ماذا لو أنه مباشرة بعد انتهاء شهر رمضان تفتقت قريحة كل من القناة «الأولى» و«الثانية» وأعلنتا عزمهما تقديم مشروع تلفزيوني ضحم في بث يومي يكون مصدر «عذاب» للملايين من المشاهدين المغاربة داخل وخارج المغرب. ماذا لو تم الاتفاق على صياغة سيناريو محبوك لمشروع تلفزيوني تخييلي من ثلاثين يوما وليس ثلاثين حلقة، وكل حلقة مدتها يوم، والتوافق، في إطار ورشة للكتابة، على أن يعتمد انجازه الخلط بين السلسلات والسيتكومات والكاميرات الخفية والظاهرة والاشرطة التلفزية والمسرحيات، والأفلام التلفزية و«التيلي نوفلات» التركية والكورية، ورشة كتابة يجمع المشاركون فيها بين الكتابة الدرامية والكوميدية. مشروع تلفزيوني يحكي قصة الملايين من المشاهدين المغاربة يعانون من شطط التلفزيون في استعمال الرداءة وتعذيب المشاهد يوميا بغير وجه حق، يمطرون يوميا بتفاهات تلفزية مباشرة من بعد آذان المغرب وقبله أيضا. سلسلة تلفزيونية تتخذ من نفسها عنوان «ترمضينة التلفزيون» و تحكي قصة تلفزيونين مثل «الأولى» و«الثانية» في بلد كما لو أنه المغرب تشرف عليهما شخصيتان، «الأولى» تلعب دور «المعلم» و«الثانية» دور «المتعلم» وتتخذ من متواليات أحداثها سندا للغوص في دواليب مسارات القناتين الانتاجية بدءا من عمليات التسيير والتدبيروما يشوبها من اختلالات في الطريقة التي تم بها الاعداد لبرمجة شهر رمضان. النتيجة، في حقيقة الأمر، عمل تلفزيوني تخييلي مشوق، تدور احداثة في مبنى تلفزيوني، لن يكون مختلفا عن ما تابعناه طيلة هذا الشهر الفضيل، منتوج تخييلي يعكس واقع تلفزيون يفتقد الى كل عقل تلفزيوني مبدع بكل المقاييس. عمل تلفزيوني تشارك فيه شخصيات أخرى تلعب أدوارا مختلفة وثانوية تتحمل مسؤوليات تختلف درجتها في الرداءة التي يصنعها التلفزيون، ويبين مدى الانفصام التي تعيشه هذا الشخصيات بين الاقرار بأن ما يقدم رديء والتمادي في بثه. وترصد العلاقات غير الواضحة مع عدد من مؤسسات تنفيذ الانتاج سواء على مستوى اقتراح المشاريع أو قبولها وتمريرها، ووضع «العصا في الرويضة» في وجه آخرين، واستمرارية استعمال «الهاتف» لبرمجة أعمال تلفزيونية في الدقيقة الأخيرة وقبول أخرى ومنح الاسبقية والتسهيلات، والتباهي بإعادة بعض البرامج وتحقيق نسب عالية للمشاهدة. كما يقارب الشريط، وضع تلفزيون يعيش ب«الديكوفير» و تدني مدخول اشهاره، وعدم صرف مستحقات عدد من منفذي الانتاج وبعض المشاكل الجانبية قد تعصف ب«المتعلم» القادم الجديد لعالم التلفزيون، بالموازاة مع فرضية توالي أحداث لإضعاف التلفزيون لخوصصته و«بيعة» بدرهم رمزي. تلفزيون بدون وسيط تلفزيوني الى حدود الآن، ودائم البحث عن سد ثغراته المالية هنا وهناك لأجل الاستمرار على الساحة التلفزيونية. < إشارة: هذا العمل التلفزيوني افتراضي وكل تشابه في الأحداث أو الشخصيات فهو من قبيل الصدفة.