يبدو أن قصة الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو لن تنته بإسدال الستار، إذ ما تزال تداعياتها ترخي بظلالها على الحياة العامة بأكثر من منطقة بإقليمخنيفرة، وهكذا عاشت منطقة آيت باجي خلال الأيام الأخيرة، أي ما بعد يوم الاقتراع، رعبا حقيقيا من صنع عصابة مرشح السنبلة (سمسار في سوق البهائم) الذي لم يقبل بانهزامه في الانتخابات فلجأ إلى ترويع المواطنين بنية الانتقام، والبداية من عملية هجوم رهيب على عدد من السكان بالحجارة، أصيب إثره شخصا مسنا، يبلغ من العمر حوالي 60 سنة، على مستوى صدره ووجهه، بينما عمد المهاجمون إلى التنكيل بنجل لهذا المواطن بطريقة همجية تسببوا له من خلالها في كسر على مستوى الجمجمة، وقد نقل بسبب ذلك إلى أحد مستشفيات مكناس في حالة خطيرة حيث ظل تحت العناية المركزة، ولم يقف المهاجمون عند هذا الحد بل تجاوزوه إلى تكوين عصابة من الأنصار والأبناء لمهاجمة عدد آخر من السكان وهذه المرة بدحرجة الأشجار والأحجار من تلة عالية بهدف تدمير المساكن على طريقة ما يشاهده الناس على أفلام الهنود الحمر، وموازاة مع ذلك لم يتوقف المهاجمون عن ترديد عبارات مخلة بالحياء في حق الرجال والنساء. مصادر متطابقة من عين المكان أكدت أن تفاصيل الحادث بلغت إلى علم مصالح الدرك والسلطة المحلية غير أن منطق التجاهل ظل سيدا للموقف، وزادت ذات المصادر فأفادت أن عون سلطة (مقدم) عاين الأمر واختار موقف التحفظ وعدم الإعلان عن هوية المهاجمين الذين قادهم مرشح السنبلة، مما شجع هؤلاء على المضي قدما في سلوكياتهم الرهيبة، علما أنهم عمدوا في وقت سابق إلى مطاردة مجموعة من الرعاة لغاية استعراض العضلات، وفي السياق ذاته قاموا خلال الحملة بإطلاق أعيرة نارية من بنادق صيد، ولم يفتهم التهديد بإحراق المحاصيل الزراعية التي تم حصدها ما لم يتم التصويت لمرشحهم، وكم كان خوف السكان قويا من تنفيذ المهاجمين لتهديداتهم على ضوء «سيرتهم»، وربما لم ينته الحديث عن تورط أحدهم ذات يوم في جريمة قتل شقيقه حتى استيقظ الجميع على حادث جريمة ثانية مفادها أن آخر كان قد رمى بطفل صغير لأهداف انتقامية. ويشار إلى أن بعض المهاجمين المذكورين لم يتوقفوا خلال الحملة الانتخابية عن تهديد الرافضين لنصرة مرشح السنبلة بالقول إنهم سينتزعون منهم أراضيهم بدعوى أن هذه الأراضي ما تزال ملكا لأمهروق، وسيتم وضع حدود جديدة عليها، ذلك رغم أن أمهروق باع هذه الأراضي منذ سنوات خلت، ويوم الاقتراع سجل الجميع كيف تجرأ بعض المهاجمين على الدخول مع رئيس مكتب التصويت في مشادة كلامية عندما تمسك هذا الأخير بتطبيق القانون ورفض السماح لشخص مشبوه بالتصويت لعدم توفره على الشروط القانونية. ومن تغسالين، إقليمخنيفرة أيضا، وبينما سبق لجريدتنا أن أشارت لواقعة اعتداء عاشتها بلدة تغسالين، إقليمخنيفرة، وتتحدث حول إقدام بعض أنصار مرشح بالدائرة الرابعة على اعتراض سبيل أنصار مرشح آخر، عندما كانوا، حسب قولهم، في طريقهم ليلا لزيارة طفلة وقعت جريحة في حادثة سير، وعمد المهاجمون، إلى الاعتداء عليهم بالهراوات، مما سبب لأحد ضحاياهم في كسور بليغة على مستوى يده، وآخر نقل في حالة حرجة إلى المستشفى الإقليمي حيث تلقى العلاجات الضرورية، وكان قد زاد المشتكون فقالوا إن السلطة لم تقم بما يلزم من الإجراءات القانونية بدعوى أن المرشح من العناصر المعروفة بانتمائها لهيئة «المينورسو»، وبمجرد نشرنا للواقعة تقدم المعني بالأمر، رشيد ناصري، لجريدتنا بقلب مفتوح حيث فند مزاعم من سبقت الإشارة إليهم كضحايا، ومتأسفا على إقحامهم لعمله ب «المينورسو» التي كان من الأخلاق ألا يتم إدخالها في شجار انتخابوي. وقال بأن الحكاية وراءها خطة أطراف معروفة جدا، وانطلاقا مما علق عليه ب«اضْرَبْني وابْكا واسْبَقني واشْكا»، قال إن من اعتبروا أنفسهم ضحايا هم المعتدون في الحقيقة، قبل أن يسلمنا نسخة من شكايتين تم التقدم بهما لدى وكيل الملك بابتدائية خنيفرة، مفاد أولاها أن المعتدين هاجموا زوجة قريب له بالحجارة في بيتها، مما أدى إلى كسر بعض نوافذ المنزل وأجزاء من سيارة شقيقه، بينما لم تسلم ضحية الهجوم (ع. العزيزة) من رعب نفسي ونزيف داخلي حيث كانت حامل في شهرها الثالث، وتسلمت نتيجة ذلك شهادة طبية تثبت مدة عجزها في 22 يوما، كما أضاف المعني بالأمر أن صهرة الضحية أصيبت بحالة إغماء بسبب معاناتها من مرض السكري، وقال بأن الأمر بلغ إلى علم السلطة ولم تحرك ساكنا، علما أن الحادث وقع أمام مرأى من عدة شهود، أما الشكاية الثانية فيفيد فيها المدعو س. بن لحسن أن المعتدين عمدوا إلى إغلاق الطريق في وجهه، وهو وقتها برفقة مشغله بإحدى الضيعات، وأقدموا على الاعتداء عليهما ضربا ولكما قبل أن يستعمل أحدهم سكينا في طعن المشتكي على مستوى جبهته، وقد أسفر الاعتداء عن إصابة المعتدى عليهما بجروح ورضوض تسلما على إثرها شهادات طبية، وأضاف المشتكي س. بن لحسن أن المعتدين هددوه بالعمل على اختطاف أبنائه. أما بجماعة تانوردي، ضواحي بومية، إقليمخنيفرة، فلم يتوقف حديث الرأي العام المحلي عن المصير الذي آلت إليه فضيحة تورط أربعة أعوان سلطة (مقدمان وشيخان) في «سمسرة انتخابية»، حين عمدوا إلى حمل أربعة أكباش إلى أهالي قبيلة آيت بن علا حيث حاولوا ذبح هذه الأكباش في إطار ما يسمى في الثقافة الشعبية ب«رمي العار» للضغط على السكان من أجل الدفع بعنصرين فازا في الانتخابات إلى الانضمام إلى صف منتخب من حزب جديد يسعى إلى رئاسة الجماعة، وأمام هذه المهزلة الغريبة والخطيرة في ذات الوقت، والتي لم يكشف عن هوية محركها الأساسي، قامت عناصر من السلطة المحلية والدرك بالتحقيق مع أعوان السلطة الأربعة ليظل هؤلاء طلقاء دونما محاكمة أو معاقبة، وإلى حدود الساعة لا تزال القضية عالقة دونما اتخاذ ما ينبغي من الإجراءات المسطرة في قانون الانتخابات وفي التعليمات التي تجبر السلطة وأعوانها على الالتزام بالحياد، فقط وحدها الأكباش التي تم اقتيادها إلى المحجز بدل المتورطين الأساسيين والأطراف التي جمعتهم من قبائل آيت يحيى وعلي وآيت سعيد وداود وآيت إبراهيم وكونت منهم حلفا للقيام بمهمة مغرقة في الخروقات الانتخابية. وبخنيفرة حاضرة الإقليم، عاشت بلدية المدينة لحظات استثنائية يوم انتخاب الرئيس (حزب الزيتونة في شخص حميد البابور -صيدلي)، حيث تم تدشين المجلس الجديد بمعركة حامية الوطيس، وتمت فيها عملية اعتداء على منتخب من حزب النخلة على يد عناصر من ذات الحزب بعد اتهامه ب«الخيانة» لكونه انضم يوم تشكيل المكتب لحزب السنبلة، وهو ابن المنسق الإقليمي لحزب النخلة، غير أنه غير رأيه في آخر لحظة، مما حمل أبناء جلدته السياسية إلى التنكيل به بمعية عناصر من حزب الحمامة الذي كان يراهن على تحالف مع حزب النخلة، وقد تسلم شهادة طبية تثبت مدة عجزه في 23 يوما، وقال إن المعتدين انتقلوا إلى بيته وقاموا بهجوم عليه مما نتجت عنه خسائر في الأبواب وأضرار نفسية للعائلة، أما بداخل القاعة فيصعب على أي معلق وضع نص مناسب حول ما جرى من «شوهة» ملؤها الشتم والسب والمشاجرة والقذف، والمفردات المشتقة من تحت الحزام، وتبادل الاتهامات بعبارات «الشفار» و«الحمار» و«السلكوط» وأخرى يخجل المرء عن ذكرها، وفي إحدى اللحظات كان بديهيا أن يصاب ممثل السلطة المحلية بنوبة عصبية حملته إلى الوقوف فوق كرسي والأخذ في الصراخ من أجل تهدئة الوضع الذي حول المكان إلى ما يشبه «جوطية» بحي شعبي، سيما في ما «جرته» شبكة اللائحة من أصناف، وكم كانت المهزلة أكبر مما قد يتصوره العقل عندما أخذت بعض الأطراف من حزبي النخلة والحمامة في إشهار المصاحف القرآنية بالقول إنهم حلفوا جميعا على ألا يخون بعضهم البعض، وألا يخدع أحدهما الآخر، إلا ان المفاجأة المثيرة للسخط كانت في قبول عنصرين من هذين الحزبين (المحلفين على كتاب الله) بأن يشاركوا في المكتب المسير، وبذلك يكون المجلس من دون معارضة، إذا لم تكن هي الشارع، هذا الشارع الذي فتح متابعته لأحوال المجلس الجديد بفصول التحقيق الأمني مع أحد نواب الرئيس الجديد في إطار تفعيل مقتضيات التصنت على الهواتف الشخصية للمستشارين الجماعيين في قضايا الفساد الانتخابي، ولم يفت الشارع الخنيفري على هذا الصعيد مطالبة الجهات المكلفة بالتحقيق بتوسيع العملية لتشمل جميع المتورطين في مظاهر شراء الذمم وتوزيع المال الحرام على طول أيام الحملة الانتخابية. ومن بين ما سجله المراقبون للانتخابات الجماعية سقوط كائن بحزب الفرس بجماعة أم الربيع، إقليمخنيفرة، وهو رئيس سابق فات أن عزلته وزارة الداخلية نتيجة تورطه في سلسلة من مظاهر الفساد والتجاوزات والجرائم المالية والمشاريع الوهمية التي كشفت عنها الجريدة الرسمية، وعوض أن يستحي الرجل عمد إلى دخول الانتخابات من جديد وتهريب بعض أنصاره ممن تفككوا في آخر ساعة وتم قطع الطريق بينه وبين مقعد الرئاسة، أما بحد بوحسوسن فقد قبل منتخبو حزب الوردة بالتحالف مع مرشحي حزب المصباح لغاية إسقاط معمر انتخابي من حزب السنبلة قالوا بأنه ظل متحكما ومستوطنا دواليب الجماعة لعدة سنوات، إلا أن ما يصعب التعليق عليه هو ما حدث بميدلت في تحالف منتخبي حزب المصباح بمنتخبي حزب التراكتور للإطاحة بالرئيس السابق المنتمي لحزب الميزان رغم حصده ل 14 مقعدا مقابل 15 للمتحالفين ضده، وبدون شك تبقى حالة بلدية مريرت من الحالات الكاريكاتورية بامتياز في فوز مرشح السنبلة ب 24 مقعدا مما أثار دهشته هو نفسه، وبما أن لائحته لم تحمل إلا من هب ودب فقد وجد صعوبة كبيرة في تشكيل مكتب المجلس من هؤلاء الذين لم يكن في اعتقادهم يوما أنهم سيكونون أعضاء بالمجلس البلدي، ومن مريرت إلى سيدي حساين التي لم تجد تفسيرا منطقيا لحالة الرئيس الذي أسندت له الأمور بالجماعة رغم الطعون التي قدمت ضده وهو يتقدم للانتخابات الجماعية، حيث أنه محكوم بعقوبة حبسية من أجل جنحة استغلال حالة محجور عليه للحصول على التزام يمس ذمته المالية والتزوير في محرر عرفي طبقا للفصول 552 و358 من القانون الجنائي مدتها سنة حبسا نافذا (حصلنا على قرار عدد 7882 /06 في الملف عدد 1953 / 06)، وأن المعني بالأمر قضى هاته المحكومية كما يتجلى من القرار عدد 7985 / 06 في الملف عدد 4767 / 06 وقرار المجلس الأعلى عدد 901 - 4، ورغم ذلك نجح في الانتخابات والرئاسة معا،...إنها فعلا ديمقراطية تستحق لقب ثامن عجائب الدنيا.