سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قصة علي نجاب، الضابط المغربي الذي أسر لمدة 25 سنة لدى ما يسميه هو بالجزاريو في تندوف .. حين كان حراس البوليساريو يطلقون على الأسرى المغاربة اسم الشلوحة
في هذه الحلقات سنحكي قصة الضابط المغربي علي نجاب، الذي كان رهن الأسر لدى البوليساريو لمدة 25 سنة، فبعد عدة لقاءات مباشرة مع هذا الضابط الطيار المتقاعد، روى لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» تفاصيل حياته منذ النشأة الأولى، دراسته الابتدائية بتازة والثانوية بالدار البيضاء والجامعية بفرنسا وأمريكا للتكوين في مجال الطيران، ويروي علي نجاب كذلك عن سيرته العملية في الجيش المغربي، وكيف سقط في يدي العدو بالصحراء المغربية، ويتذكر تفاصيل المعاناة والتعذيب الوحشي بمعتقلات تندوف لدى البوليساريو، ويكشف حقائق جديدة لأول مرة حول شخصيات عربية ومغربية، ومواقفهم المعادية للوحدة الترابية، كما يعطي وجهة نظره حول نزاع الصحراء المفتعل كمشارك في حرب الصحراء المغربية، ويتذكر أيضا هنا حين زار المنبهي مخيمات تندوف، كما هو الشأن لعلي المرابط الذي حاور عبد العزيز المراكشي بتندوف، ويتحدث عن أشياء أخرى كالمسيرة الخضراء، وجمعية ضحايا وأسرى الوحدة الترابية، وعن الإفراج عنه وكيفية الاستقبال بالمغرب. في إحدى المناسبات يتذكر علي نجاب أن احد ضباط المخابرات الجزائرية برتبة ملازم وكانوا ينادونه بالخليفة قال لمسؤول في البوليساريو «أن لديهم بالجزائر ما يفوق 400 أسير مغربي ويحتفظون بهم لاستغلال الأمر في عملية تبادل الأسرى ما بين الجزائر والمغرب الذي يحتفظ ب 106 أسير جزائري الذين تم أسرهم في معركة أمكالة»، وبالفعل لقد تم تبادل الأسرى مع 150 أسيرا مغربيا سنة 1987 يعرف علي نجاب بعد تطبيع العلاقات مابين المغرب والجزائر بعد لقاء جلالة الملك الراحل الحسن الثاني رحم الله والرئيس الجزائري الشاذلي بنجديد على الحدود قرب وجدة. أما بخصوص المعاناة اليومية للأسرى ،يتذكر الطيار الأسير لدى البولساريو لمدة ربع قرن: لقد كنا ملزمين بالاستيقاظ مع الفجر ويذهب بنا الحراس إلى أماكن بالمعسكر ونشرع في عملية الحفر بواسطة «الفأس والبالة» حتى نجمع كمية كبيرة من التراب ونجعلها على شكل جبل صغير، كمرحلة أولى ثم فيما بعد نقوم بإفراغ التراب من الداخل حتى يصبح على شكل مسبح صغير، ونصب فيها الماء حتى تمتلئ عن كل، وفي المرحلة الأخيرة نبدأ نحن الجنود الأسرى نسبح فيها بالرغم من انفنا وبأوامر من الحراس من أجل أن نعجن ذلك التراب بالماء بأقدامنا، حتى يصبح عجينا صالحا لصنع الطوب والياجور، وبعدها نبدأ عملية صنع الياجور والطوب ونضعه تحت أشعة الشمس كي يصبح جاهزا للبناء، وبعد نشرع في عملية البناء. فالحراس الذين كانوا يشرفون على هذا العمل الشاق شأنهم كشأن كل حراس المعسكر، كانوا مزودين بالصوت «الكرباج» و هو عبارة عن أربعة أو خمسة أسلاك كهربائية مفتولة بإحكام فيما بينها لتكون خيطا واحد رفيع المستوى، فهذا هو الجهاز الذي كان يتكلم الحراس به مع الأسرى المغاربة، والويل لمن لم ينفذ الأوامر الصادرة عنهم، فضلا عن حراس آخرين مسلحين بالكلاشنيكوف يحرسون كل هذا العمل اليومي الشاق عن بعد وفي أهبة تامة لإطلاق النار في أية لحظة لمن سولت له نفسه التمرد أو عدم الانصياع للأوامر أوالتحدي، أو القيام بأية محاولة فرار. لقد كانوا ينادوننا «بالشلوحة» ربما حسب علي نجاب تعني هذه الكلمة بالنسبة إليهم «أهل سوس» لأن الجزائريين كانت لهم عداوة كبيرة مع بعض القبائل السوسية التي هزمتها في احد المعارك ويكنون حقدا دفينا لها، لكن يستدرك علي نجاب ، فهذا غير مؤكد، لأننا لم نستطع أن نفهم لماذا هذه التسمية «الشلوحة» التي كانوا ينادوننا بها. وكان العمل ينتهي على الواحدة زوالا ويستأنف بعد الظهر، وهذا القسط من الراحة ليس عبارة عن شفقة وحنان تجاه الأسرى من طرف معذبيهم وجلاديهم، بل هو استراحة للحراس فقط ،لان الصحراويين لهم طبع خاص وهو لابد من شرب الشاي في وسط النهار، أما بالنسبة للأسرى فلا شاي ولا شئ، فعليهم أن يكتفوا ببضع ملعقات من العدس مع ربع من الخبز، أو حفنة من الأرز أو الشعرية وخمسة لترات من الماء يوميا، هذا الماء الذي كنا نغرفه من مطفية مليئة بالخنافس، أما فيما يتعلق بالدواء فهو شبه منعدم في الخمس عشرة سنة الأولى . أما بالنسبة للنظافة ،فقد كانت منعدمة تماما، فكنا لا نتوفر لا على صابون أو شفرات للحلاقة إلا إذا كان لقاء مع الصحافة، فكان المسؤولون على المعسكر يعملون على تهيئ بعض الضروريات لكي نكون نظيفين ونعطي صورة جميلة ورائعة عن البوليساريو الذي يأسرنا، وعلى أن هذا الأخير يوفر الشروط الضرورية والحسنة للأسرى.