في يوم واحد وقعت حرائق كثيرة، وبان أن النيران تلتهم الأرض كما تلتهم البيوت والمقاولات .. ففي مراكش اندلعت النيران بورش للبناء فوق أرض مدرسة دار البارود سابقا، قرب عرصة مولاي عبد السلام. والانفجار الذي صاحبه كان أول رد فعله هو الطوق الأمني والاستشعارات المتوجسة، لهذا لم يتوصل الناس بالخبر وتفاصيله، اللهم ما قاله عمال البناء لبعض الصحافيين. علي كل، نحن أمام احتراز واقعي ومفهوم في حالة النيران، لكنه يذكرنا إلى أي حد نكون أقرب إلى ردة الفعل الأمنية عوض التأمينية... وبعيدا عن مراكش، التهم حريق بسلا 20 هكتارا من غابة عكراش و100 هكتار من الأراضي الفلاحية المجاورة. الحريق، الذي شب حوالي الساعة11 و55 دقيقة، تمت السيطرة عليه بعد قرابة خمس ساعات، وتطلب تدخل عناصر القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والقوات المساعدة والوقاية المدنية والمياه والغابات، إلى جانب الساكنة المحلية، وذلك بحضور السلطات المحلية. وبالخميسات أتى حريق على 30 محلا صفيحيا بسوق للمتلاشيات، ولم تتم السيطرة عليه سوى بعد ساعات.. وفي كل تظل الأسباب مجهولة، أو يصدر بيان يقول بأن الجهات المختصة تجري البحث، وقليلا ما تعمم نتائج ذلك على عموم المواطنين ومكونات الرأي العام.. وقد استدعت توقعات المزيد من الحرائق اجتماعا لوزارة الداخلية، دعا إليه بنموسى كل الأطراف الأمنية المعنية، من المندوبية السامية للغابات إلى الجنيرال حسني بن سليمان، مرورا بالأجهزة الأخرى. وقد تبين من الاجتماع أن الحرائق في المغرب هذا الصيف قد تزيد عما كان عليه المغرب في السنة السابقة مثلا. أسباب الحريق المحتمل لخصتها تقارير الداخلية، في ارتفاع درجة الحرارة، غنى الغطاء النباتي لهذه السنة بسبب المحصول الفلاحي الجيد، وكثرة التحركات، وربما نسيت الداخلية الذين يحبون إشعال الحرائق. من حسن الحظ أن التقرير لم يشر إلى الانتخابات كمصدر للحرائق، وربما يعود ذلك الى أن الذين يحرقون فيها إما أنهم مسؤولون وإما أحزاب وإما نخب. وفي ذلك ليس للدولة ما تقوم به، حتى ولو صبت كل الماء على المحروقين.. وعلينا نحن في بلادنا أن نتأمل جيدا هذه العلاقة بين الماء والحرائق.. نحن الشعب الوحيد ربما الذي يستعمل الماء من أجل «الحريق»، أي الحريگ والحريگ عندنا لا يكون بدون ماء، بل محيطات من الماء.. ولعله صار علينا أن نفكر جيدا في تلك القولة التي تقول بأن «المطر في المغرب يحكم»، كما كان داهية الفرنسيين ليوطي يردد باستمرار حتى اقتنعنا نحن بهذه المسلمة وجعلناها المسلمة الوحيدة.. فالنار أيضا تحكم، كما في أمثلتنا، وفي الواقع الذي نراه. لم يعد مستعمر، حتى ولو كان من كبار العقول في العالم، يحدد لنا الطبيعة التي تحكمنا، ولهذا حققنا الاستقلال في هذا الأمر أيضا. وبذلك، فإن السنة اللهب لا تحرق الشجر والزرع والأفرشة وجدران القصدير، بل تلتهم أيضا البشر.. فالحريگ موجود في أينما حللت أو ارتحلت، وأنت تجد بالفعل من يقسم بأغلظ الايمان «والله حتى نحرگوا مع فلان أو مع المجموعة أو مع الاشقاء أو مع الرئيس أو مع المدير» .. وهي نيران لن يقضي عليها أي اجتماع مهما كان عاليا..