بكل صدق، أجد حرجا كبيرا في كل مرة أبحث فيها عن استطلاع موقف أو رأي لأحد مسؤولي الأندية الوطنية أو لأحد أعضاء المكتب الجامعي المكلف بتدبير شؤون كرة القدم الوطنية، في ملف أو موضوع كيف ما كان وزنه أو قيمته! وسبب حرجي هو تردد من نتوجه لهم بالسؤال والاستفسار، عن المجاهرة برأيهم، وإعلان موقفهم بوضوح وعلانية.. وفي كل مرة، نواجه بأجوبة من قبيل: «خليني أخويا في التيقار.. دابا تجبد علي النحل..»! لا أفهم، ويستعصي علي وعلى زملائي الفهم، كيف يمكن لنا كصحافيين الاشتغال و الإسهام في معالجة القضايا الشائكة التي تلف محيط الكرة الوطنية، في غياب تواصل حقيقي مبني على طرح الآراء والمواقف بدون تخوف و وضوح! وكيف يستقيم الوضع في ظل الاحجام عن إبداء الرأي، وفي ظل غياب الشجاعة الكافية لتوجيه النقد، لوضع الأصبع على مكمن الداء؟ للجامعة، حقيقة، ناطقها الرسمي.. إلا أنه ناطق صامت لاينطق! وللأندية ألسنتها وأبواقها.. لكنها معطلة ولا تشتغل إلا لمصلحة في نفس يعقوب! وللمشهد الكروي عناوينه المتعددة للتواصل.. لكنها تظل عقيمة وبدون معنى! وللوداد والرجاء، الواجهتان الرئيسيتان لكرة القدم الوطنية، مساحتهما الخاصة للتواصل، لكنها مساحة تظل محاصرة بسياجات سميكة لا تنفتح إلا مناسباتيا ولأغراض محددة! ليس ظلما أو هجوما على هذين الفريقين البيضاويين العريقين، وسنكتفي بالإشارة إلى كوننا حاولنا جهد المستطاع، خلال الأسبوع الأخير، ونحن نعد لهذا الملف الخاص بموضوع التأمين، معرفة موقف الفريقين معا، للأسف، أغلقت في وجهنا قنواتهما التواصلية، وصدت أمامنا أبوابهما.. أجل، حتى في موضوع حيوي وجد هام كالتأمين، عدد كبير من مسؤولي أنديتنا الوطنية عبروا عن موقفهم بالهمس والغمز، وبلغة:«ماشفتيني ما شفتك.. اتفقنا ياك..»، وهي نفس اللغة التي تحدث بها بعض المنتسبين للجامعة الحاليين، وبعض منهم يعدون اليوم من السابقين، وقليل منهم من «غامر» وتحدث بصوت عالٍ عن الموضوع، ومع ذلك ظلت القراءة سطحية وبعيدة عن الملامسة العميقة! طبعا، لن يختلف اثنان حول أهمية توفر لاعب كرة القدم، أو المدرب والمسير، والحكم، وبشكل عام كل المتدخلين، على بوليصة التأمين، فهي حق يضمن الحماية، بل إن التأمين حق أساسي بمفهوم العلاقة التعاقدية بين اللاعب وبين النادي الذي ينتمي إليه، إلى حد أنه يجوز، عند غياب هذه التغطية الصحية، مساءلة من هم ملزمون بهذا الإجراء في إطار قانون الالتزامات والعقود، بل وقد يُعرض كل مُخل به إلى المتابعة الجنائية. نقر بأن هناك تأمينا يغطي المساحة الكروية الوطنية، لكن السؤال سيظل يبحث عن جواب فاعلية مسطرته وإجراءاته، وهل عقد التأمين الذي تم تجديده مؤخرا ومع نفس الشركة التي تعاقدت معها «الراحلة» المجموعة الوطنية النخبة قبل ثلاث سنوات، يستفي كل الشروط، وما موقف الأندية من تفاصيله وبنوده؟ في هذا الإطار، يتحدث عدد كبير من مسؤولي أنديتنا الوطنية عن نقط سوداء لا تسلط عليها الأضواء، ومنها مثلا إجبارية التعامل مع مصحات استشفائية تختارها شركة التأمين المتعاقد معها. كما يحتج مسؤولو أندية الكرة على كثرة التعقيدات في مساطر التأمين، وعلى غياب نجاعة وفعالية نظام التكفل من طرف الشركة المعنية، إضافة إلى غياب مصحات «تابعة» لنفس الشركة تكون قريبة من ترابها ومحيطها! والأكيد أنه في قسم الصفوة أو عند الهواة، تبرز نقائص كثيرة في نظام التأمين، في مقدمتها مثلا، عدم توفر المصحات الطبية الخاصة التي «تنصح» بها شركات التأمين، على أطباء اختصاصيين في الطب الرياضي! كما أن الفئات الصغرى تظل محرومة من أي تأمين، ويبقى محيط الممارسة خاضعا للتسيب وبعيدا عن أية تغطية صحية وغير مؤمن! يجب إذن أن نتذكر مدى أهمية موضوع التأمين.. فالأمر يتعلق بصحة وحياة الآلاف من الرياضيين والمتدخلين!