عندما يتمثل الإنسان المسلم الإيمان الحق يستشعر السعادة الأبدية في الدنيا قبل الآخرة، والمقصود به الإيمان الذي يُترجم إلى سلوك عملي حيث يرى ثماره اليانعة ظاهرة؛ لأنه آمن بأن له ربا خلقه فهو يرزقه ويحميه من الآفات وهو الأحق أن يلجأ إليه عند الشكوى والبلاء، وبإيمانه عرف غايته من هذه الحياة إنه عبد لله تعالي خلقه لطاعته وعبادته، كما عرف أن مصيره لقاء ربه لامحالة، وأيقن أن مبعثه حق لاريب فيه، فسلك درب المؤمنين الصادقين الموقنين بأن مآل الدنيا الفناء والزوال ، فأخد يتزود لآخرته بكل ما ينفعه من أعمال فعاش عيشة السعداء، ونال الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوأُنثَى وَهُومُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل97. إن الإيمان أيها الأحباب نعمة يجب أن نحمد الله تعالى عليها لأن لها ثمار في حياة الفرد يجدها في نفسه، وهناك ثمار في المجتمع تشعر بها الجماعة المسلمة، وهناك ثمار في الحياة الأخرى، وهناك ثمار خاصة في كثير من قضايا الإيمان كثمار الإيمان بالله - سبحانه وتعالى-، وما يتفرع عنه من ثمار لتوحيد الرب تبارك وتعالى في ربوبيته وألوهيته، والثمار التي يجدها المسلم في توحيد الأسماء والصفات، والثمار اليانعة التي يجنيها المسلم بالإيمان بالرسل الكرام، وثمار الإيمان بالكتب، وثمار الإيمان بالملائكة، وثمار محبة الصحابة الكرام، وغيرها كثير من الثمرات التي يقطفها المسلم في الدنيا والآخرة. ومن أهم هذه الثمار النصر على الأعداء، قال تعالى: ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) الروم47:فالنصر على الأعداء والظفر بهم من أهم ثمار الإيمان في الدنيا فما أعظم هذه الثمرة وما أحوجنا إليه اليوم ونحن نعيش في مرحلة من الهزيمة والذل لم تعهده أمة الإسلام نسأل الله السلامة والعافية، وهذا النصر والظفر وعد من الذي لا يخلف الميعاد قال الشوكاني: هذا إخبار من الله سبحانه بأن نصره لعباده المؤمنين حق عليه، وهو صادق الوعد لا يخلف الميعاد، وفيه تشريف للمؤمنين ومزيد تكرمة لعباده الصالحين وبالإضافة إلى ثمرة النصر هناك ثمرة التمكين والاستخلاف في الأرض: قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ) النور55. فهذه الثمرات وغيرها كثير تحصل لأهل الإيمان المتحققين من إيمانهم، حيث تخضع البلاد لهم فتُصلح ويحصل الأمن للناس، وهذا الوعد عام يعم جميع الأمة بشرط الإيمان والعمل الصالح .