تعاني كثير من الأسر بمدينة وجدة من تسلط أبناء مراهقين يحاولون بطرق مختلفة التحكم في دواليب الأمور خصوصا تلك التي تؤدي إلى تلبية متطلباتهم وتحقيق رغباتهم، فتجد بعض المراهقين، وخصوصا الذكور منهم، يلعبون دور رجل البيت في غياب الأب سواء للعمل أو السفر، فيلبس عباءة الآمر الناهي، يتدخل في أمور أخواته البنات يراقب طريقة لبسهن وتصرفاتهن وحتى نوعية أصدقائهن. وكلما تدخل أحد الأبوين لردعه أشهر ورقة إهمال الدروس أو مغادرة البيت في وجههما مع التذكير بأنه أصبح رجلا ولم يعد ذلك الطفل الذي ألفوه. وكرد فعل على عدم السماح له بإثبات رجولته التي يراها في التحكم بأشقائه والاستحواذ على جهاز التحكم في التلفاز والإنترنت... وما إلى ذلك من الأمور، يتحول إلى شخص عنيف يصول ويجول داخل البيت مطالبا بتلبية رغباته المسايرة للموضة في اللبس والأحذية ودراجة نارية كالتي اشتراها فلان لابنه... وكلها متطلبات تجد أسر كثيرة صعوبات في تحقيقها. محمد في 17 من العمر أصبح صراخه شبه اليومي داخل البيت شيئا مألوفا لأسرته وللجيران أيضا، يقضي هذا المراهق وقت فراغه أمام جهاز الكمبيوتر يسبر أغوار المواقع الإلكترونية المفيدة وغير المفيدة أيضا، يغلق الباب على نفسه لساعات ولا يسمح لأحد من إخوته بمشاركته ذلك الجهاز. وعندما تتدخل الأم في محاولة منها لاكتشاف المواقع التي يتردد عليها يطلق العنان لصراخه المدوي، ويبدأ في تكسير كل ما يجده أمامه. يتكرر هذا السيناريو يوميا تقريبا ولا يردعه عن غيه سوى صرامة الأب التي تتحول في بعض الأحيان إلى الضرب وتكسير «الموديم». وبعد أن يغلق عليه باب الإنترنت يستولي على «البارابول» ويلجأ أيضا إلى إغلاق باب الغرفة وعندما يخرج منها يلتفت إلى شقيقته الصغرى ليعلق على ملابسها وقصة شعرها ودعوى خروجها من البيت بدون سبب، يعقب ذلك لائحة متطلبات يتم توفيرها له مهما كان ثمنها غاليا كبذل وأحذية رياضية غالية لا تنزل عن 700 درهم ودراجة هوائية لا يملك أحد مثلها. وفي الأيام الأخيرة طالب بدراجة نارية تم توفيرها له تفاديا لصراخه الدائم ومحاولة تسلطه على أسرته. أما محمد بصارة (جمعوي) فسرد علينا قصة أحد أقاربه في 16 من العمر ينتمي لأسرة بسيطة لا يتجاوز دخلها الشهري 1800 درهم، وفي وقت لم يكن لدى هذه الأسرة ثمن الدقيق، طالب المراهق والدته بمبلغ 700 درهم لشراء حذاء رياضي كالذي رآه في رجل أحد أصدقائه، وفي رأيه صديقه ليس أحسن منه في شيء! صدمت الأم لطلب الابن الملح، فطلبت منه أن «يبدل ساعة بأخرى»، لأنهم لا يملكون حتى الدقيق لإعداد الخبز فالأحرى مده ب 700 درهم! وبدل أن ينصاع لأمر والدته، وجه إليها أمرا نهائيا بإحضار المبلغ المطلوب مرددا «أنا ماشي شغلي موتي فيها»، «مين معندكش علاش تولدني»... وغيرها من الجمل التي لا يتوانى المراهقون في ترديدها على مسامع الوالدين كلما اكتشفوا أن رغباتهم صعبة التحقق. وأمام ذلك وخوفا من أن يلجأ إلى ارتكاب أمر لا تحمد عقباه، قصدت الأم أحد أقاربها لاقتراض المبلغ ومده إياه لشراء الحذاء الرياضي. أما الحالة الثالثة، فهي لمراهق غادر مقاعد الدراسة لينصب نفسه رجل البيت بدل والده العامل بالخارج، ومهمة رجل البيت هذا هي التحكم في كل كبيرة وصغيرة تتعلق بأخواته البنات (3بنات)، لا يغبن عن ناظره، وإن غبن فيكون مصيرهن التعنيف بواسطة السب والشتم والضرب أحيانا. استولى على تلفزيون المنزل وأصبح مالك جهاز التحكم لا يمسكه أحد غيره ولا يتابعون إلا القنوات التي يريدها من الصباح حتى 2 بعد منتصف الليل. ونظرا لما خلفته تصرفاته هاته من تذمر واستياء أخواته البنات، ارتأت الأم شراء جهاز تلفزيون و«بارابول» ووضعهما بغرفة «رجل البيت» حتى تأخذ البنات راحتهن في متابعة البرامج التي يفضلنها. غير أن الأمر لم ينجح حيث عمد المراهق إلى إغلاق باب غرفته بالمفتاح والعودة إلى مكانه من جديد وشعاره في ذلك «أنا راجل الدار ندير كي نبغي». ويرى الأستاذ عبد الناصر بلبشير (والد شاب مراهق) أن مشكلة تربية المراهقين من المشاكل التي تؤرق الكثير من الآباء، حيث أن الأولاد يبقون حتى سن معينة، تحت قبضة الوالدين، لكنهما كثيرا ما يسيئان استثمار هذه السيطرة، ليندما بعد خروج الولد عن دائرة قبضتهما. وأضاف أن وجود أي خلاف أو نزاع بين الوالدين، يؤدي إلى إهمال الأولاد داخل المنزل، الشيء الذي يؤدي إلى نشوء أنواع من الخلل في سلوكياتهم، ومن هنا تبدأ الصراعات والعناد وحب الذات وحب التملك والسيطرة على كل شيء في البيت من لدن الأبناء وخصوصا المراهقين منهم كتملك برامج التلفزة، التدخل في مختلف شؤون البيت، التحكم في الوجبات الغذائية««علاش أماما درتي هذ المكلا»، «أنا ما بغيتش ناكل هاد الشي»، «آش من أخبار أبابا أنا بغيت نتفرج في لماتش ديال الكرة»... وغيرها من التعليقات التي يحاول بها هذا المراهق فرض سيطرته على الأسرة...