لم يكن رموز الفساد والإقطاع بمنطقة لهري المجاهدة، إقليمخنيفرة، يتوقعون أن تحمل نتائج الانتخابات الجماعية الأخيرة نصف مجموع الدوائر المكونة للجماعة القروية، حيث منح سكان المنطقة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 7 مقاعد، وواحد لحليفه حزب التقدم والاشتراكية، من أصل 15 مقعدا، بينما تمكنت باقي الألوان من الالتحام في تحالف واحد تقوده إحدى البرلمانيات المعروفات، وغاية هذا التحالف الوقوف، بتواطؤ مكشوف مع السلطة الإقليمية والمحلية، في وجه المد الديمقراطي الذي قادت تجربته الاتحادية بالجماعة القروية إلى تحقيق التعاقد المبرم مع السكان على أساس من التواصل الدائم والتدبير المتوازن والبرامج التنموية المترجمة إلى مبادرات ملموسة لصيقة بالحزب على الإقصاء والتهميش، ومن خلال هذه التجربة، التي قادها الأخ مصطفى منصور، كان «شرفاء» أهل جماعة لهري المجاهدة في الموعد يوم الحسم لإنصاف مناضلي حزب الوردة رغم كيد الخصوم والمفسدين وأقطاب المصالح وشراء الذمم الذين أرادوا العودة ب»حليمة» إلى عادتها القديمة، كما يقول المثل العربي القديم. الاتحاديون السبعة وحليفهم اختاروا الفرار من أجواء المساومة والضغوط نحو خنيفرةالمدينة للاحتماء بمقر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ولم يكن في اعتقادهم أن بعض العناصر الأمنية ستدخل على الخط لرصد تحركاتهم بأساليب من الترهيب والتخويف، ذلك قبل إقدام قائد أگلمام- لهري على التوجه نحو بيت مناضل /منتخب حزب التقدم والاشتراكية، حيث عمد بطريقة من الشطط إلى إرهاب زوجة هذا الأخير بالقول إذا لم يظهر زوجها خلال 24 ساعة سيتم اختطافه واعتقاله، وفي هذا الصدد، أفادت مصادرنا أن «مغامرة» صاحبنا القائد جاءت تنفيذا لتعليمات عمودية في محاولة فاشلة لتفكيك التحالف الخارج عن طاعة اللوبي الذي تحميه الجهات التي صدرت عنها التعليمات، ولم يعثر أي من المعلقين على أدنى تفسير لقيام مسؤول إقليمي باستدعاء الاتحاديين الفائزين بلهري من أجل «التفاوض»، وفي الوقت ذاته شوهدت «البرلمانية ذات السنبلة» وهي مرفوقة بأفراد من المخازنية في مهمة مشبوهة ليس من المستبعد أن تكون في إطار الضغط على بعض المنتخبين لأجل إمكانية تكوين مكتب جماعة على مقاس رغبة الجهات المسؤولة التي تسعى بشكل مفضوح إلى «سَنْبَلَة» الإقليم. ومن البديهي أن تتساءل مكونات الصف الديمقراطي حول سبب صمت السلطات حيال «البرلمانية» التي قامت بتهريب الموالين إليها نحو مكان لا تعلمه إلا «العيون التي لا تنام»، ولم تقع أي حالة استنفار أو تخويف أو مراقبة، ومن حق مناضلي التحالف الديمقراطي المعتصم حاليا بمقر الاتحاد الاشتراكي بخنيفرة أن يحمل كامل المسؤولية للسلطات الإقليمية والمحلية في حالة ما إذا أصيب أي فرد من أسرهم بسوء أو انتقام، وقد قرروا مواصلة اعتصامهم إلى يوم الاثنين المقبل الذي تقرر فيه انتخاب رئيس الجماعة وتشكيل المكتب، ولم يستبعد أحد الاتحاديين المعتصمين التلويح باستقالة جماعية إذا لم ترفع «رموز الضغط» سيفها عن عنق الاختيار الديمقراطي، فيما حذر آخر من دخول المنطقة إلى دائرة التوتر في حال ما لم يتراجع المتواطئون إلى حدود حيادهم المطلوب. ويشار إلى أن مرشحي الوردة عاشوا حملة مريرة جراء مضايقات واستفزازات لوبيات النفوذ والمال خارج تغطية القوانين التي كان عليها أن تتعامل مع الوقائع بالصرامة الضرورية، وإلا كيف يمكن تفسير صمت السلطات إزاء استفزازات النائبة البرلمانية للأخ مصطفى منصور وتهديدها إياه بالقضاء عن طريق اتهامات مشبوهة لا هدف من ورائها غير التشويش على النشاط الاتحادي بالمنطقة، بل كيف يمكن تفسير الصمت المفضوح الذي تم التعامل به حيال مقدم دائرة تاداوت أمجو وهو يشارك في الحملة الانتخابية بالمكشوف لفائدة ابنه المرشح بالدائرة 13، والذي «سقط في الامتحان» يوم الاقتراع بفضل إرادة المواطن التي لم تقبل بشطحات الرجل، شأنه شأن شيخ آيت لحسن الذي لم يتوقف عن مساندة شقيقه المرشح بالدائرة 10، وهذا فاز باستعمال الخروقات التي ظل «حراس القانون» يتفرجون عليها دونما مساءلة أو محاسبة، تماما كما ظلوا يتفرجون على أنصار مرشحة السنبلة يوم التصويت، وهم يرتدون أقمصة عليها رمز حزبهم، ويجبرون الناخبين على التصويت على مرشحتهم، ولم يفت المراقبين الإعراب عن استغرابهم حيال لغز استدعاء المنتخبين ليومه الخميس من أجل تشكيل مكاتب الجماعات باستثناء جماعة لهري التي تم تمطيط دورها إلى يوم الاثنين المقبل، ولم يستبعد المراقبون أن يكون الأمر يجري بنية مبيتة لغاية إعطاء المزيد من الوقت للتحالف المصلحي الذي ارتبكت حساباته السياسية أمام فوز التحالف الديمقراطي. يذكر أن «لهري» هي أرض المعركة التي ما تزال خالدة في ذاكرة المقاومة الشعبية المغربية، والتي دفعت بالسلطات الاستعمارية الفرنسية إلى اعتبار هزيمتها فيها من «أفظع الهزائم التي لم تشهد لها فرنسا مثيلا على مستوى شمال إفريقيا»، حسبما رواه الجنرال كيوم في أحد مؤلفاته، أو المقيم العام ليوطي الذي وصفها ب»الضربة القاصمة» و»السد المنيع»، إذ بعد أشهر من بسط الجيوش الفرنسية لنفوذها على مدينة خنيفرة، لم تتوقع أن تتكبد كل تلك الخسائر في الأرواح والعتاد بمعركة لهري، حيث سقط أكثر من 680 قتيلا، بينهم 33 ضابطا، وقائدهم الكولونيل لافيردور، علاوة على مئات الجرحى، وهي الهزيمة التي لم تستطع السلطات الفرنسية إذاعتها عبر وسائل الإعلام خوفا من غضب الشارع الفرنسي، ومن تقهقر في معنويات الجيوش الفرنسية المشاركة آنذاك في الحرب العالمية، وإذا كان هناك من منطقة «خرجت من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» فهي لهري في هذه اللحظات. وبجماعة أم الربيع، إقليمخنيفرة دائما لم يكن أحد يتوقع أن يفوز الرئيس/ «مرشح الفرس» الذي سبق أن عزلته وزارة الداخلية نتيجة تورطه في سلسلة من مظاهر الفساد والتجاوزات والمشاريع الوهمية والجرائم المالية التي كشفت عنها الجريدة الرسمية، وربما كان الجميع، من جهة أخرى، يتوقع فوزه من خلال مراهنته على سلطة المال والنفوذ و»خريطة الطريق» التي وضعتها له أجهزة الاحتراف الانتخابي، وليس غريبا أن يعمد، أمام مرأى من السلطات المحلية، إلى تهريب عدد من المنتخبين ل»تعليفهم» في أفق تشكيل مكتب الجماعة برئاسته، والجميع بالمنطقة يتساءل حول حقيقة الظروف التي تم عزله فيها من طرف وزارة شكيب بنموسى ولم تتم إحالته على القضاء ليعود إلى الجماعة من النافذة الضيقة. ومن إيتزر، إقليمخنيفرة، أصدر الاتحاديون بيانا موجها إلى الرأي العام، سجلوا فيه ما شاب العملية الانتخابية لاقتراع 12 يونيو من خروقات وتجاوزات مفضوحة من قبيل تواطؤ عناصر السلطة المحلية، (في مقدمتهم القائد وأعوانه)، مع المفسدين الذين عملوا على إفساد العملية الانتخابية برمتها عبر استعمال المال والنفوذ وشراء الذمم، واستعمال الهواتف النقالة داخل المعازل لتصوير العلامة التي تم وضعها على الرمز الانتخابي بورقة التصويت لغاية تأكيد الفعل لصاحب الرمز والحصول منه على المقابل المادي المتفق عليه، ولم يفت البيان الاتحادي الإشارة إلى الغياب التام للسلطات المحلية أمام مكاتب التصويت، الأمر الذي جعل الحملة الانتخابية للمفسدين تستمر حتى وقت إغلاق مكاتب التصويت أمام تجاهل ومباركة السلطات المحلية التي تم إخطارها بهذه الخروقات دونما جدوى، كما استنكر الاتحاديون بإيتزر مخطط الشكاوي الوهمية التي ظل المفسدون يرفعونها من حين لآخر ضد المناضلين الاتحاديين والتقدميين الديمقراطيين من باب التشويش والمناورة، وفي ختام البيان طالب الاتحاديون بإيفاد لجنة نزيهة ومحايدة لتقصي الحقائق، وبإلغاء نتائج الانتخابات بالدوائر 1، 2، 5، و6، حيث سجلت مجموعة من الشبهات.