20 مليار سنتيم، ذلك هو المبلغ الذي قررت السلطات العمومية والجماعة الحضرية للدار البيضاء، في موقف يتعارض ومقتضيات عقد التدبير بخصوص التسيير المنتدب لمرفق النقل الحضري بواسطة الحافلات، منحه ك «إعانة» مجانية من ميزانية تدبير شأن المدينة لفائدة «مدينة بيس» الوافدة إلى المرفق كمشروع استثماري ضخم لتحديث القطاع وتطويره وتجاوز الاختلالات المالية والخدماتية، على عهد الوكالة، خلال العشرية الأخيرة من عمرها. هذا وحدد المسؤولون أنفسهم، 31 مارس الجاري، كتاريخ نهائي لضخ السيولة كاملة في حساب محجوز، مفتوح باسم «نقل المدينة» لهذا الغرض، عند صندوق الإيداع والتدبير، بعد مصادقة مجلس المدينة في دورة فبراير الأخيرة دون مناقشة، على اتفاقية النقل الحضري الموقعة في تاريخ سابق بين المديرية العامة للجماعات المحلية وولاية جهة الدارالبيضاء الكبرى والجماعة الحضرية وصندوق الإيداع والتدبير، وشركة نقل المدينة. وحسب «الاتفاقية»، فإن «الإعانة» التي تلتزم الجماعة الحضرية ، بدفع مبلغها تم تخصيص 82,5 في المائة من قيمتها الإجمالية (165 مليون درهم) لاقتناء 200 حافلة جديدة على أساس استغلالها كاملة خلال السنة الحالية (2010)، في حين تم رصد الجزء المتبقي، 35 مليون درهم، لتنظيم مخطط للتسريح الإرادي يقتصر حصراً على عمال الوكالة الملحقين بالشركة. وفي جانب ذي صلة، يرى عدد من المتتبعين والمهتمين لملف التدبير المفوض، أن التدخل العمومي بهذه الحقيبة المالية، والوجهة المحددة لصرفها، يشكلان قفزاً صريحاً في الشكل، و المضمون على عقد التسيير، تحولت معه ، جراء ذلك، يضيفون، السلطة المفوضة، من أداة تتبع ومراقبة من أجل تأمين التنفيذ الجيد للعقد وضمان استمرارية المرفق وفق البرنامج الاستثماري المتعاقد بشأنه، وكذا مخططه التمويلي، إلى مساهم استراتيجي، خارج القواعد، في رأس مال المقاولة! إلى ذلك، كشفت ذات المصادر في سياق تحليلها لراهن التطور بالقطاع، أن أسلوب التدخل العمومي، إنما يشكل قيمة مضافة سلبية في بنية الأزمة التي أرجعتها المصادر نفسها إلى «سوء التسيير والتدبير واللامبالاة المتبع من قبل المفوض له، وحددت العناوين الرئيسية كنقاط سوداء لها، في الإخلال الصريح والعلني لأسطول الاستغلال المتعاقد عليه، والترامي العلني والصريح أيضاً، على حقوق ومكتسبات العمال التي لم تتوقف عند الترامي غير المشروع على واجبات اشتراك العمال المقتطعة بشكل منتظم من أجورهم لفائدة الصناديق الاجتماعية، إلى تحدي الدولة في تنفيذ قرار الزيادة الأخير في الأجور لكافة الأجراء وجلهم من ذوي الدخل المحدود». من المحقق، يقول أحد المختصين، أن مجلس المدينة بمصادقته على «إعانة» ال 20 مليار سنتيم لفائدة جهة غير عمومية، يكون بدوره قد أسس ل «تجاوز غير مشروع» في مجال مسؤولية التدبير مجالية، لتجد المدينة وسكانها معاً في نهاية المآل، أمام وجهين لعملة واحدة حاملها، سوء التسيير والتدبير الناجم عن «الشطط في استعمال السلطة»!