الحزبية المختلفة لأن إنجاح مشروع الحكم الذاتي في صيغته الحالية، رهين كذلك بتكوين نخب شابة بالأقاليم الصحراوية قادرة على تحمل المسؤولية غدا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والدفاع عن القضية الوطنية بروح وطنية عالية.