دأب ملتقى زاكورة السينمائي السنوي ، منذ انطلاقته ، على تكريم بعض الوجوه السينمائية المغربية التي طبعت فنون الفرجة بطابعها الخاص أمثال محمد بسطاوي و داوود ولاد السيد وغيرهما . وتتميز دورة 2009 لهذا الملتقى الدولي المتخصص في الفيلم عبر الصحراء بتكريم الأستاذ عبد الجبار الوزير باعتباره أحد رواد التشخيص المسرحي والإذاعي والتلفزيوني والسينمائي ببلادنا . فهذا الوجه الفني الشعبي المحبوب كان له ولا يزال حضور لافت على خشبات المسرح منذ أواخر الأربعينات من القرن الماضي حيث شخص وشارك ، على امتداد ستة عقود من الزمان ( 1948 2009 ) ، فيما يزيد على 100 عمل مسرحي إلى جانب عدد كبير من السكيتشات الإذاعية والتلفزيونية والوصلات الإشهارية ذات الطابع الكوميدي والمسلسلات والأفلام التلفزيونية والسينمائية وكذا التمثيليات الإذاعية والمسرحيات المصورة، فمسيرته الفنية زاخرة بالعطاء ووجهه جد مألوف لدى المغاربة قاطبة . يعتبر الأستاذ عبد الجبار الوزير (77 سنة) أحد أشهر وأقدم الممثلين الكوميديين المغاربة الذين عرفوا بأسلوبهم المتميز في الأداء وبطابعهم الخاص والمتفرد ، الذي يحمل الكثير من روح الدعابة المعروفة لدى أغلبية المراكشيين. كانت انطلاقته الفنية من خلال مشاركته في مسرحية « الفاطمي والضاوية « (1948 1951) رفقة زميله الراحل الفنان محمد بلقاس ، الذي شكل معه ثنائيا فكاهيا أمتع المغاربة لعدة سنوات ، وبعد ذلك توالت المسرحيات: « غلطة أم « و « الشلح العساس « و» اولاد جامع الفنا « و « الموسيقار المجنون « ، والملاحظ أن أكبر عدد من المسرحيات التي ارتبط بها كانت من إبداع فرقة الوفاء المراكشية حيث أبان في الأدوار التي شخصها عن حضور قوي وأسلوب متفرد ، ولعل أشهر مسرحياته مع هذه الفرقة كانت من توقيع المخرج والمؤلف المسرحي الراحل عبد السلام الشرايبي نذكر منها بالخصوص « الحراز « و « سيدي قدور العلمي « و « مكسور الجناح « و « لبس قدك يواتيك « .. لم يقتصر حضور الفنان عبد الجبار الوزير على خشبات المسرح المراكشية والوطنية فحسب بل انفتح في وقت مبكر على السينما والتلفزيون والإذاعة من خلال مشاركته في العديد من الأعمال . وإذا ركزنا فقط على البعد السينمائي في تجربته الفنية نلاحظ أن أول وقوف محتشم له أمام كاميرا السينما كان في الفيلم الشهير « لورانس العرب « (1962 ) للمخرج الكبير دفيد لين ، الذي صور جزئيا بالمغرب، وبعده بست سنوات شارك في الفيلم المغربي « عندما تنضج الثمار « ( 1968 ) للمخرجين العربي بناني وعبد العزيز الرمضاني ، إلى جانب ثلة من كبار الممثلين كحبيبة المذكوري وحمادي التونسي والراحلون العربي الدغمي ومحمد بلقاس وعبد الرزاق حكم . ومعلوم أن البداية الرسمية للسينما المغربية كانت بفيلمين روائيين طويلين من إنتاج المركز السينمائي المغربي هما « الحياة كفاح « (1968) لمحمد التازي بن عبد الواحد والراحل أحمد المسناوي إلى جانب « عندما تنضج الثمار». في عقد السبعينات شارك عبد الجبار في الفيلم القصير « البراق « (1973) من إخراج مجيد رشيش ، إلى جانب ممثلين شباب أصبحوا فيما بعد عمالقة هم محمد مجد ومحمد مفتاح وعبد القادر مطاع وفيما بعد سجل حضورا شرفيا في بعض الأفلام المغربية نذكر منها بالخصوص « حلاق درب الفقراء « (1982) للراحل محمد الركاب و» فرسان المجد (1993) لسهيل بنبركة و « عبدو عند الموحدين « (2006) لسعيد الناصري ، ومن أفلامه السينمائية الأخيرة نشير إلى فيلمي المخرج المراكشي الشاب هشام الحياة « الثلج بمراكش « ( روائي قصير 2006 ) و « عقاب « ( روائي طويل 2008 ).. إن تكريم الرائد عبد الجبار الوزير بمدينة زاكورة هو تكريم لفن الفكاهة الشعبي الأصيل ولرموزه المتشبعة بقيم التواضع والإلتزام والمسؤولية الأخلاقية . ومن حسن الصدف أن هذا التكريم يتزامن مع إصدار الباحث والصحفي الأستاذ عبد الصمد الكباص لكتاب حول حياة وأعمال هذا الفنان العصامي المعروف بتلقائيته وسرعة بديهته وقوة حضوره . ومعلوم أن هذا الكتاب سيتم توقيع نسخ منه بالمناسبة إبان الدورة السادسة لملتقى زاكورة الدولي للفيلم عبر الصحراء من 17 إلى 20 يونيو 2009.