سوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء، عالم خاص خلف الأسوار، أهم تجلياته عرض وطلب. عمليات بيع وشراء طيلة النهار وقسط كبير من الليل. قمنا بزيارة خاطفة إليه للاطلاع عن كثب على حقيقة الأوضاع داخل هذا المرفق التجاري المتخصص في المنتوجات الفلاحية من خضر وفواكه. أول من صادفنا أثناء دخولنا سوق الخضر والفواكه (الجملة) بعمالة سيدي عثمان، بعض النسوة يبعن الملابس والساعات اليدوية...، الى جانبهن عجوز تسأل المارين الصدقة ومنهم من جاد عليها ببعض السنتيمات .. غير بعيد عن هذه المجموعة، شرطي مشغول بتنظيم حركة مرور الشاحنات و السيارات الى السوق. جولة داخل السوق كفيلة بأن تمنحك فكرة عن سوء التدبير بهذا المرفق التجاري، الذي يراهن عليه البعض في أن يصبح «بورصة» الخضر الاولى بالمغرب، أزبال متناثرة في كل ركن من أركانه، تلك الأزبال التي تبقى زهاء خمسة أيام - حسب أحد التجار بالسوق- في انتظار من ينقلها خارجا. رائحة تزكم الأنوف جراء تعفنها. إلى جانب الأزبال هناك العديد من الصناديق الخشبية الفارغة المتناثرة في أرجاء السوق كله مشكلة مجموعات متفرقة، وبعضها متفحم جراء تعرضه لحريق، مستودع هذه الصناديق الفارغة التي تملأ السوق وتعرقل حركة سير الشاحنات والسيارات، فارغ بدوره ومقفل لأسباب يجهلها التجار بالرغم من أنه تم صرف ملايين السنتيمات لتشييده إلا أنه وعلى مايبدو من خلال تلميحات البعض فإن صفقة ما «تحاك» في الخفاء من أجل تفويته! وفي الهواء الطلق تتحول الفراغات الموجودة بين الصناديق الى مراحيض يستعملها من يتعذر عليه قضاء حاجته بالمراحيض الاصلية والتي تحول العديد منها إلى مقاه، لتنضاف إلى رائحة الازبال رائحة الفضلات البشرية. أثناء تجولنا صادفنا مرة أخرى باعة الملابس يتنقلون بين المتاجر لعلهم يبيعون شيئا مما عندهم، شأنهم شأن المتسولين الذين تصطدم بهم كل وقت وحين! من الطبيعي في محيط تجاري مثل السوق ان تتم بعض محاولات السرقة التي تنجح أحيانا و يقف الامن عاجزا آمامها لأن التجار يرفضون تقديم شكوى ضدهم خوفا من أن يكونوا عرضة للانتقام من طرفهم، حسب مصدر مطلع. من التجار من يتحدث عن ضم الرصيف المقابل للمراحيض المحولة إلى مقاه داخل سوق الجملة، فأصبحت بذلك أعمدة الانارة العمومية وسط البناء. حركة البيع والشراء عادية بالرغم من موجة ارتفاع أسعار الخضر الأساسية في الطبخ المغربي، البيع لايقتصر هنا على تجار الجملة بل هناك من المواطنين من استغل بعض الفضاءات للبيع بالتقسيط. الأمر الذي يجعل مجموعة من المواطنين يلجون بوابته للتسوق من داخله علهم يوفرون في المصروف اليومي وهو اعتقاد خاطئ، بحسب ما صرح لنا به أحد تجار الجملة، فتوافد «الوَكٌَالَة» وهو النعت الذي يطلقه تجار الجملة على المستهلكين بالتقسيط داخل السوق يساهم فقط في الرفع من الأسعاروهو شكل آخر من أشكال الفوضى التي يعرفها السوق على مستوى التسيير. إنها مجرد زيارة خاطفة تعري حقيقة الوضع داخل هذا السوق ، وماخفي كان أعظم... (صحافيتان متدربتان)