تمارة هذه المدينة الصغيرة الملتصقة بالعاصمة الرباط، تشكل حروف اسمها في العامية المغربية ما يعني من جهة الرزانة والرصانة والنضج، وهي من الثمار في الفصحى، بعد أن أكلت الدارجة إحدى نقط ثائها، إذ لا تكون الثمار ثماراً إلا إذا أصبحت «تامرة»، أي كبيرة وناضجة، وهو مقابل الرشد لدى الإنسان، مثلما تعني ثمارة في العامية أيضاً، مع تحوير صغير في الشكل، العناء والشقاء والمكابدة. وحينما يطفو اسم تمارة هذه الأيام، على سطح حقل الإعلام، فإنما بسبب معتقلها السري والشهير مع العلم أن صفتي السري والشهير تبدوان على طرف نقيض صارخ الذي تتعالى الدعوات من أجل إغلاقه من طرف جمعيات حقوقية وهيئات مدنية عديدة بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب. ولأن التعذيب هو معاناة ومحن ومكابدات و «تَمَارَة» مفروضة خارج القوانين التي تجرم التعذيب، فإن احترام حقوق الموجودين تحت الحراسة النظرية وانتزاع الاعترافات منهم بدون عقاب، يبقيان «تْمَارة» ونضجاً ورشداً يجب توفرها في العاملين بهذا المعتقل وتحت إشراف النيابة العامة. أما أن يكون المعتقل سرياً، ويجري فيه تعذيب وعقاب «المتهمين الأبرياء حتى تثبت إدانتهم»، فإن إغلاق هذا المعتقل والمطالبة بإغلاقه هو عين الرشد والنضج وإعادة الأمور إلى جادة الصواب، بعيداً عن قوانين الغاب، وكل ما هو سري باعتباره غير شرعي.