اعتبر إنشاء المجلس الأعلى لحماية واستغلال الثروة السمكية بالمغرب خلال 2002، حينها حدثا تاريخيا في قطاع الصيد البحري وكان يعول عليه بشكل كبير للإقلاع بالقطاع وإخراجه من عنق الزجاجة بل وإدماجه في النسيج الاقتصادي الوطني بالشكل الذي يجعله عنصرا أساسيا في مجال الأمن الغذائي المغربي. لكن، ماالذي حدث وأدخل المجلس في سبات عميق منذ 2002 إلى اليوم، وصحوته الأخيرة باكادير؟ لابد من ربط جميع العناصر لمعرفة حقيقة مايجري ويدور في قطاع استراتيجي بالنسبة للإقتصاد الوطني. ترك عبد الرحمان اليوسفي الوزارة الإولى وهو الذي أشرف على تأسيس المجلس، مغادرة سعيد اشباعتو وزارة الصيد البحري، تعيين ادريس جطو على رأس الوزارة الأولى وإهمال تام للمشروع والقطاع برمته ليلحق بوزارة الفلاحة بعد أن كان يتوفر على وزارة مستقلة ، بل بعد أن بلغت درجة الاهتمام بالقطاع تعيين مستشار خاص للوزير الأول حينها متخصص في قطاع الصيد البحري وهو المنصب الذي ألغي مع رحيل عبد الرحمان اليوسفي عن الوزارة الأولى. منذ ذلك الحين وقطاع الصيد البحري في تراجع مستمر ، واتسمت فترات تدبيره بالارتجالية والمزاجية وكأن الأمر مقصود، في الوقت الذي كان الأمر يستدعي جعل تدبير الموارد البيولوجية البحرية تتسم بالاحترازية والعمل الوقائي والحرص البيئي والتكنولوجي لكي يتحصن القطاع. كان على المسؤولين الاهتمام بالعنصر البشري وذلك باعطاء مزيد من العناية للاستثمار الملائم في حقل تكوين الانسان خصوصا وان قطاع الصيد البحري يتطور في مناخ دولي مطبوع بتسارع التطور التكنولوجي في كافة مكونات مسالك الصيد. كان على المسؤولين مراجعة الاطار التشريعي والمؤسساتي والتنظيمي للقطاع لملاءمته مع المحيط الدولي الجديد للمصايد بإدخال مفاهيم التنمية المستدامة والصيد المسؤول بالاضافة الى وضع مخططات لتهيئة المصايد على أساس معرفة دقيقة بحالة المخزونات السمكية وتدبير محكم لقدرات الصيد. لقد بات من الضروري العمل على ملاءمة الاليات التقنية والقانونية المؤسساتية لهذه المتغيرات للأخذ بعين الاعتبار هذه الظروف المستجدة. الآن وبعد أن تم بعث الروح في مجلس ظل لسنوات يغط في نوم عميق، وبعد أن تم الخروج باستراتيجية قالوا عنها بأنها تشكل قفزة نوعية في قطاع الصيد البحري ببلادنا، وبعد أن التأم المجلس.. فهل سيتم تفعيل القرارات والتوصيات؟ وهل سيتم فتح قنوات التواصل مع المهنيين بالشكل المطلوب؟ هل سيشكل اجتماع الغد قطيعة مع سياسة الهروب إلى الأمام في مواجهة مشاكل القطاع؟.. تساؤلاتنا مشروعة ولاتسقط في باب نشر الخطاب التيئيسي وتبني منطق الجحود، فالتجارب السابقة أثبتت أن كلام الرمال تمحوه أمواج البحار؟