تحل الصين هذا العام ضيف الشرف في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، الذي يفتتح أبوابه من الرابع عشر وحتى الثامن عشر من شهر أكتوبر الحالي، وبهذه المناسبة تسلط الأضواء على الأدب الصيني وعلى حرية الكلمة والتعبير المتاحة أمام الأدباء. فالأديب الصيني «يان ليانكي» مؤلف رواية «حلم جدي» لن يسمح له بالقدوم إلى معرض فرانكفورت، كما أن روايته منعت في الصين بعد فترة وجيزة من صدورها؛ لأنها تعكس الواقع في الصين بأسلوب ناقد. وعلى الرغم من إعادة صياغة الرواية عدة مرات إلا أنها منعت، واليوم لم يعد بالإمكان قراءتها، فالسلطات الصينية أبعدتها من المكتبات بعد فترة وجيزة من صدورها في عام 2006م. وتتحدث رواية الكاتب يان ليانكي كما ذكرت صحيفة «الاتحاد» الإماراتية عن قرية في إقليم هينان الصيني التي أهلك مرض السيدا أهلها، وتعكس صورة لما تشهده العديد من مناطق الأرياف الصينية في التسعينات بعد أن اجتاحها موسم قحط وجفاف وقضى فيها على الأخضر واليابس، عندئذ استجاب السكان لمبادرة الكادر الحزبي الحاكم ببيع الدم على مر عديد من السنين، لكن الشروط الصحية السيئة أدت إلى إصابة الكثيرين منهم بالإيدز، وحاولت الحكومة التستر على القضية دون تقديم أي مساعدة إلى المصابين، والتبرع بالدم كان يعني الكسب السريع والعيش برفاهية، لكن انتشار مرض الإيدز بين أهالي القرية الافتراضية «دينكسوان» في رواية يان ليانكي يودي بها إلى الهلاك. وتصور الرواية بشكل ملح، كيف تستولي غرائز الطمع والحسد والمكر على سكان القرية في ظل الموت المنتشر في كل مكان، وكما يقول المؤلف يان ليانكي «الطريقة المفزعة التي يتصرف بها الناس في الرواية تبين كيف يتصرف الناس في الصين، إصابة الناس في تلك الأيام بمرض الإيدز أمر مهول ومروع، لكن الأفظع منه هو أن قلوبهم أصيبت أيضاً بالعدوى». رواية «حلم جدي» - حسب المصدر نفسه - تصور الفساد في الكوادر الحزبية الحاكمة في شخصية تاجر الدماء «دينك كوي»، الذي كان يسحب الدم بالإبر الملوثة، ولم يحاسب قط على أعماله، بل واصل مسيرة مهنية ناجحة وحقق الثراء من خلال المتاجرة بموت الناس، فحتى التوابيت كان يقبض ثمنها على الرغم من وجود تعليمات بتوزيعها مجاناً، وينتقد المؤلف الفساد والمعاملة غير الأخلاقية التي يمارسها أعضاء الحزب من أمثال حاكم القرية في الرواية «دينك كوي»، كما ينتقد تعسف الكوادر الحزبية في المناطق الريفية. وبهذه الرواية يوثق «يان ليانكي»، أحداث هنان ويحميها من النسيان، فحتى اليوم لا يسمح في الصين للإخبار علناً عن فضيحة السيدا، وهو الأمر الذي يأسف له الأديب ليانكي، ويأسف أيضاً لمنع روايته، حيث يقول «لم أؤلف كتاباً موضوعياً، بل رواية خيالية تعكس الواقع الصيني بأسلوب أدبي، ومع الأسف منع الكتاب على الرغم من ذلك».