مرة أخرى يحفر «ستوديو دوزيم » المسافة أكثر بينه وبين عموم المغاربة، الذين لا يمكن أن يضحك عليهم بأرقام لا تشرفهم وبنتائج لا علاقة لها بواقع طبيعة الذوق الفني لهم.. لقد حولت بعض «الحسابات الضيقة» سهرة يوم السبت الأخير، التي كانت «مباشرة» ( كان هناك ديكالاج زمني في الحقيقة مدته 3 دقائق، من أجل فسح إمكانية التدخل لوقف أي تطور مفاجئ)، إلى ملهاة حقيقية، ضحك منها المغاربة الذين لا يزالون يتابعون هذه المسابقة. ذلك أن نسبة المتابعة ضعيفة هذه السنة، إذا ما تمت مقارنتها بالدورات السابقة، ولا بد من انتظار نتائج مؤسسة «ماروك ميتري» الدقيقة للتأكد من ذلك. والذين يتابعونها، في قناة دوزيم التي يدفع المغاربة ضريبة عنها مع كل فاتورة كهرباء، إضافة إلى الميزانية التي تخصص لها من قبل الدولة، وهي الميزانية القادمة من دافعي الضرائب المغاربة، يتابعونها بأسف، وبالإستخفاف من المستوى البارد والضحل لفقراتها. مثلا، من فهم قط ما تقوله مغنية مثل «نادية أيوب»، وما الذي تفيد به كلماتها المتنافسين، وأي دور لها في الدفاع عن الرقي بالأغنية المغربية التي تمثلها في تلك اللجنة (هناك إحساس كما لو أنها تغار من كل صوت جميل، وتتعامل معه بعنف غير مبرر، لا علاقة له بواجب النصيحة والتوجيه التربوي السليم كما كان الحال مع الأساتذة غزير، العلوي أو الحاج يونس )؟!. ولعل الشخص الذي يحس الناس أنه في ورطة، لأنه فنان حقيقي ومحترم، هو « مالك »، الذي بطارياته باردة هذه الدورة. وكما يقول المغاربة «إذا ظهر المعنى، لا فائدة في التكرار»، فإن الشباب الذين يغنون الغربي أكثر قيمة بعد هذه الحلقة من الذين يحسبون على الأغنية العربية والمغربية. مثلا، الشابة التي أدت أغنية بالإسبانية، لها ملكات فنانة حقيقية محترمة. أما الأغنية العربية والمغربية، فمع كل حلقة يقصى صوت جميل وله إمكانيات فنية راقية ومحترمة ويبقى الضعيف. بعد إقصاء المتبارية الشابة «نورة جلوي»، رغم أنها أطربت الناس بأدائها لأغنية صعبة للفنانة الراحلة هدى سلطان، والتي كانت ستجعل المنافسة عالية لو تأهلت بمقاييس فنية غائبة عن لجنة التحكيم.. جاء الدور على الصوت الفني الرجالي الوحيد الواعد في هذه الدورة، لما حباه الله به من طاقة ومن طراوة ومن قوة، هو الفنان الشاب محمد الجلدي (الصديق الحميم لفنان شاب آخر وواعد هو الفنان جريفي، أحد أجمل الأصوات المغربية اليوم )، الذي أدى أغنية مغربية بفنية عالية اعترف بها الأستاذ والملحن القدميري، الذي يظهر أن لا سلطة له داخل لجنة التحكيم. ولعل المشاهدين المغاربة، قد فرحوا لهذا الإقصاء، لأنه من الأفضل لهذه الأصوات الجميلة أن تقصى في مسابقة مثل «ستوديو دوزيم » في دورتها الجديدة التي تجمع الأخبار الواردة عنها أنها عنوان للمسخ والإنحلال والتفاهة. بل إن من يقوم بتزييت هذا السقوط، قد حول هذه الدورة إلى ليال تصلح لكل شئ، ما عدا أن تصلح عنوانا للفن المغربي الراقي والمحترم. ومع كل سهرة أخرى من «ستوديو دوزيم» أن يتمتع المشاهد المغربي بعنوان جديد للفضيحة وللسقوط والإبتدال. مع التأكيد أن حكاية مشاركة المشاهدين بالتصويت عبر الهاتف قد سجلت أضعف نسبة لها منذ انطلاق التجربة، والشركة الراعية تتوفر على الأرقام الحقيقية، لأنها الخاسرة ماليا في هذه المعادلة. بل إن نسبة مشاركة المغاربة في مسابقات «ستار أكاديمي» اللبنانية مثلا، كانت أعلى بكثير. هنيئا إذن للفنان الشاب محمد الجلدي بإقصائه، لأن كون ذلك جاء من « ستوديو دوزيم » فهو تشريف له، ولأمثاله من الفنانين الشرفاء الواعدين، الذين يؤمنون أن لهم حقا في النجاح في المغرب.