«باسم ضرورة الرفع من نسبة المشاركة، نغض الطرف عن بعض الممارسات، منها غض الطرف عن مستعملي المال العام، إذ أن العديد من الناخبين رهنوا مشاركتهم بالمال، وهم ليسوا فئة قليلة، بل هناك أحياء بكاملها، ومداشر ودواوير ظلت تنتظر الى حين مجيء سماسرة الانتخابات، واختارت من يدفع أكثر، إذ نجد أن نسبة المشاركة ترتفع في الساعات الأخيرة ليس بسبب الحرارة أو الطقس، بل لاستخلاص المقابل» هذه نقطة واحدة من النقاط العديدة التي رصدها أحمد الزيدي ضمن الشوائب التي عرفتها الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة. وأضاف رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب في مداخلته في اجتماع لجنة الداخلية واللامركزية يوم الأربعاء الماضي، والذي حضره شكيب بنموسى وزير الداخلية، حيث امتد هذا الاجتماع إلى صبيحة يوم الخميس الماضي، أن من ضمن سلسلة الشوائب : السماح لعدد من أصحاب السوابق، ولعدد من المشتبه فيهم وفي مصادر ثرواتهم من المتورطين في جرائم مالية، وفي التدليس الانتخابي بالترشح، والعديد من الحالات كانت ستكون مناسبة انتخابهم فرصة لإلغاء القبض عليهم بدل أن نجدهم ينسلون الى رئاسة مجالس جماعية أو الى عضوية المكاتب. وشدد الزيدي على أنه كان من شأن إعمال القانون ومبدأ عدم الإفلات من العقاب أن يشكل رسالة في عدة اتجاهات، أي في اتجاه هؤلاء المفسدين الذين ينشرون ثقافة الإفساد وآلياته، وفي اتجاه المواطنين والرأي العام، الذي كان سيتشجع وهو يرى القانون يطبق في حق المفسدين. ومن ثمة رأى أن الاستمرار في التساهل مع لوبيات الفساد والإفساد الانتخابي لن يقود إلا الى إفراغ المؤسسات المنتخبة من النخب ومن الكفاءات ومن ذوي الرساميل الرمزية ومن يجرون وراءهم تاريخا من التراكم السياسي والفكري والثقافي والايديولوجي والقيمي. وخاطب رئيس الفريق الاشتراكي في مداخلته أعضاء لجنة الداخلية، مؤكدا على أنه إن لم يتم القصاص وفق القانون وعلى يد القضاء من المفسدين، فإنهم سيشكلون القوى الأولى والأساسية في المجتمع مع ما سيترتب عن ذلك من انعكاسات على الممارسة السياسية وعلى صورة البلاد وعلى العقليات التي سيدخل المغرب بها عالم المنافسة في القرن 21 . وتساءل هل الأمر يتعلق بالنقص في القوانين فعلا أم أن هناك أشياء أخرى. وفي إطار رصد الشوائب والسلبيات في هذا الاستحقاق، وقف الزيدي على توظيف وسائل وإمكانيات الدولة في الحملات الانتخابية، فلم يعد الامر محصورا، يقول، على السيارات العمومية والخيام والفضاءات،بل تعداه الى وسائل إغراء لا يصمد أمامها إلا ذوو عزة نفس ومبادئ وقيم، إذ تم توظيف مشاريع الدولة كالأراضي التي تمت تعبئتها من أجل التعمير خاصة مع السماسرة والناخبين الكبار لشراء الذمم، ثم توظيف الامتيازات والترخيصات بتواريخ سابقة، والوعود بترخيصات لاحقة. كما أوضح إن الاعلام العمومي تقاعس عن تطوير ادائه في مواكبة الانتخابات حيث بقي تعامل الاعلام العمومي المرئي والمسموع كلاسيكيا من خلال بث وصلات إعلانية نمطية لا تغري بالمتابعة والمشاهدة. وعني بذلك سياسة القطاع و ليس العاملين. إذ تم اختزال دور هذا القطاع في تقسيم الزمن وتحديد الحصص المحددة للتشكيلات السياسية وتم تغييب النقاش السياسي والبرنامجي ، والاشكالات الاساسية المرتبطة بالشأن المحلي وضرورة تخليقه. وتساءل في هذا الباب أليس من الخطأ المساواة بين 33 حزبا سياسيا، بين أحزاب لا وجود لها إلا في أشخاص يصنفون في خانة زعماء مغمورين. وبين أحزاب حاملة لمشاريع ولأفكار. وبخصوص الحملة الانتخابية والاقتراع والنتائج، أشار رئيس الفريق الاشتراكي إلى أنه تم الإحساس في بعض اللحظات أننا أصبحنا أمام سوق نخاسة، إذ كادت السلطات أن تصبح متجاوزة في المناطق بفعل قوة المال وأصحابه ومصادره، كل ذلك معروف، لكن الأخطر هو أن السلطة ظلت في عدد من الأقاليم تقف موقف الحياد السلبي، سواء زمام توزيع المال وشراء الذمم واحتجاز بطائق الناخبين والدعاية في يوم الاقتراع، بالاضافة الى الاحتماء بقوة المال والنفوذ. واعتبرأن أي تساهل في المستقبل مع لوبيات الفساد وتسللها، وتسلل تجار المحرمات الى المؤسسات من شأنه أن يفرغ الديمقراطية المغربية ويفرغ المؤسسات من الكفاءات، ويجعل البلاد رهينة المفسدين، فالفساد والمال الحرام هو الفساد الذي يهدد استقرار هذه البلاد، ويلطخ سمعتها ويزرع اليأس..