إذا كان فوز «وداد» و«ياسين» من أبناء مدينة البهجة - مراكش بالنسخة الأخيرة من البرنامج التلفزيوني «لالة العروسة» قد خلق موضوعا هامشيا طويلا في منتديات «الكوورة المغربية» بين أنصار الوداد والرجاء والكوكب .. فيبدو أن النسبة المئوية المرتفعة جدا التي حققتها الحلقة الأخيرة من هذا البرنامج في موسمه الرابع 2009 والمتمثلة في 56.4 في المئة (أكثر من أربعة ملايين مشاهد)، حسب ما أصدرته «ماروك ميتري»، المؤسسة المختصة في استطلاع رأي المشاهدين المغاربة في هذا المجال، خلقت، أيضا، سعادة لا تضاهي لمنتجي« لالة العروسة» ونعني القناة الأولى وشركاءها المنفذين. فالرقم، بالرغم مما يقال عن الظروف التي أنتجته، يعد، حقيقة، سابقة على صعيد الحقل السمعي البصري الوطني، بالمقارنة مع ما تم تسجيله من طرف المؤسسة المذكورة الى حد الآن، أو قبل ذلك .. فالرقم تجاوز بكثير ما «حصدته » جميع نهايات «استوديو دوزيم»، ومنها النهاية الأخيرة (حوالي 36 في المئة) من نسبة المشاهدة. الرقم يعني أن أكثر من نصف المشاهين المغاربة ليلة الجمعة الماضية كانت عينهم على القناة الأولى، فيما الباقي توزع على القناة الثانية والقنوات الفضائية العربية والدولية .. الرقم يعني أن «دار لبريهي » تفوقت هذه المرة على «دار عين السبع»، خصوصا وأن «استوديو دوزيم»، في دورته الأخيرة، حاد عن الطريق، ولم يقنع، سواء على مستوى تركيبة لجنة تحكيمه التي كان يفتقد أغلب أعضائها ل «الطراوة» والسلاسة اللغوية.. دفعتهم دفعا للسباحة في العموميات والانطباعية، خلافا لما كان عليه الأمر قبلا، مثلا، مع الأستاذ الموسيقي غزير، حيث كانت الإفادة والاستفادة، أو سواء على مستوى الإفرازات، حيث عرفت مشاريع ولادة «نجوم» الغناء دورة 2009 نوعا من المحاباة،. وتم إقصاء العديد من الأصوات الجيدة خصوصا في مجال الأغنية المغربية العربية.. الرقم يشير إلى أن شيئا ما كان وراء الانشداد المغربي إلى البرنامج، والذي لا يعني بالضرورة أنه كان برنامجا ناجحا متكامل الأوصاف. غير أن هذا الانشداد قال في تفسيره وتحليل معطياته الأولية، العلمي الخلوقي، مدير الإنتاج والبرمجة بالقناة الأولى، وذلك في اتصال به ل «جس النبض»، أنه «يعود إلى ثلاثة عناصر: الأول نجاح المفهوم (الكونسيبت) الذي هو مغربي مئة بالمئة، وثانيا يرتبط بكون الزواج شيئ مقدس لدى المغاربة، ثم ثالثا ديكور البرنامج الذي رصدت له إمكانيات مادية كبيرة، بالإضافة إلى عنصر التنسيق بين قناتي القطب العمومي الأولى والثانية، الذي كان في صالح المشاهد المغربي حيث سمح ل «الأولى» بتقديم «لالة العروسة» مساءات الجمعة، وبث «استوديو دوزيم» في مساءات السبت بالنسبة للثانية .. وبالرغم من وجاهة هذا التحليل أو عكسة.. فإذا كان الرقم أعلاه قال ويقول أكثر من ذلك، فما الذي لم يقوله في هذه الدورة - كما في الدورات الثلاث السابقة، عندما قام بتنشيطه، على التوالي، كل من المهدي الوزاني، رشيد الوالي، عبد الله ديدان ونجاة الوافي - أن البرنامج مازال يعاني من التنشيط «الكارثي».. فتنشيط العدد الجديد من البرنامج - ونقصد الواجهة الرئيسية للبرنامج (لا فيترين)، وبعيدا عن مجموعة من السلبيات الأخرى - جاء متواضعا بكل المقاييس، وكان نشازا ومتناقضا مع ما وعد به الثنائي، خديجة أسد وسعد الله عزيز، الذي نكن له كامل الاحترام، عندما كنا نتابع تجربته في مسرح الثمانين وفي تجارب سينمائية وتلفزيونية درامية متعددة، حيث كانت بصمة المهنية والاحتراف لهما واضحة لا غبار عليها، كما هو الغبار الذي لف تجربتها التنشيطية هاته، إذ لم تسعفهما النجومية الدرامية في كسب ثقة أغلب المشاهدين .. فقد كانت «الكاريزما» التنشيطية غائبة تماما، والتهيئ الجيد «في خبر كان» وأسلوب الأداء السلس غير المتقطع كان يُبْحَثُ عنه في ركن المتغيبين، وملء البياض بما اتفق كان متسيدا بشكل مطلق، ناهيك عن أن المواصفات الصوتية المطلوبة في عنصر التنشيط، والتي تشكل خيط ربط أساسي لأجل شد الجمهور بالقلب والعقل معا، وليس بالنظر فقط للمادة الفنية.. و التلفزيونية.. كانت مفتقدة، حيث يقول العرف إذا كان التنشيط يخدم المادة التلفزيونية.. ففي حالتنا هذه، فالمادة التلفزيونية هي التي خدمت التنشيط... وهو ما يخلص إلى أن الاستعانة ب«رجال الدراما» في تنشيط برامج تلفزيونية.. تجربة أثبتت فشلها ليس عندنا فقط، بل في مختلف الفضاءات السمعية البصرية إلا في حالات نادرة ونادرة جدا... فالتنيشط التلفزيوني .. فن له معاييره وقواعده وله مواهبه أيضا التي لا يمكن القفز عليها.