وضعت خطورة الأوضاع المترتبة عن سوء تدبير استغلال مرفق النقل الحضري بواسطة الحافلات، السلطات العمومية وكذا المحلية بالدارالبيضاء، في حالة وصفتها مصادر مأذونة ب «الاستنفار والترقب»، وذلك بسبب «الاضطرابات المحتملة» في حركة النقل والتنقل المترتبة عن خروج المتعهدين الخواص من استغلال المرفق بعد إشعارهم مؤخرا بإعمال مقتضيات إنهاء عقود الامتياز، ووضع حد لكل تأويل بشأن تمديد أو إمكانية تجديد العقود كما كان يأمل أصحاب الامتياز ، تأسيسا منهم على احتمالين استراتيجيين، أولهما حل شركة نقل المدينة من قبل السلطة المفوضة، خاصة بعد تجميد المساهمين المؤسسين، وكالة باريس للتنمية و«فينانس كوم» لعملية الاستثمار في رأسمال المقاولة منذ ما يزيد عن السنتين، قبل إعلان المساهم الأخير عن انسحابه من المشروع. وثانيها قناعتهم الخواص بعجز المفوض له عن تحقيق أسطول متراكم كما هو منصوص عليه في عقد التدبير. وفي هذا السياق، أكدت مصادر متطابقة ل «الاتحاد الاشتراكي» أن شركة نقل المدينة التي تعيش مخاض إعادة الهيكلة، ليس بمقدورها في الظرف الحالي تغطية العجز المترتب عن خروج حظيرة حوالي 300 حافلة للمتعهدين الخواص، وذلك بالنظر الى وحداتها العاملة بشكل منتظم والتي لا تتجاوز في أقصاها 460 حافلة من مجموع الأسطول المتراكم المقدر ب 680 حافلة. معطيات لم تكن ، حسب مصادرنا، غائبة عن مفكرة السلطة المفوضة التي يرأس لجنة التتبع فيها رئيس مجلس المدينة، لكن «لا مبالاة» هذا الأخير، ومعه السلطات العمومية، جعلت الجميع يبحث عن مخرج يبعده عن دائرة المساءلة العمومية. أولى هذه المخارج ، حسب ذات المصادر، كان التعجيل بالتوقيع بداية الأسبوع الماضي على اتفاقية إعادة تشكيل رأسمال «مدينة بيس»، وإعلان صندوق الإيداع والتدبير كمساهم جديد في الشركة بنسبة 34 في المائة بعد انسحاب «فينانس كوم». إلا أن هذا التطور في تشكيلة المساهمين، بما حمله من تغييرات مهمة في حقيبة توزيع الأسهم، لم يأت بما راهن عليه المسؤولون ، أي بالحلول محل الخواص بأسطول إضافي فوري يقارب أسطول أصحاب الامتياز (حوالي 300 حافلة)!! هذاوبخصوص البرنامج الآني، الموصوف ب «الاستعجالي» ، قالت مصادر من مجلس المدينة، إنه يتمثل في إقدام وكالة باريس للتنمية على تزويد الشركة بحوالي 150 حافلة مستعملة، بداية شهر دجنبر، أما في ما يتعلق بالمدى البعيد، فقد أكدت ذات المصادر، أنه يتعلق باقتناء الشركة لحوالي 200 حافلة جديدة مصنعة بالمغرب، سيتسلمها المفوض له وفق أجندة شهرية بمعدل أقصاه عشر حافلات في الشهر. وحسب عدد من المتتبعين للملف، فإن السلطات العمومية والمحلية ، وجدت نفسها جراء «هشاشة البرنامج التعاقدي الجديد» أمام عناوين أزمة حقيقة لما يتضمنه من بياض وفراغات يبدو معها جليا عند المغادرة الجماعية للمتعهدين الخواص مدار شبكة الاستغلال بداية الشهر القادم، أن دائرة اتساع مساحتها ستزداد ، ما يشي بتعميق الاختلالات التي تعاني منها عملية النقل والتنقل بواسطة الحافلات في حال عدم تدارك المسؤولين العموميين الموقف بما يلزم من قرارات وتدابير استعجالية . في هذا السياق أسرت مصادر مأذونة للجريدة، أن السيناريو الأكثر ترجيحا للتنفيذ من قبل السلطات العمومية يتمثل أولا، في إيجاد صيغة تفاوضية متوافق عليها بين المتعهدين الخواص (حافلات: طنجيس، سوتروم، الشناوي، زناتة، الهناء، الرفاهية، النقل الممتاز) وشركة نقل المدينة بخصوص تفويت أسطول الحافلات العاملة، وإدماج عمال تلك الشركات ( أكثر من ألف عامل وعاملة ) أو إعطائهم الأولوية في التوظيف بالمؤسسة المفوض لها. ثانيا، إصلاح الوحدات المعطلة تقنيا ل «مدينة بيس» المقدر عددها بحوالي 220 حافلة. ثالثا: إعادة النظر ، في البرنامج الاستثماري للأسطول التعاقدي تبعا للحاجيات وتطور المرحلة في تناسق مع المخطط المديري الجديد للمدينة في الجانب المتعلق منه بتحديث النقل الحضري. ليبقى السؤال الأبرز هنا، يهم قدرة «السيديجي» على إمكانية إخراج الدارالبيضاء من النفق المظلم الذي دخله قطاع النقل الحضري العمومي، منذ سنوات، مع تداعياته القاتمة على سكان العاصمة الاقتصادية للبلاد؟!