لحظة قوية محملة بكل معاني الاعتراف والإنصاف تلك التي خص بها مهرجان زاكورة الدولي للفيلم عبر الصحراء في دورته السادسة الفنان الكبير عبد الجبار لوزير بتكريمه. فبنكهة المحبة الصادقة أحاط نجوم السينما المغربية من مخرجين وممثلين و كتاب ونقاد بالفنان المراكشي في لحظة وفاء لذاكرة مشعة من الإبداع المتدفق والتألق الدائم والعطاء الباذخ الموسوم بمتعة الفرجة. كان حضور عبد الجبار لوزير محفوفا بثلة من رفاق الدرب في مسار طويل رهانه الأساسي عبر محطات مختلفة و أجيال متلاحقة إدخال البهجة إلى قلوب المغاربة وتأمين حقهم في الحلم والفرح مهما قست عليهم الظروف والشغف بالحياة و تقدير الجمال، كفاطمة الركراكي وعبد القادر مطاع وعبد العزيز بوزاوي ومحمد الشوبي وعبد الصمد مفتاح الخير وثريا العلوي وعبد اللطيف الركاكنة و هدى صدقي و السعدية لديب ...والمخرجين داوود أولاد السيد وسعد الشرايبي ولحسن زينون وحميد الزوغي وعزيز السالمي و غيرهم .. ملتقى زاكورة الدولي للفيلم عبر الصحراء في دورته السادسة المنعقدة من 17 إلى 20 يونيو 2009 اختار عبد الجبار لوزير تكريما لعطاءاته المبكرة في المسرح و لقدرته على إضحاك الجمهور بطريقته الخاصة في التشخيص والكلام .. فعبد الجبار لوزير « هو ابن مسرح ترعرع بلا مرجعيات، بلا انتماءات، إنه ابن مسرح إسمه مراكش وكفى...». كل الكلمات التي قيلت في حق الرجل حملت قيمة الإكبار لنضال طويل في صنع الفرجة لأزيد من 61 سنة انطلقت في سنة 1948 و مازالت مستمرة إلى اليوم عبر أعمال ورشة إبداع دراما المراكشية . فعبد الجبار حمل بإصرار كبير منذ حداثة سنه شعلة إمتاع المغاربة عبر الفن النبيل والروح الخفيفة التي تستلهم منابعها الصافية من البساطة والتلقائية . و تشابكت حياته بمغامرات جعلته يتبوأ موقع البطولة رغما عنه سواء في خشبة المسرح أو في خشبة التاريخ. لأن الرجل ليس مجرد شخص عادي و تجاربه لا تدخل في السجلات العادية للعامة من الناس . بل كان متاخما في كل مراحل حياته للحدود القصوى التي وصلت إلى مستوى مواجهة الموت. بدأ حارسا بفتيان الكوكب المراكشي عند تأسيسه و دبرت صدف التاريخ لقاءه بمولاي عبد الواحد حسنين الذي كان مدربه . فالتقط بسرعة خفة روحه وقدرته الفائقة على تقمص الأدوار ليدمجه في فرقته المسرحية لتكون تلك بداية مسار متألق و مثير من الإبداع واللقاءات التاريخية مع شخصيات أثرت في التاريخ المعاصر للمغرب. و في نفس الوقت الذي اكتوى فيه بعشق المسرح انخرط عن طريق المقاوم بن إبراهيم حسونة في معركة النضال الوطني من اجل الاستقلال وشارك في عدة عمليات فدائية كعملية سينما مرحبا بباب تاغزوت بمراكش العتيقة و عملية باب جهنم .. و إثر تفكيك خلية حمان الفطواكي حكم بالإعدام فكان بينه و بين الموت شعرة خفيفة كادت أن تنقطع لولى عودة محمد الخامس و التوقيع على الاستقلال . ولم يتوقف عبد الجبار لوزير عن إصراره على الحلم في وفاء نادر للفرجة و الفرح . فمثل أمام محمد الخامس بقصر الباهية فصلا من مسرحية « الفاطمي والضاوية « التي أخرجها سنة 1948 مولاي عبد الواحد حسنين . وبعدها عمل إلى جانب مجموعة من رفاقه على تأسيس فرقة الوفاء المراكشية لينطلق معها مسار آخر حافل بالإنجازات التي استوطنت مخيلة المغاربة وشغفهم بالحياة و الفرح تجسدت في 76 عمل مسرحي و 12 عمل سينمائي والعشرات من الأعمال الإذاعية و التلفزية ... الدورة السادسة للملتقى الدولي للفيلم عبر الصحراء غيرت كثيرا من إيقاع الحياة بزاكورة . فاحتفالية الصورة عمت كل الفضاءات في تفاعل قوي مع الساكنة التي جسدت بإقبالها الكبير ارتباطا وثيقا بالحق في الحلم وبفن الحياة والشغف بالفرح . إدارة المهرجان اقترحت على الجمهورمجموعة من الأفلام المغربية و الأجنبية مع تنويع فضاءات العرض لتعميم أجواء الاحتفال و ترسيخ الرهان الثقافي لهذه التظاهرة الدولية. كما عرفت تنظيم ندوتين الأولى حول سينما المهاجرين المغاربيين في أوروبا بين الخصوصية و العالمية والثانية حول العملية التعليمية التعلمية لثقافة الصورة والتنمية البشرية إضافة إلى ورشات في كتابة السيناريو ومهن السينما و الديكور و إنتاج اللوازم . ملتقى زاكورة للفيلم عبر الصحراء كما أوضح ذلك مديره العام محمد علي الهلالي ساهم بقوة في تجاوز مشكل غياب قاعة سينمائية بالمدينة الذي كان يحرم أبناءها من متعة التفاعل مع الأعمال الجديدة .. وصار موعدا فنيا استثنائيا تتجاور فيه حميمية الفضاء الصحراوي و حفاوة الأهالي من سكان الواحات مع برمجة فيلمية متنوعة محولة زاكورة إلى حلم حقيقي لكل من يزورها ...