أكد صلاح الدين بصير الدولي المغربي السابق، أنه يفضل إسناد مسؤولية تدريب المنتخب لمدرب وطني، وأوضح في حوار أجرته معه «المساء» أن المغرب يتوفر على مجموعة من الأطر الكفأة التي بإمكانها القيام بهذه المهمة. في موضوع آخر دعا بصير المسؤولين الذين عمروا طويلا في كراسي الجامعة، إلى الرحيل، مشيرا إلى أنه حان الوقت لضخ دماء جديدة، وقال بصير: «هناك من يرى في الجامعة بقرة حلوبا، وهناك من يصر على البقاء حتى يغادر محمولا على نعش، في الوقت الذي يتم فيه تهميش الكفاءات والأطر الشابة. - ماهي الدروس التي استخلصها بصير من مشاركة المغرب في كأس إفريقيا؟ < أعتقد أن المشاركة المغربية في دورة غانا كانت مخيبة بكل المقاييس، وكجميع المغاربة فإنني شعرت بألم كبير، فقد كنت أمني النفس بأن يذهب المنتخب الوطني بعيدا، ويرسم الفرح على وجوه المغاربة، غير أنه للأسف فالإقصاء دفن كل الأحلام. حقيقة ما آلمني أكثر ليس هو الإقصاء، فحتى المنتخب الذي لعبت معه في دورة 2000 أقصي في الدور الأول، غير أنه هذه المرة فإن الروح القتالية غابت ولم نلاحظ ذلك الاندفاع والرغبة الجامحة في تحقيق الانتصار، وأنا هنا لا ألوم اللاعبين فقط، بقدر ما أوجه انتقادي للجميع، لأن نجاح أي منتخب تتحكم فيه عوامل كثيرة. فيمكن للمنتخب أن يخسر مبارياته الثلاث، لكن صدقني فالجمهور عندما يلاحظ أن اللاعبين بللوا قميصهم بعرق ساخن وبذلوا كل مافي وسعهم من جهد، فإنه يجد لهم الأعذار ولايلومهم. لاتنس أن الجمهور المغربي مهووس بالكرة، ويعرف هل بذل اللاعب جهدا كبيرا أم لا. - وماهي الملاحظات التي سجلتها على المنتخب الوطني؟ < لقد كان واضحا أن الانسجام لم يكن بين اللاعبين، وهو أمر يمكن أن يحدث، لكن أي منتخب من المفروض أن يتوفر على لاعب أو لاعبين يقومان بمحاولة إحداث الانسجام بين اللاعبين وتعميق العلاقات بينهم، لأن الانسجام ضروري. هذا الدور يجب أن يقوم به أيضا أعضاء الجامعة الذين كانوا متواجدين مع الفريق، ويعملوا على تضميد الجراح وزرع الحب بين اللاعبين، لا أن يتركوا الحبل على الغارب. وقد تابعنا كيف أن اللاعبين تحدثوا عن عدم وجود انسجام بينهم وهو الأمر الذي زاد من حدوث الانشقاق. أتصور أن جميع المنتخبات الوطنية ومنذ الستينات كانت تعرف خلافات بين اللاعبين، لكن الفرق هو أن المسؤولين كانوا يقومون بمعالجتها سريعا للمحافظة على روح المجموعة. - والمدرب ألم يكن له نصيب من المسؤولية؟ < عندما يحدث الإخفاق فإن المسؤولية تكون جماعية، لايمكن أن نستثني طرفا دون الآخر، لكن مع ذلك فهنري ميشيل أعرفه جيدا فقد دربني في المنتخب الوطني مابين 1995 و2000، ولن أجد حرجا في القول إنه مدرب في المستوى يعمل بشكل جدي، وربما عندما عاد إلى المنتخب الوطني وجد أن كثيرا من الأشياء تغيرت، لاتنس أيضا أن هناك من يصر دائما على وضع العصا في العجلة. - تمت إقالة هنري ميشيل، فمن الأصلح اليوم لقيادة المنتخب الوطني في المرحلة المقبلة؟ < أتصور أن من الأفضل اليوم التعاقد مع مدرب وطني، لقد تعبنا في كل مرة من ترديد أسطوانة المدربين الأجانب. المدرب الوطني هو القادر اليوم على إعادة البسمة إلى الجمهور المغربي، فهو يعرف عقلية اللاعبين المغاربة، ويعرف حجم انتظارات الشعب، لذلك فإذا ما منح الإطار الوطني فرصته كاملة، وساعدته الجامعة والصحافة، فثق بي فإنه سيحقق نتائج باهرة، والدليل ما قدمه بادو الزاكي مع المنتخب في 2004، عندما قاده للمباراة النهائية. - ومن ترشح من المدربين المغاربة؟ < أولا يجب أن تكون هناك رغبة حقيقية لإسناد المهمة لمدرب وطني، فالكفاءات موجودة، فهناك بادو الزاكي وامحمد فاخر ومصططفى مديح وحسن حرمة الله ومحمد سهيل والسليماني وهناك أطر يمكن الاستعانة بها كعموتة والسكتيوي والسلامي. للأسف الكفاءات المغربية همشت، ولم تمنحها الفرصة، أليس عيبا أن لانستفيد من تجربة حرمة الله الذي يقوم بإعادة بناء شامل للكرة القطرية، فالرجل له القدرة على وضع سياسة كروية للمغرب، ونفس الشيء ينطبق على سهيل المتواجد بالسعودية. يتحدثون اليوم عن أزمة حراسة المرمى، في الوقت الذي اضطر فيه معظم مدربي حراس المرمى إلى الهجرة إلى الخارج. - ناقش البرلمان حصيلة المشاركة المغربية في دورة غانا، وبعد ذلك تمت إقالة ميشيل من مهامه، كيف تنظر للأمر ؟ < أولا كرة القدم أصبحت قضية بدورها للشعب المغربي، وأمر مستحسن أن تناقش داخل قبة البرلمان، لكن مع ذلك فلدي بعض التساؤلات، لماذا لم يناقش البرلمان سبب رحيل بادو الزاكي ويستفسر عن الأسباب الحقيقية للانفصال عن امحمد فاخر، لماذا لايناقش التهميش الذي تعرفه الأطر الوطنية. لقد دخل البرلمان على الخط، بعد أن انتقد هنري ميشيل السياسة الرياضية، والحقيقة أن الرجل لم يقل إلا الصدق لأننا لانتوفر على سياسة رياضية واضحة المعالم. فمنذ سنوات ونفس الأشخاص هم المتحكمون بزمام الكرة المغربية، ومع ذلك يصرون على البقاء، مع أنهم أخذوا فرصتهم كاملة. هناك من قضى 16 سنة بالجامعة، لذلك أقول «باراكا»، لقد تعبنا من الهزائم، ومن تواجد نفس الأشخاص بكراسي المسؤولية، ومن عدم ضخ دماء جديدة في شرايين التسيير. فالبعض يرى في الجامعة بقرة حلوبا، والبعض الآخر لايريد أن يغادرها، إلا وهومحمول على النعش، في الوقت الذي يحس فيه الشباب بالقهر والظلم. يتحدثون عن جلب مدرب أجنبي للمنتخب، ألا يحسون بالخجل، نحن أيضا نريد مسيرين أجانب، إن كانت للمسؤولين نفس الرغبة. صدقني فباستثناء رئيس الجامعة، الذي سبق ومارس الكرة فبقية الأعضاء، ليست لهم علاقة بها، وأنا لا اقول هذا تملقا للرئيس فمنذ غادرت المنتخب الوطني في 2002 لم ألتقيه، ولكثرة مشاغله فإنه لايمكن أن يراقب كل شيء، لكن هل من منحهم المسؤولية يقومون بها على أكمل وجه، هذا هو السؤال، لذلك فقد حان الوقت لضخ دماء جديدة، ولتغيير المسيرين الممسكين بزمام الكرة. في كل مرة كلاعبين قدامى، نلتزم الصمت تعففا، كنا نقول مع أنفسنا من الممكن أن يخجلوا ويتركوا كراسي المسؤولية لمن سيعطي للمغرب، ولمن يفرح الشعب، لكنهم في كل مرة يصرون على البقاء. من اليوم فصاعدا لن نسكت، لأن مايقع للكرة المغربية حرام، فالمواهب موجودة، ومع ذلك فالمنتخب الوطني يعاني، ولو اضطرنا الأمر إلى حمل رفع لافتات كلاعبين قدامى فلن نتردد في ذلك، لأن مصلحة الوطن أكبر. سنلجأ لكل السبل لإثارة الانتباه لمايحدث، دون كلل أو ملل، فقد طفح الكيل. - وهل أنت مستعد للعمل داخل المنتخب الوطني؟ < بطبيعة الحال مستعد كجميع اللاعبين المغاربة، لكن شريطة أن تكون هناك استراتيجية واضحة، وأن نحاور من طرف مسيرين يفهمون الكرة، أما أن نكون مشجبا تعلق عليه الأخطاء فلا.