في جو من الارتباك، تتطاحن فيه قوة اليأس مع مشاعر الأمل المتخافتة على مستوى الخطوط الثلاثة، وفي مباراة ليس لها من الدولية إلا العلمان والنشيدان الوطنيان قياساً لما شاهدناه في هذه الدورة التأهيلية عبر مختلف القارات من نماذج غاية في الجودة التقنية والبدنية والتكتيكية، وما مباراة الأرجنتين والبرازيل إلا نموذج ساطع عما هو مفروض أن يكون معياراً دولياً يتدافع للالتقاء في النهائيات بجنوب افريقيا... فللفريقين معاً، الطوغو والمغرب، أوضاع و »أحوال« عاصفة من حيث التأطير التقني وانضباط اللاعبين وجاهزية المجموعة بشكل لايوحي بأنهما في قمة إعدادهما. فشكل اللقاء طيلة 90 دقيقة، أكد أن الفريقين معا لا يستحقان العبور الى تشريف القار في المونديال المقبل، حيث غاب الإبداع الفردي والجماعي، وصعب جداً استخلاص حكم فني يميز هذه المجموعة عن تلك ولن نغالي إذا قلنا بأن اللحظة »الدولية« الوحيدة التي ظلت وستظل تتألق في لقاء لومي هي تلك التي أبدعها وبالعربية تاعرابت اللاعب تاعرابت عندما استخرج المخزون الاحترافي القوي في تداول الكرة في طية منديل داخل مربع العمليات وأمام مجموعة من الأرجل الطوغولية بمهارة عالية ويخلق لنفسه، وبالتالي للمنتخب المغربي، فجوة جد ضيقة يزرع من خلالها الكرة في شباك الحارس الطوغولي في الزاوية المغلقة... والمباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة ليحقق التعادل الذي كان طاغياً على مجموع مجريات المباراة التي تميزت في: 1 المجرى الثابت (ستاتيك): بتقوقع اللاعبين كل في »داره« إذ انعدمت الصلة بين الخطوط نظراً لحالة التجمد التي كانت تطغى على لاعبينا وهم يمتلكون الكرة فيحاولون وبأية طريقة التخلص منها و »إلصاقها« بالآخر الذي يتمنى أن لا تصل إليه إما لأنه »لاصق« في مكانه، وإما لأنه متيقين من أن صديقه غير قريب منه يتهرب من المسؤولية، وهاته الحالة الستاتيكية سهلت على الخصم مجاراتنا والاكتفاء بالتخلص من الكرة بدفعها إلى الأعالي وإلى الأمام، في انتظار أن يستخرج اديبايور إحدى تنطعاته التي غابت بالمرة في هذا اللقاء، رغم ما سبقه من تهويل بخصوص قيمته الاحترافية في البطولة الأوربية. وكان لهذا السلوك مفعول بارز في المراقبة والتغطية اللتين غابتا في مطلع اللقاء (د 4)، حيث لم ينتبه العليوي إلى انفراد أحد المهاجمين من جهته، ليسجل الإصابة المبكرة. 2 المجرى المتحرك (ديناميك): كأن نوعاً من الذهول أصاب خطي الوسط والهجوم أمام القامات العالية الطوغولية، الشيء الذي جعل بوصوفة يحتار (وهو في اليسار) بين التوغل والرجوع إلى الوراء، وكان في إمكان هذه الحركة الثانية أن تفلح لو كان خرجة في أتم استعداده ونفس الشيء ينطبق على حجي الذي كان تائهاً، بل و »ناشفاً« تماماَ ولم يوفر للشماخ أية فرصة لتحقيق الهدف، وهو الذي كان محاطاً بعناية خاصة من طرف المدافعين العمالقة، والذين لم يكن في مقدور زمامة الاقتراب منهم بله تجاوزهم في المربع. وإذا ما كان النهج المتحرك هو الفيصل في مثل هذه اللقاءات يعتمد على التبادلات التي يغير تكرارها خريطة الملعب وتزعزع استراتيجيات الخصوم دفاعاً ووسطاً بهندستها وتعددها، فإنها غابت تماماً إذ لم نسجل منها إلا تبادلاً واحداً تجاوز 5 مرات عرضاً طيلة اللقاء، لكن ما بين الدفاع والوسط حصرياً، ولم يكن ذلك من الخطورة بحيث يربك تكدس الخصوم في مربع عملياتهم. نعم كانت هناك نية في تفعيل هذه التقنية، لكن »الله غالب«. هل هو المناخ؟ هل هو وعكاء السفر؟ هل هو عامل الصوم؟ الله أعلم. فبقدر ما نسجل لتاعربات إصابته النموذجية في الوقت بدل الضائع، بقدر ما نسجل للمياغري حضوره الرائع في الدقيقة 67. و »رضات الوالدين« التي أنجته من إصابة ثانية بعد خروجه الزائد عن اللزوم (85). وماذا بعد؟ لاشيء!!