تتباين أجور اللاعبين، وتختلف قيمتها بين فريق آخر، وبين قسم وقسم.. فما يمكن أن يتقاضاه لاعب في قسم النخبة، لايمكن أن يكون بنفس القيمة لدى لاعب في قسم الهواة، وما يتقاضاه مثلا لاعب في صفوف جمعية سلا، لا تصل قيمته لما يتوصل به لاعب في الوداد البيضاوي أو في المغرب التطواني. وهنا يطرح السؤال حول هذا التباين، وما هي أسباب هذه الفوارق في أجور لاعبين في نفس البطولة، وكيف يتحدد أجر اللاعب، وماهي طريقة الأداء، وما هي الانعكاسات التي يمكن أن تخلفها قيمة التعويضات والأجور، وهل هذه الأجور مصرح بها لدى الضمان الاجتماعي؟ وهل تؤدى عليها الضريبة؟ وما موقع اللاعبين في خريطة كروية تتداول وسطها أرقام مالية عالية، يمكن أن تتجاوز 30 مليار من السنتيم، بين ميزانية الجامعة وميزانيات الأندية! علما بأن أجور لاعبي بعض الأندية في قسم النخبة قد تتجاوز 7000 درهم شهرياً، بل ويمكن أن تفوق حتى 10 آلاف درهم، وقد ترتفع مع اللاعبين الأجانب واللاعبين المجلوبين من فرق وطنية أخرى، بينما قد لا تتعدى 500 درهم كأعلى سقف داخل العديد من أندية القسم الثاني، وتغيب تماما عند أغلب أندية الهواة! أجر رونالدو اليومي يساوي راتب 72 موظفا بالمغرب يتقاضون 5000 درهما شهرياً! بعدّ الإعلانْ عنْ قيمّة الراتب السنّوي الذي يتقاضاه النجمْ البرتغالي كريستيانو رونالدو مهاجم نادي ريال مدريد الإسباني الجديد، وقف العالم أجمّعْ لحظة صمتْ حول الأرقام والمبالغ الخياليّة التّي وصلتْ إليه الأجور في عالم كرة القدم، خاصةً أنّ الراتبْ الأساسي لأي لاعب غير مشمول بالإعلانات التجاريّة والتّي تُعد مصدّر دخل إضافي للنجوم. وفور إعلان نادي ريال مدريد تعاقده رسمياً مع كريستيانو رونالدو قادماً منْ نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي بصفقة قياسيّة وصلتْ إلى (96 مليون يورو) وبراتب سنوي مقداره 13 مليون يورو، بدأت الأقاويل حول دخل اللاعب الشهري واليومي، خاصةً أنّ هذا الرقم يعتبر الأعلى على مستوى التاريخ. فراتب البرتغالي وأفضل لاعب في العالم لعام 2008 هو 13 مليون يورو سنوياً، أي بمعدل 1 مليون و 83 ألف يورو شهرياً، وبنسبة 36 ألف يورو يومياً، وبمعدل 1500 يورو بالساعة، أي 25 يورو في الدقيقة الواحدة. ومع نجاح هذه الصفقة القياسيّة أصبح كريستيانو رونالدو هو الأغلى عالمياً والأعلى أجراً بينّ زملائه اللاعبين، خاصةً أنّ الراتب السنوي لا يشمل المبالغ التي يتقاضاها اللاعب من الإعلانات التجارية الضخمة، والتّي يحقْ للنادي الذي يلعب بينّ صفوفه جزءاً منها. وبذلك يبدو أنّ أجر رونالدو اليومي والذي يقدّر ب 36 مليون سنتيم تقريباً يعادل راتب 72 موظف بالمغرب يتقاضون 5000 شهرياً! الدولي فخر الدين رجحي (الفريخ) أول أجر تقاضيته لا يتجاوز 400 درهم، في السبعينيات وآخر أجر 4000 درهم منتصف الثمانينيات وقع للوداد سنة 1976 بفئة الشبان، برز بشكل لافت كجناح أيمن، انضم لقسم الكبار، تحت إشراف المرحوم الخلفي والبطاش، لُقِّب ب «الفريخ» للسرعة التي كان يمتاز بها داخل رقعة الملعب، وبالضبط على مستوى الأجنحة، كان يشكل خطورة على دفاع الخصم، ولا يبالي بأية خطة دفاعية، كان يخترق الدفاع ويهزم العديد من الحراس، إلى جانب زملائه، وأصدقاء الدرب الذين رافقوه في مسيرته الكروية مع الوداد. يقول فخر الدين للجريدة وهو يتحسر حول الوضعية المادية للاعبين آنذاك، «لعبنا مع الوداد وأمثالنا مع أندية وطنية بأقسام الصفوة، وكانت أجرتنا الشهرية لا تتجاوز 400,00 درهم، أما منحة الفوز فلا تتعدى مبلغ 200,00 درهم. هذا في ظل انعدام ما يسمى بالعقد، كما يسري به العمل حالياً، حيث نسمع اليوم وكل بداية موسم كروي على أن فلان وقع بمبلغ 80 مليون سنتيم للموسم، وآخر بمبلغ 70 مليون سنتيم، وآخر ب 100 مليون سنتيم، لكن المستوى والعطاء الكروي مخالف للمستوى الذي ظهرنا به رفقة العديد من الأسماء الوازنة، الأسماء التي تعيش أزمات حالياً، تعيش قهراً في بعض المدن، وبعض الأقاليم، والتي سجلت حضورها القوي خلال سنوات، لكن في غياب الدعم والعناية والاهتمام، وانعدام الماركوتينغ، ومسير من حجم بعض المسيرين الحاليين المختصين في مجال التجارة والاقتصاد، وفي زمن العولمة وتسويق المنتوج الكروي، ولكل زمن رجالاته... وفي منتصف الثمانينيات، يقول فخر الدين أنه وقع أول عقد مع الوداد بمبلغ 80.000,00 درهم للموسم مع أجرة 4000,00 درهم، ومنحة الفوز التي لا تتعدى 2000,00 درهم. لكن في غياب التأمين والتغطية الصحية والاجتماعية وانعدام المعاش...! وقد نصادف لاعبين من بين العناصر التي ساهمت في تحقيق نتائج وألقاب بالأمس في حالة مزرية، تفتقد لأدنى شروط العيش الكريم، يقول فخر الدين، ويؤكد «نحمد الله على أننا بمدينة الدارالبيضاء قد نجد أطباء أصدقاء قد يلبون حاجاتنا كلما دعت الضرورة، هناك أحباب في مجالات أخرى... ولدينا علاقات، والحمد لله... وأقول للاعبين الذين يمارسون حاليا أن يبحثوا عن ضمان التأمين والتغطية الصحية والاجتماعية، حتى لا يصطدموا نهاية مشوارهم الكروي»، ويضيف أن لاعبي كرة القدم القدامى مثل الفنانين، والرياضيين يفتقدون إلى نقابتهم مثل نقابة الفنان، وذلك للنضال والمطالبة بحقوق اللاعب والرياضي.. وحصوله على بطاقة التغطية الصحية...! كما أشار فخر الدين إلى أن اللاعبين الذين مارسوا ولعبوا مع بعض الأندية الوطنية كالجيش الملكي مثلا والأندية الفوسفاطية، قد يستفيدون من عدة خدمات ومعاشات بخلاف باقي الأندية.. وعن تجربته بالخليج كمدرب، يقول فخر الدين على أنه عمل كمسؤول عن الادارة التقنية بأجر محترم لا يتعدى 4000 دولار، أي حوالي 38000,00 درهم شهرياً، مع امتيازات أخرى، كالسكن والسيارة وتذاكر الطائرة له ولأسرته، وكذا منحة الفوز، والتي قد تصل إلى 3000 درهم إماراتية إلى جانب منحة العقد. أنا دائما أطلب «لافانس» (ن-ع) لاعب، كان نجما، وكان يفاوض من يريد من شروط مالية، وامتيازات على الفرق التي تسعى جادة الى التعاقد معه لأنه إضافة قوية للفريق، ومصدر جلب للجمهور نظرا لتقنياته الفردية وطريقة لعبه المتميزة . سألنا (ن_ع) عن وضعه المادي الحالي وطريقة تعاقده فكانت المرارة، وكان الألم. «لقد عرفت الآن لماذا يتمسك بعض اللاعبين بالممارسة داخل القسم الوطني الأول، رغم أنهم فقدوا الكثير من إمكانياتهم، وبالرغم من أنهم في بعض الأحيان يصبحون، وأقولها بكل صراحة «شوهة». لقد غادرت القسم الوطني الأول لأن العظم وهن، ولكوني لم أعد قادرا على مسايرة اللاعبين الشباب كما لم أعد قادرا على تطبيق خطة المدرب. هذا الوضع أبعدني عن الحصول على مرتب شهري محترم، كان يكفي لسد حاجياتي، والحصول على «ارضات الوالدين»، لأنني كنت دائما أساعدهما، خصوصا وأنني كنت عازبا، كما أن المنح السخية التي كنت أحصل عليها كانت تجعلني في غنى عن المرتب. الآن أنا متزوج، وألعب ضمن فريق من الدرجة الثانية بمرتب يصل إلى 3500 درهم. المرتب هزيل جدا، خصوصا وأن لي عائلة مكونة من ثلاثة أفراد بمتطلباتهم اليومية. وأنا أحمد الله على أن فرق القسم الوطني الثاني تقبل على مثلنا، لأنها تعتمد علينا كسند نفسي داخل الفريق. الوضع تغير كثيرا، فأنا الآن أحتاج إلى العائلة وأطمع في مساعدتها المادية لي. مايضحك، هو أنني أتوصل بالراتب «أطراف،اطراف»، لأن 3500 لاتغطي مصاريف الشهر هذا مايجعلني أطلب دائما «لاڤانس». الغريب أنه بعد أن كنت أتوصل براتبي في حسابي البريدي، أصبحت أتسلمه نقدا، ويدا بيد . الراتب الهزيل، يجعلنا دائما نفكر في تحقيق نتائج إيجابية للحصول على المنحة. ورغم أن هذه المنحة لا تكون مغرية ومفرحة إلا في المباريات الحاسمة، إلا أنها تجعلنا نبذل كل ما في وسعنا للحصول عليها. إن المنحة تخلق العداوة بين اللاعبين لسبب بسيط، هو أن اللاعب الذي يضيع هدفا كان محققا ينظر إليه وكأنه أخرج المنحة من جيبك وأبعد عنك ولمسافة طويلة العودة الى المنزل حاملا شيئا يفرح الأسرة. أما عندما تتوالى الهزائم، والتعادلات داخل الميدان، فإن الأزمة تشتد ويصبح «لافانس » من الرئيس بعيد المنال. فالرئيس يغيب والأمين إ وجدته يصيح في وجهك، ويتعلل بالعجز عن سداد الديون التي تترتب عن كل مباراة. إنه مشهد مضحك ومبك في آن واحد، يضحك من تقص عليه روايتك، ويبكينا نحن من نكون دائما في بحث دائم عن الرئيس أو الأمين من أجل «لاڤانس».