كم يتقاضى لاعب كرة القدم في البطولة الوطنية؟ وهل يكفيه ما يتوصل به من مداخيل لتغطية حاجياته المعيشية، وتأمين مستقبله؟ هي أسئلة من الصعب الحصول على أجوبة شافية لها، في محيط رياضي يعتبر مسألة أجور اللاعبين من بين الأمور التي تشكل خطا أحمرا لا ينبغي الاقتراب منه، حيث ترفض العديد من الأندية الوطنية التصريح بحقيقة رواتب لاعبيها. ورغم كل التكتم، فاللاعبون يقرون بهزالة ما يتوصلون به ويعتبرونه لايرقى لخلق التحفيز المطلوب للارتقاء باللعبة، والانخراط في مسلسل تأهيلها! في أندية تشكل القاطرة مثلا، كالوداد الرجاء الجيش الملكي المغرب التطواني وفي أندية أخرى، يمكن أن يصل الراتب الشهري للاعب ل 10 آلاف درهم، فيما لايتعدى 500 درهم عند لاعبي أندية أخرى، خاصة الأندية المنتمية للقسم الوطني الثاني، أو قسم الهواة. هذا التباين في قيمة الأجور، يبدو منطقيا من منطلق درجة النادي ووزنه المالي وموضعه في الخريطة الكروية الوطنية. ومع ذلك، تفتح مسألة الأجور باب النقاش حول انعكاسات محدودية دخل اللاعب من «امتهانه» رياضة كرة القدم بالمغرب، وتأثير ذلك على وضعه النفسي والاجتماعي، حيث يؤكد اللاعبون أنهم يمارسون الكرة في أجواء مشحونة بالتخوف وعدم التركيز، وفي ظروف ينشغل فيها البال بكيفية ضمان القوت اليومي، وسد حاجيات الأسرة ومتطلبات المعيشة، علما بأن معظم لاعبي البطولة الوطنية يضطرون، لتعويض هزالة ما يتوصلون به، إلى اعتماد طرق أخرى لإضفاء بعض الدفء على جيوبهم كامتهان مهن أخرى كالتجارة، أو مواصلة العيش تحت كنف الوالد والأسرة! وبعملية حسابية بسيطة، فمعظم اللاعبين في البطولة الوطنية، لايتجاوز سقف ما يتوصلون به، ما قيمته 5000 إلى 6000 درهم، مع العلم بأن الوصول إلى تحصيل هذا المبلغ يتطلب تحقيق نتائج الفوز التي تصاحبها، منطقيا، منح تتراوح قيمتها من فريق لآخر، لكنها لاتتجاوز في غالب الأحيان 2000 درهم للفوز! وهذا يتوقف كثيرا على مزاجية رئيس الفريق، وعلى محتوى صندوقه، إذ غالبا ما ينتظر اللاعب صرف مستحقاته لوقت طويل يمكن أن يصل لأكثر من ست منح! في نفس السياق، ومع أن أجور اللاعبين تظل هزيلة ولا تضمن لهم الطمأنينة الكافية للتطلع لمستقبل مريح، فأمر استخلاصها يكون في غالب الأحيان مصاحبا بكثير من المعاناة، وغالبا ما تهضم حقوق اللاعب في غياب الحماية اللازمة من طرف الهيئات المسؤولة.. وكثيرا ما يصادف المتتبع حالات للاعبين يوقعون عقودا تتضمن شروطا متفقا عليها، لكنها لاتحترم ويغيب تفعيلها لسبب أو لآخر! كأن يوقع لاعب عقده مثلا، وبمجرد سوء تفاهم يحدث بينه وبين المدرب أو أحد المسيرين، يتم توقيف صرف الراتب، بل ويحرم اللاعب من منح المباريات في الوقت الذي يفقد فيه رسميته في تشكيلة الفريق.. ويظل وقتها اللاعب تحت رحمة مسؤولي الفريق، وتحت سياط الحاجة والعوز بعد افتقاده لأدنى مدخول!