بنكيران يخلف نفسه على رأس الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية لولاية رابعة    طنجة تحتضن اجتماع المجلس الإقليمي للاتحاد الاشتراكي استعدادًا للمؤتمر المقبل    الطالبي: "الأحرار" يقود الحكومة بهدوء    الملك يهنئ رئيس الطوغو بعيد بلاده    الدورة 17 لملتقى الفلاحة بمكناس تجذب أزيد من مليون زائر    خلال اليوم الأخير .. عزيز أخنوش يزور أروقة الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس    منصة رقمية تواكب منتجي الحبوب    الرئيس الفرنسي يشيد بإعطاء جلالة الملك انطلاقة أشغال إنجاز الخط السككي فائق السرعة القنيطرة- مراكش    المغرب يصدّر 1.7 مليون كتكوت .. ويحقق طفرة في إنتاج لحوم الدواجن    كندا: 9 قتلى في حادث دهس بمهرجان    25 قتيلا جراء انفجار بميناء إيراني    غزة: إضافة 697 شهيدا بعد التحقق    الأوغندي أبيل شيلانغات والمغربية رحمة الطاهري يتوجان بلقب ماراطون الرباط    الحسين رحيمي يثير اهتمام أندية عربية مع اقتراب نهاية عقده مع الرجاء    شبح الإصابة يلاحق أبو خلال مجددا    حقيقة هجوم على حافلة بالمحمدية    غاييل فاي يفوز بجائزة "غونكور اختيار المغرب" عن رواية "جاكاراندا"    صدور "إفريقيا المدهشة" للوزاني.. 23 حوارا مع أبرز الأصوات الأدبية الإفريقية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    أنشيلوتي : قدمنا كل شيء أمام برشلونة ولا لوم على اللاعبين    وفد اقتصادي مغربي من جهة سوس يزور الأندلس غدا الاثنين لتعزيز الشراكة المغربية الإسبانية    بعد ارتفاع حالات الإصابة به .. السل القادم عبر «حليب لعبار» وباقي المشتقات غير المبسترة يقلق الأطباء    إصابات متفاوتة لأعضاء فريق حسنية جرسيف للدراجات في حادثة سير    استثمارات عقارية متزايدة لشقيقات الملك محمد السادس في فرنسا    إسبانيا.. توقيف مغربيين حاولا تهريب 50 ألف يورو إلى جبل طارق    جريمة بن أحمد.. الأمن يوقف شخصا جديدا    ماراطون الرباط الدولي: الأوغندي أبيل شيلانغات يتوج باللقب والمغربي عمر أيت شيتاشن بنصفه    الصين تخطو بثبات نحو الاستقلال التكنولوجي: تصنيع شرائح 3 نانومتر دون الاعتماد على معدات غربية    فرنسا.. مقتل مصل طعنا داخل مسجد    الرباط: تتويج التلاميذ الفائزين بالدورة السادسة لجائزة 'ألوان القدس'    الجزائر.. انهيار أرضي يودي بحياة عدة أشخاص    9 صحفيين يحصدون الجائزة الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    انفجار مرفأ في إيران يودي بعشرات القتلى    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    هذا موعد والقنوات الناقلة لمباراة نهضة بركان وشباب قسنطينة    اليوم يتعرف "البيجيديون" على أمينهم العام الجديد وسط غياب بارز للرؤية السياسية المستقبلية    مشروع ورش الدار البيضاء البحري يرعب إسبانيا: المغرب يواصل رسم ملامح قوته الصناعية    تصاعد التوتر بين الهند وباكستان بعد قرار قطع المياه    تونس تتحول في عهد قيس سعيد إلى ظل باهت لنموذج سلطوي مأزوم    الجزائر في مواجهة مرآة الحقيقة: أكاذيب الداخل والخارج    "العدل" تستعدّ لإصدار نصّ تنظيمي بشأن تطبيق قانون العقوبات البديلة    المديني: روايتي الجديدة مجنونة .. فرانسيس بابا المُبادين في غزة    احتجاج أمام "أفانتي" في المحمدية    "المرأة البامبارية" تُبرز قهر تندوف    فوزي لقجع نائب أول لرئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم    الأمن يصيب جانحا بالرصاص بالسمارة    المباراة الوطنية الخامسة عشر لجودة زيت الزيتون البكر الممتازة للموسم الفلاحي 2024/2025    أدوار جزيئات "المسلات" تبقى مجهولة في جسم الإنسان    تتويج 9 صحفيين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    جديد نصر مكري يكشف عن مرحلة إبداعية جديدة في مسيرته الفنية    جيدو المغرب ينال ميداليات بأبيدجان    البشر يواظبون على مضغ العلكة منذ قرابة 10 آلاف سنة    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة تضامن من اتحاد الكتاب العالمي إلى الأرض المحتلة
نشر في التجديد يوم 17 - 04 - 2002

الأديب ساراماجو: ما شاهدناه زلزال متواصل من جرائم نازية
محمد مصطفي
ما يقوم به جيش الاحتلال الصهيوني في المناطق الفلسطينية يشبه معسكرات النازية في الحرب العالمية الثانية.. يجب أن نقرع جميع الأجراس في العالم لنقول إن ما يحدث في فلسطين جريمة يمكن وقفها، هكذا وصف الأديب العالمي جوزيه ساراماجو الحائز علي جائزة نوبل للأدب عام 1998 ما شاهده من جرائم ارتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني .
الأديب البرتغالي ساراماجو كان ضمن وفد اتحاد الكتاب العالمي الذي زار المدن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة في الاسبوع الماضي بمبادرة من الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش للتعبير عن تضامنهم مع الفلسطينيين في معاناتهم ،وضم الوفد في عضويته نخبة من كبار أدباء العالم مثل الأديب النيجيري وول وسينكا الحائز على جائزة نوبل في الأدب لعام1986 وراسل بانكس وهو أمريكي يرأس برلمان الكتاب العالمي، والفرنسي كريستيان سالمون سكرتير البرلمان، والكاتب الأسباني خوان جويتسولو، وكتاب آخرون من ايطاليا والصين وجنوب افريقيا.
لقاءات الوفد مع الأدباء في فلسطين وكلماتهم التضامنية ولدت احساسا لدي أدباء وشعراء فلسطين أن أدب المقاومة ومناهضة الاحتلال مازال حيا،وأن هناك في العالم الحر من يغني للحرية، ويثور على الظلم والاستعمار. قبل أن يصل الوفد إلى رام الله كتب الأديب الأسباني جويتسولو رسالة أهداها إلى محمود درويش قال فيها: الشاعر المحاصر من قبل جيش شارون في رام الله هو أحد كبار شعراء العرب في القرن الحالي ويعكس تاريخه الشخصي تاريخ شعبه،القرية التي ولد فيها في الجليل أزيلت من الخارطة عام1948 وحين كان في السادسة من عمره كان يبحث مع أسرته عن مأوي في لبنان واستطرد جويتسولو قائلا: إن زيارة يقوم بها مجموعة من الأدباء إلى رام الله المحاصرة ليست مجرد تعبير عن التضامن مع محمود درويش بل هي محاولة لإظهار أنه بالإمكان الاعتراض على الظلم التاريخي، وعلى أنماط من السياسات المتصلة مثل سياسة بوش.
ووصف الأديب البرتغالي ساراماجو للاحتلال الصهيوني بمعسكرات النازية أثار ضجة ضخمة في الوسطين السياسي والثقافي في الكيان الصهيوني ،فهذا هو شأن الاحتلال الصهيوني يتهم من يكشف عنه قناع الزيف بمعاداة السامية، وزارة الخارجية الصهيونية عقبت بالقول: انه من المؤسف أن مؤلف كتاب عن العماء يظهر عماء مطلقا لأنه وقع ضحية للدعاية الفلسطينية التي جرؤت على مساواة معاناة الشعب اليهودي بالأحداث الجارية في المناطق الفلسطينية الكاتب الصهيوني عاموس عوز وهو من كبار الكتاب في المجتمع الصهيوني دمغ ساراماجو بعمي الأخلاق الذي لا يميز بين مستويات مختلفة من الشر زاعما أن الفارق بين الاحتلال الصهيوني وجرائم النازية كالفارق بين ساراماجو وستالين. ساراماجو كان قد خدم مرة واحدة نظام الدعاية التوتاليتاري الشيوعي, اليوم هو مجند لخدمة نظام الدعاية التوتاليتاري لعرفات!
التقيت بالأديب العالمي جوزيه ساراماجو فور أن انتهي من زيارة تفقدية لآثار الدمار الذي لحق بالمدنيين الفلسطينيين في خان يونس وغزة جراء القصف الهمجي الصهيوني طوال عام ونصف العام هو عمر انتفاضة الأقصي المباركة حتى الآن.
*سألته هل مازلت متمسكا بوصفك للاحتلال بالنازية رغم الانتقادات الصهيونية العنيفة؟
أجاب: نعم. لو كان الأمر يخص احتلال وطني وسئلت هذا السؤال لقلت: إن الوضع كارثة دولية, إن ما رأيته أنقاض منازل مدمرة, وأناس تعساء, رأيت أكثر من زلزال أرضي يحدث في هذه المنطقة. الزلزال يستغرق بضع ثوان, ولكن زلزال فلسطين مستمر ومتواصل. دموع الأطفال, كبار السن كان لهم بيت لم يعد لهم مأوي.
رأيت استعراضا للقوة والعضلات, نحن أمام فريقين أحدهما لا يملك السلاح, والآخر يعرفه العالم بأنه من أقوى الجيوش انني أتساءل كيف يحدث هذا في عالمنا اليوم دون مبالاة واهتمام من المجتمع الدولي, أين القبعات الزرقاء أين الأمم المتحدة، الوضع خطير بل هو كارثة.
*قلت للأديب ساراماجو هل ستكتب عملا أدبيا حول ما شاهدته في فلسطين؟
يجيب: لا أنوي كتابة رواية خاصة عن القضية الفلسطينية في المستقبل القريب إن كل مؤلف له عالمه الخاص الذي ينسج من خلاله أفكاره, ولكن أعتزم كتابة شيء عما شاهدته بأم عيني في الصحف خلال الأيام المقبلة.
*سألت ساراماجو عن رأيه في ادعاء بعض الكتاب الغربيين بأن الثقافة العربية تشجع على الارهاب ورفض ثقافات الأمم الأخرى فقال: بالطبع لا, ولكنني لا أدعي معرفتي الجيدة بالثقافة العربية، الذي أعرفه هو ما وصلني من ثقافتي عن الثقافة العربية. أعرف جيدا أن الثقافة العربية قدمت الكثير لتراث الإنسانية في الماضي, ولكن لا نعرف الكثير عن الثقافة السائدة حاليا في المنطقة العربية. من يزعم بأن العالم العربي هو المكان الملعون والشرير الذي يهدد العالم بأسره يتناسى أن أوروبا هي مصدر كل الأعمال الشريرة. صحيح أن أوروبا قارة الفن والموسيقي والأدباء العظماء, ولكن إلى جانب انجازاتها الضخمة هناك حقيقة أن أوروبا صدرت العبودية, والاستعمار, والحروب إلى مناطق كثيرة في العالم قبل الآخرين.
*أريد أن أسأل عن رأيك في الأدب العربي الحديث ولمن تقرأ من الأدباء والشعراء العرب؟
يجيب ساراماجو: ما الذي تقصده بالأدب العربي الحديث، نحن لا نعرف عنه الكثير نعلم أن هناك أدباء في فلسطين على سبيل المثال, ولكن إنتاجهم الأدبي غير مترجم للغات الأوروبية المختلفة، إن عالمنا الأدبي في الغرب الذي نعرفه هو ما يجري في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا وغيرهم من دول أوروبا وفي بعض الأحيان أمريكا. لا توجد حاليا حركة نشيطة لترجمة الأدب العربي نحتاج إلى جسر للتواصل بين الأدباء العرب ونظرائهم في أوروبا, نحتاج إلى معرفة شخصية بين الأدباء هنا وهناك.
*قلت للأديب ساراماجو: لكن الأدب العربي الحديث أفرز نجيب محفوظ
فأجاب: نعم نجيب محفوظ كاتب عظيم يقرأه الجميع بنهم حتي قبل أن يحصل علي جائزة نوبل. نجيب محفوظ أثري الرواية بواقعيته, وشخصياته التي تتكرر وتزداد في كل مرحلة, أعتقد أن الحياة تجد نفسها بين كلمات نجيب محفوظ بل كلماته هي الحياة نفسها.
علي مسرح القصبة برام الله أمضى وفد اتحاد الكتاب العالمي ليلة ثقافية هادئة تخللتها أنغام الموسيقي العربية لتضفي لمسة جمال وسحر على رام الله عروس الضفة الغربية التي سلبها الاحتلال الإحساس بجمال أشجار الزيتون واللوز. الأديب الفرنسي كريستيان سالمون أفتتح الأمسية بكلمات تعبر عن صدق وجدان الأديب من بين ما قال: إن المستقبل لكم, وبين أيديكم لأنكم صبرتم على ضيم الاحتلال وظلمه. في مساء ما كنا في مكان مثل هذا المسرح وكان هناك غائبان اثنان أولهما وول وسينكا من نيجيريا وهو موجود معنا الآن انتظرته طوال اليوم في المطار ثم علمنا أن النظام الديكتاتوري في بلاده سحب جواز سفره لذلك وضعنا كرسيا فارغا علي المسرح ومن وراء الكواليس قرأ من خلف الستار قصيدة له. أما الغائب الثاني فكان محمود درويش عندها كل الكتاب قرأوا مقاطع من قصيدته خطاب الهندي الأحمر!
وأختتم محمود درويش الأمسية بمقاطع من قصيدته الأخيرة حالة حصار فقال:
نفعل مثلما يفعل السجناء
والعاطلون عن العمل
نربي الأمل
ليت السماء حقيقية
قال لي رجل عابر بين قنبلتين
سوف نحب الحياة كما هي
عادية ماكرة
فلا يلدغ المؤمن المتمرن من فرح مرتين
هذه هي ليالي وأمسيات فلسطين الجريحة، يكسوها الحزن ودموع الثكالى, ويعتصرها ألم الغربة وحلم العيش في وطن حر ومستقبل رغد.
إعداد : عبد الرحمان الخالدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.