يندرج مشروع الاستراتيجية الوطنية من أجل تحسين وضعية الأشخاص المسنين، الذي قدمته وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن السيدة نزهة الصقلي يوم الخميس أمام مجلس الحكومة والمغرب يحتفل باليوم العالمي للمسنين (فاتح اكتوبر)، في إطار هذه الجهود، إذ يروم النهوض بحقوق هذه الفئة وتشجيع مشاركتها، عبر تثمين قدراتها وامكانياتها وكفاءتها، وكذا النهوض بدور الاسرة في التكفل بها. ويستمد هذا المشروع توجهه العام من مضامين الرسالة التي وجهها جلالة الملك محمد السادس يوم27 شتنبر الماضي الى المشاركين في المؤتمر الدولي للسكان، والتي شدد فيها جلالته على ضرورة الحفاظ على ثقافة وتقاليد التضامن الاسري والمجتمعي، وتوسيع التغطية الصحية للساكنة في وضعية هشاشة، خاصة المسنين. كما تنسجم هذه الاستراتيجية مع مضامين التصريح الحكومي أمام البرلمان، ومبادئ وفلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومع الالتزامات الدولية للمغرب، خاصة خطة العمل الدولية، المنبثقة عن المؤتمر الدولي الثاني حول الشيخوخة (مدريد 2002 )، ونتائج المؤتمرات والاجتماعات العربية ذات الصلة. ويندرج مشروع الإستراتيجية بشكل تام ضمن أولويات الحكومة، حيث اعتمد على مقاربة تشاركية وتشاورية مع كافة المتدخلين، من قطاعات حكومية وجمعيات ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، وذلك من أجل تحليل الوضعية الراهنة. ويتضمن مشروع هذه الإستراتيجية أيضا، آليات للحكامة والتنسيق بهدف تحقيق الالتقائية بين مختلف التدابير القطاعية. وقد كشف البحث الوطني الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط، والذي نشر سنة 2008 ، أن المغرب تحول من بلد شاب الى بلد يشيخ سكانه أسرع مما كان متوقعا، حيث من المتوقع,، حسب هذا البحث، أن تنتقل نسبة الاشخاص البالغة أعمارهم 60 سنة وما فوق الى15 في المائة بحلول2030 (8 ر5 ملايين) بعد أن كانت 8 في المائة سنة 2004 (4 ر2 مليون). وتضمن هذا البحث أرقاما مقلقة بخصوص الوضعية السوسيو-اقتصادية للمسنين، إذ يشير الى أن8 ر60 في المائة لا يتهيؤون لمرحلة الشيخوخة، وفقط1 ر16 في المائة يتوفرون على معاش و1 ر31 في المائة يشاركون في الحياة العملية و83 في المائة أميون، 2 ر91 في المائة منهم يقطنون بالوسط القروي، تشكل النساء فيهم نسبة90 في المائة وعلى مستوى الصحة، أشار البحث الوطني الى أن أكثر من9 ر58 في المائة يعانون من أمراض مزمنة و30 في المائة لا يتمكنون من القيام بإحدى وظائف الحياة اليومية و7 ر82 في المائة لا يتوفرون على أية تغطية صحية. وأبرزت هذه الدراسة أن8 ر62 في المائة من النساء و1 ر55 في المائة من الرجال لا يستفيدون من العلاجات، لانعدام الامكانيات المادية، وأن نسبة الإعاقة تصل الى4 ر21 في المائة لدى المسنين الباغلين 60 سنة فما فوق، وترتفع الى31 في المائة بالنسبة للبالغين أكثر من 70 سنة. وسجل البحث الوطني أن2 ر63 في المائة من الأشخاص المسنين يقرون بمعاناتهم من الوحدة، و1 ر23 في المائة يشعرون بعدم الاطمئنان بعيدا عن عائلاتهم. وعلى ضوء هذه المعطيات التي تضمنها البحث الوطني، تضمن مشروع الاستراتيجية أربعة محاور أساسية، يتعلق أولها بتحسين دخل المسنين والاهتمام بالقضايا المتعلقة بتقاعدهم، وثانيها بالملف الصحي في جوانبه الوقائية والعلاجية والاستشرافية، فيما يهم المحور الثالث، السكن سواء داخل المنازل الخاصة أو في مؤسسات الرعاية الاجتماعية، أما المحور الرابع فيتعلق بمشاركة الاشخاص المسنين في مختلف الانشطة الاجتماعية. وفي هذا الاطار، وكما جاء في مشروع الاستراتيجية، سيتم التركيز بالخصوص على محاربة فقر المسنين غير المتوفرين على معاش ونهج المرونة في الإحالة على المعاش، وتوسيع التغطية الصحية لهذه الفئة، بالإضافة الى تعزيز الجانب الوقائي من خلال الوقاية والتشخيص المبكر للأمراض المزمنة والإعاقة المرتبطة بالشيخوخة. وعلى مستوى السكن، سيتم إقرار استفادة الأسر المتكفلة بالأشخاص المسنين، من السكن الاجتماعي وملاءمة وتهيئة السكن مع الحاجيات الخاصة للأشخاص المسنين، وكذا ملاءمة وتهيئة التعمير مع الحاجيات الخاصة لهذه الفئة في ما يخص التنقل والنقل والولوجيات. وإذا كان هذا المشروع يحرص على بقاء المسنين داخل الأسرة من خلال تقديم الدعم والمساعدة حسب الحالات لفائدة المسنين والأسر المتكفلة بهم، فإنه سيتم أيضا العمل من أجل تحسين وإصلاح المؤسسات الاجتماعية الخاصة بهده الفئة. وقد قرر مجلس الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة الوزير الأول، بغرض تعميق مناقشة مشروع الاستراتيجية الوطنية لفائدة الأشخاص المسنين، والتشاور في سياق المعالجة الحكومية الشمولية لمسألة صياغة الميثاق الاجتماعي، الذي دعا إلى بلورته جلالة الملك محمد السادس، والذي ستنكب الحكومة على النظر فيه في منتصف شهر أكتوبر الجاري. يذكر أن وزارة التنمية الاجتماعية والاسرة والتضامن أدرجت ضمن مخططها الاستراتيجي برسم سنوات 2008 - 2012، نظاما مرجعيا مندمجا للخدمات الاجتماعية عن قرب، يتوجه بخدماته الى مختلف الفئات التي تعيش أوضاعا اجتماعية صعبة ومنها بالخصوص فئة الأشخاص المسنين.