المراهق يوصف بأنه: مزاجي، سريع الاشتعال، مجادل، متردد، منشغل بذاته حيث يستيقظ ابن الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من عمره على عالم يبدو وكأنه جديد من حوله، وكأن عيناهتفتح لأول مرة، عالم من أهم صفاته أن محوره الرفاق، رفاق يخشى رفضهم له وسخريتهم منه! رفاق يلتجئ إليهم في قراراته واختياراته! مما يجعله يقدم على أفعال يحتار في منطقها الكبار؛ ويستحيل معها فهم الطريقة التي يفكر بها المراهق. يضع الأهل القوانين والحدود ويحاول المراهق تجاوز تلك الحدود، لا لسبب إلا لاختبار الأهل؛ لعبة القط والفأر هذه قد تؤثر على علاقة المراهق بأسرته وتدخلها مجال العدائية. المراهق يطلب حريّته واستقلاليّته، وأنت تراه غير مستعد بعد، وربما لا تكون أنت أيضاً مستعداً لذلك! فماذا تفعل؟ محور الصراع مع الأهل محور صراع الأهل مع المراهق يكمن في مطالبته لهم بمزيد من الحرية والاستقلال احتدام الصراع بينكما وتعالي أصوات الخلافات على أبسط الأمور وأعقدها على حد سواء؛ من اختيار الملابس، قص الشعر وتسريحه، إلى القرارات الدراسيّة والحياتيّة الأكثر أهمية، كلها دلائل للمراهق بأننا نراه غير جدير بالحرية والاستقلاليّة، بسبب التوتر الذي يرافق اتخاذها، لكن لماذا يدخل التوتر كل ما يحيط بالمراهق؟ لماذا يثير أعصابك معظم ما يفعله طفلك المراهق في الحياة اليوميّة؟ في حين أنك تتعامل مع أمور أكثر أهمية مع زوجك /زوجتك أو مع زملائك بالعمل، وعلى الرغم من ذلك نادراً ما تثور فاقداً أعصابك مع الزوج/ الزوجة أو زملاء العمل كما يحدث مع طفلك المراهق، لماذا؟ السبب هو أنك مع هؤلاء تختار معاركك، وتقرر أي من المواقف الخلافيّة تتركه يمر بدون صراع حوله. وهذا تماماً ما ينصح الأهل بفعله مع المراهقين، اختيار المعركة التي تستحق العراك لأجلها، إن ترتيب وتنظيف المراهق لغرفته هو أمر مهم إلا أننا يجب أن لا نتشبث به؛ فإن ترك غرض أو اثنين خارج مكانهما يمكن التغاضي عنه. وهذا مثال للكثير من الأمور الحياتيّة التي يمكنك أن تتركها تمر بدون صراع وجدال، إنها ببساطة لا تستحق الثمن الباهظ الذي ستدفعه من جراء توتير العلاقة مع ابنك/ابنتك بسببها. أولاً: خفف حدة التوتر في العلاقة مع المراهق من خلال اختيار المعركة التي تستحق طاقتك وتضحيتك بتدهور علاقتك معه! مفتاح الحل يكمن في اختيار المعركة التي ستخوضها مع ابنك/ ابنتك، فليس كل موضوع يستحق الدخول في جدال حوله وإحداث شرخ بالعلاقة بينكما بسببه. أنت وحدك كأب أو أم تعرف أي الأمورالتي يجب أن تصر بأن تضع لها الحدود وترفض التفاوض عليها، وأيها يمكن أن تتهاون به وتتركه يمر بسهولة! اختر المعارك التي تستحق أن تخاض، وهي: 1. المواقف التي يهدد بها حياته أو حياة غيره. 2. المواقف التي تخالف القوانين. هذان فقط هما الأمران اللذان يجب أن لا تتهاون فيهما. عليك أن تتوقع بعض الثورة من المراهق، هذا طبيعي، ما دام لا يعرض ذاته أو الآخرين للخطر ولا يخالف القوانين. اسمح له بالتعبير عن وجهة نظره ولا تجادله فيها لكي لا يعتاد على الجدال وعلى تجاهل وجهة نظرك، مقابل أن تكون ثوراتك قليلة في المواقف التي تريده أن يعرف فيها أن سلوكه خاطئ ومرفوض لأنك لا تثور غاضباً عادةً في كل المواقف. فيعرف أن هذا الموقف مختلف لأنه مهم ولأنه غير مقبول. أما إذا ثرت غاضباً لأبسط الأمور وأعقدها سيتعلم المراهق أن هذا هو رد فعلك الطبيعي دائماً! ويستنتج أنك سريع الغضب! فيعتاد على نمطك هذا وعلى ثوراتك ولا يعود عندها لك ولغضبك وثورتك وصراخك أي جدوى أو قيمة في تغيير سلوكه، لأن ما يحدث بشكل متكرر، ببساطة، يفقد قيمته ومعناه. اختيارك لمعاركك ليس بالأمر السهل، تذكر في المرة القادمة التي تستشيط بها غضباً من تصرفات ابنك/ابنتك المراهق(ة) أن تعد للعشرة، وتفكر: هل هذا الموقف يستحق معركة كبرى حوله؟ إذا كان كذلك فحرياً بك خوض معركتك بكل الوسائل الممكنة واتخاذ القرار الذي تراه مناسباً، والإصرار عليه. أما إذا لم يكن مهماً؛ عندها يفضل أن تتجاهله وتتركه يمر بهدوء. ثانياً: اعمل على بناء علاقة إيجابية معه اختيارنا للمعارك، رغم أهميته في تخفيف حدة المواجهات وتكراراتها إلا أنه غير كافٍ لمساعدتك على الوصول إلى مرحلة تشعر معها بأنك تعرف متى؟ وكيف تطلق الحرية للمراهق، وتطلق جناحيه للريح تفعل بهما ما شاءت؟ للوصول إلى تلك المعادلة الصعبة عليك وبعد أن خففت من حدة التوتر في علاقتك معه أن تبدأ بتنفيذ الخطوة الثانية التي ستوصلك إلى مساعدته على الاستقلاليّة وهي أن تعمل على مساعدته على الاستقلاليّة وهي أن تعمل على بناء علاقة أكثر إيجابية معه. للوصول إلى علاقة أكثر إيجابية: قدّم الدعم للمراهق في المشاركة بالأنشطة التي يحبها مما يدعم مفهومه لذاته! تجنب الجدال عند التعامل مع الخلافات الأسرية! حافظ على القوانين الأسريّة والحدود مع تجنب الجدال «كالنوم خارج المنزل، وتغيير تسريحة الشعر». استمر في محاولتك إشراك المراهق في النقاشات الأسرية؛ حتى ولو لم يظهر رغبة بذلك معظم الوقت، إلا أنه في بعض الأوقات يقدّر ويطلب رأيك؛ لذا استمر بالمحاولة. ابتسم له عند عودته من المدرسة أو الجامعة، بعد بضعة محاولات ستراه يتلهف للعودة للبيت. -اضحك في المرة القادمة التي يحاول أن يلقي فيها النكات أو يكون فكاهياً ! أعد قائمة بما يثير غضبك من تصرفاته، وقم بشطب الأمور البسيطة منها وفِّر غضبك لما يترك أثراً على المدى البعيد والذي يستحق صرف الطاقة عليه، تذكر اختيار معاركك! خذ ابنك /ابنتك لتناول الإفطار أو الغذاء خارج البيت مرة أسبوعياً، لا تعطه محاضرة من النصائح في ذلك الوقت بل اقضي معه وقتاً ممتعاً. أدخل إلى عالمه مظهراً اهتماماً حقيقياً به ساعياً لفهمه: كأن تطلب منه أن يسمعك قطعة من موسيقاه المفضلة وتتناقش معه حول الموسيقى، لتتعرف على ما يعجبه بها. احترم خصوصيته، التلصص بدون سبب مرفوض. تواصل معه حول مخططاتك بشكل متكرر: أين أنت الآن؟ متى ستعود للمنزل؟ ماذا تفعل؟ هذا سيكون قدوة له ليقوم بالمثل. حافظ على حس الفكاهة .. الأسر السعيدة أسر تضحك كثيراً! ثالثاً: أطلق الحرية لابنك المراهق تدريجياً! بعد تحقيقك للسلام في علاقتك مع المراهق، وبعد جهدك على بناء علاقة إيجابية معه أنت مستعد الآن لبدء للعمل على إطلاق سراحه المشروط أولا، ثم غير المشروط! نتفق جميعاً على أن السيطرة التامة على المراهق لا تساعده، كما لا يساعده إطلاق العنان له ليفعل ما يرغب! وأن إطلاق الحريّة التدريجي هو الحل الأمثل. لكن كيف يمكنك تحقيق ذلك؟ ساعده على بناء ثقته بنفسه: فنحن الأهل مفاتيح بناء ثقة المراهق بنفسه وفي تثبيت الأرجحة والاهتتزازات الناجمة عن مرحلة المراهقة، نستطيع أن نحدث فرقاً، ومن أهم الطرق لذلك: 1. مساعدة المراهق على إيجاد مهارة، هواية، أو موضوع يجد نفسه كفؤأ فيه. 2. تخصيص الوقت للاستماع له واحتضانه؛ فعندما يوجد رابط قوي وصحي مع المراهق يتمكن من مقاومة ضغط الرفاق بشكل أفضل. وكالات