يقول كمال مستذكرا ابنه الشهيد وهو يستقبل ضيوفا في خيمته الممزقة التي يعيش فيها مع افراد اسرته منذ ان دمر الجيش الاسرائيلي بيته في الحرب «اشعر ان هذا اليوم غريب لا يوم عيد.. فهو يذكرنا من جديد بالذي فقدناه» ومنذ الصباح، زار عشرات الفلسطينيين بينهم نساء واطفال مقبرة الشهداء شرق جباليا لقراءة الفاتحة والدعاء على ارواح ابنائهم وبينهم الذين قتلوا في الحرب. وقد وضعوا اكاليل من الورود وزينوا محيط قبور ابنائهم. وفي ساعة مبكرة من اول ايام العيد، جلس كمال عواجة الذي يلقبونه ابو ربيع والبالغ من العمر48 عاما، على كرسي بلاستيكي ابيض امام خيمته الرثة ليستقبل عشرات المهنئين في العيد من الاقارب والجيران. ويقول الرجل مبتسما بحزن «اشعر ان هذا اليوم غريب لا كأنه عيد». ويضيف «لم تدخل الفرحة الى قلبي وقلب افراد اسرتي. فاليوم يتجدد الحزن وتتفتح الاوجاعالتي نحاول ان ننساها منذ الحرب والعيد يذكرنا بالذي فقدناه من جديد». ويتابع «لقد قتلوا (الجنود الاسرائيليون) ابني ابراهيم وهو لم يتجاوز التاسعة من العمر. كان في حضني دخلوا علينا في البيت واطلقوا النار فقتلوه. اصبت انا وام ابراهيم وخرجنا من البيت ننزف ثم دمروه». ويقول الرجل متسائلا « كان ابراهيم في العيد السابق ياتي قبل صلاة العيد يطلب العيدية (هدية مالية). اين هو الآن لاعطيه المال والحلوى؟»، مؤكدا ان «العيد يذكر بالمأساة». وتنتصب خيمة ابو ربيع على انقاض بيته المدمر قرب مستوطنة دوغيت السابقة قرب بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة. وفي واحدة من زوايا الخيمة وضع تلفزيون صغير يعلوه مصباح يشكل اداة الانارة الوحيدة فيها. اما ام ربيع، فتقول «لا فرق بين العيد وشهر رمضان او الايام العادية بالنسبة لنا ولاهالي الشهداء والذين دمرت بيوتهم». وترفع يديها الى السماء «حسبي الله ونعم الوكيل اين فتح وحماس؟ اين الامة العربية والاسلامية الذين تركونا في القرن الواحد والعشرين نعيش في خيام بالية مثل الاموات بلا اهتمام». ويؤكد ابو ربيع الموظف في مديرية التوجيه السياسي التابعة للسلطة الفلسطينية ان «خوفا من الموت» ينتابه في كل لحظة. ويضيف ان «المنطقة التي اسكنها اصبحت غير امنة. الحياة صعبة. بالكاد ناكل ونشرب ونوفر ما يلزم للاولاد في المدرسة»، مؤكدا ان «الوضع صعب وخطير اكثر من اي وقت مضى». ومع ذلك يشعر ابو ربيع بالفخر لانه ما زال صامدا. ويقول «في خيمتي التي اجبرت على العيش فيها لن نتخلى عن حقنا في اعادة اعمار البيت والحياة بامان وسلام مثل العالم». ولم ير مشروع اعادة اعمار غزة الذي تعهدت به الدول المانحة، النور بسبب تعقيدات الوضع السياسي واستمرار تشديد الحصار والاغلاق الاسرائيلي للعام الثاني على قطاع غزة. ودعا خطباء المساجد الى زيارة ذوي الشهداء في العيد. ومثلهم، حث اسماعيل هنية رئيس الوزراء المقال والقيادي في حماس الناس على زيارة اهالي الشهداء لتهنئتهم في العيد ومشاركتهم الفرح. وفي حي الزيتون شرق غزة تقيم عائلة السموني التي فقدت عشرات من من ابنائها في الحرب, في خيمة كبيرة من القماش فوق ركام منازل مدمرة لاستقبال المهنئين في العيد. وينشغل اسعد السموني في تجهيز القهوة لتقديمها لعشرات الزوار الذين حلوا ضيوفا في الساعة الاولى في العيد فيما يقدم صبية من العائلة التمور للضيوف. ويصطف شبان ورجال امام الخيمة لاستقبال الضيوف الذين انهوا لتوهم الصلاة في ساحة قرب المسجد في الحي. ويقول عبد الحميد عاشور «جئنا لمواساة عائلة السموني. نود زيارة اهالي الشهداء وتهنئتهم بالعيد. سنشاركهم الفرح قدر الامكان» ويضيف ان «عائلة السموني تستحق المساندة والحب. كل المسلمين يفرحون ونحن في غزة لانعرف طعم الفرح». ويقر محمد السموني بان محاولاته للفرح بالعيد باءت بالفشل. ويقول «كما ترى نحن في خيام ممزقة. الناس تاتي لمواساتنا وتهنئتنا..اي تهنئة ونصف العائلة ماتوا شهداء في الحرب ولا زلنا بدون بيوت تؤينا؟ العائلة تشردت ويبدو لا مستقبل». ويضيف السموني «ما اصعب الالم في العيد. نتذكر اولادنا واخواننا الذين داستهم الدبابات ومزقت اجسادهم الصواريخ والقذائف. قتلوا امام عيوننا ولم نستطع الصراخ»، مؤكدا ان «هذا هي الجرائم ضد الانسانية». وتعول سمية السموني على تقرير لجنة الاممالمتحدة لتقصي الحقائق. وتقول وهي تمسح دموعها «كشفوا جرائم اسرائيل وبالتأكيد سيعوضننا ويجيبوا لنا حقنا (...) لكن كل العالم لن يعيد اخوتي الذين قتلوهم شهداء». وتضيف «نحن صامدون رغم كل ما حصل لنا وسنبقى على ارضنا حتى لو قتلونا جميعا. سنفرح بالعيد وسنوزع الشوكولاتة والحلويات لان تجدد الحزن حرام.. يكفي احزان ومواجع»..