جاءت رسالة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما إلى جلالة الملك لتؤكد التزام الإدارة الأمريكيةالجديدة بإيجاد «حل يحظى بالقبول المتبادل» و«يستجيب لحاجيات السكان في ما يخص الحكامة الشفافة والثقة في دولة الحق والقانون وإدارة عادلة ومنصفة»، لتضع حدا للترقب الذي ساد المنطقة منذ انتخاب حاكم البيت الأبيض الجديد، الذي أبدى أكثر من مرة رغبته في معالجة مختلف أسباب التوتر التي تعرفها مناطق عديدة في العالم وفق منظور ورؤية جديدتين قصد استتباب الأمن والسلام، كما أنها وضعت حدا لأسلوب «المضاربة الإعلامية» الذي نهجته بعض الأطراف المعادية للوحدة الترابية المغربية، التي ادعت أن تغييرا ب 180 درجة سيحصل في تعاطي واشنطن مع نزاع الصحراء، معبرة بذلك عن أماني أكثر منها معطيات على أرض الواقع. وكان الرئيس الأمريكي قد بعث إلى جلالة الملك رسالة أكدت تقدير الإدارة الأمريكية للدور الهام الذي يلعبه المغرب من أجل استتباب الأمن والاستقرار بالمنطقة والسلام بالشرق الأوسط، معتبرا أن جلالة الملك بصفته رئيسا للجنة القدس بإمكانه المساهمة في تحقيق هذه الأهداف المشتركة. وبخصوص النزاع المفتعل بالصحراء المغربية، قال أوباما «إنني أدرك الأهمية التي تكتسيها قضية الصحراء الغربية بالنسبة لكم، ولمملكتكم ولجميع السكان الذين عانوا بسبب هذا النزاع»، مضيفا «أن المفاوضات التي تجري تحت إشراف الأممالمتحدة تشكل الإطار الملائم الذي من شأنه أن يفضي إلى حل يحظى بالقبول المتبادل»، معلنا التزام واشنطن بالعمل «من أجل التوصل إلى حل يستجيب لحاجيات السكان في ما يخص الحكامة الشفافة والثقة في دولة الحق والقانون وإدارة عادلة ومنصفة»، كما أشاد أوباما بالمبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء كريستوفر روس، الذي وصفه ب«الدبلوماسي المحنك الذي يتوفر على تجربة واسعة بالمنطقة» وقدرته على «تعزيز حوار بناء بين الأطراف». ويأتي تشديد أوباما على أهمية المفاوضات والحوار للتوصل إلى حل يحظى بالقبول المتبادل، ليرد على استفزازات الطرف الأخر وتلويحه غير ما مرة بالحرب، وانعدام جديته في التعاطي مع المفاوضات التي ترعاها الأممالمتحدة . كما تأتي تأكيدات أوباما على التزام واشنطن بالعمل سويا مع الأطراف المعنية من أجل حل سلمي متوافق عليه للنزاع، بعد الجولة الثانية التي قام بها روس إلى المنطقة إعدادا لإجراء «محادثات مصغرة وغير رسمية»، تنفيذا لقرار مجلس الأمن 1871 ، وذلك للتمهيد لجولة خامسة من مفاوضات مانهاست، وهي المقاربة التي اقترحها المبعوث الشخصي كحل أخير بعد المأزق الذي آلت إليه المفاوضات . ومن المتوقع، حسب مصادر متطابقة أن تحتضن العاصمة النمساوية أواخر الشهر الجاري هذه المحادثات . وهكذا يمكن اعتبار التزام أوباما الصريح بدعم هذا التوجه، كسبيل للتوصل إلى الحل السياسي المتوافق عليه، وهو الأول الذي يصدر رسميا عن رئيس أمريكي، ليحضر الشروط الضرورية لنجاح جهود المبعوث الشخصي، وليضع الجميع أمام مسؤولياته تجاه المنتظم الدولي والأممالمتحدة، بعيدا عن منطق التسويف والهروب إلى الأمام الذي ظل الطرف الآخر ينهجه في تعاطيه مع النزاع المفتعل بعد أن حوله إلى رأسمال سياسي يضمن امتيازات مالية ودبلوماسية لأقلية على حساب معاناة محتجزي تندوف . وقد كان لافتا للنظر، أن رسالة أوباما إلى جلالة الملك، التي حظيت باهتمام إعلامي في العديد من الدول، لم تجد لها صدى لدى إعلام البوليساريو والجزائر، مما يؤكد أنها جاءت عكس ما كانت تشتهيه رياحها .