تفاؤل مغاربة الخارج وثقتهم بالبلد تجاوزت تفاؤل مغاربة الداخل. هذه احدى الخلاصات التي توصلت اليها دراسة غير مسبوقة قام بها مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج. هذه الدراسة التي قام بها احد مكاتب استطلاع الرأي الفرنسية لصالح المجلس و مست الجيل الاول والثاني في البلدان الستة الأكثر أهمية بأوربا (فرنسا ، هولندا،بلجيكا،ألمانيا ، اسبانيا وايطاليا). أهميتها تتجلى في انها الاولى التي تصبو الى معرفة رأي مغاربة الخارج في العديد من المواضيع وبالبلدان الاساسية وهي مغامرة لعدم توفر احصاءات مدققة حول الجالية ، ولوجود احصاءات تقريبية أو غير شاملة سواء التي توفرها بلدان الاقامة أو البلد الاصلي المغرب عبر وزراة الخارجية. لكن اذا كانت هذه الدراسة الاولى مهمة فلا بد أن تليها دراسات أخرى لترسيخ هذا التقليد ولتوسيعه على بلدان أخرى للاقامة حتى تتكون صورة واضحة عن حاجيات الجالية المغربية المقيمة بالخارج وآمالها وتطلعاتها. اهم الخلاصات التي وصلت اليها الدراسة ان مغاربة الخارج اغلبيتهم تعيش سيرورة التجذر ببلد الاقامة حيث ان 78 في المائة منهم صرحوا انهم تجنسوا بجنسية بلدان الاستقبال، و 64 في المائة منهم يتكلمون بمنازلهم لغة بلد الاقامة (73 في المائة للجيل الثاني) أما على المستوى الاقتصادي فان نسبة المغاربة المقيمين بالخارج لهم ملك عقاري أو في طور حيازته باوربا أكبر منها بالمغرب، وهي كلها مؤشرات تدل على الاندماج الكبير ببلدان الاقامة، لكن رغم ذلك فان هذه الجالية تحافظ بقوة على روابط متعددة ومتينة مع الوطن الأم، ويبرز ذلك من خلال التزاوج في ما بينهم بنسبة 88 في المائة ومن خلال التردد المنتظم على المغرب أكثر من مرة في السنة وكذلك من خلال مساعدة العائلة المقيمة بالمغرب ومن خلال حيازة عقار بالبلد. لكن ما هو مثير هو التصور الايجابي لمغاربة الخارج وابنائهم عن المغرب اجمالا بنسبة 66 في المائة ،الا أن هذا التصور الايجابي لا ينفي مواقفهم النقدية للعديد من الاشياء بالمغرب تتعلق بالادارة على الخصوص. هذه الدراسة بينت كذلك الاختلاف في المواقف وفي الامال وفي الوضعية بين البلدان الستة التي جرت بها الدراسة والتي تستقر بها أهم الجاليات. ففي فرنسا مثلا فان الجيل الثاني متجذر ومندمج بفرنسا لكنه منجذب نحو المغرب في نفس الوقت.أما في هولندا فقد توصلت الدراسة الى مؤشرات عن التوتر، وجيل ثان في وضعية صعبة. أما الجالية بإيطاليا فهي تعيش اصعب ظروف العيش باوربا. هذا الاستطلاع الذي اعطى نظرة عن العديد من المعطيات التي تمس الجالية هو بادرة حسنة لابد من تكرارها حتى تتوفر صورة واضحة عن الجالية المغربية بالخارج وتطلعاتها حتى تكون القرارات المتخذة متلائمة مع تطلعات مغاربة الخارج.