في سنة 1986، لم يكن عدد الصحافيين الرياضيين المحترفين العاملين بالصحافة المكتوبة يتجاوز 15 صحافيا 1 ، وهو ماكان يمثل آنذاك نصف عدد الصحافيين المكلفين بكرة القدم داخل الجريدة اليومية الفرنسية ليكيب المتخصصة في الرياضة. اليوم، وفي غياب أي دراسة حديثة حول الصحافة الرياضية المكتوبة، يمكن القول إن عدد الصحافيين الرياضيين المحترفين قد ارتفع بشكل ملموس بظهور جرائد جديدة حزبية كانت أو مستقلة. بل إن المغرب اليوم أصبح يتوفر على جرائد متخصصة في الرياضة حافظت على انتظام صدورها وهو أمر لم يكن متاحا في الستينيات والسبعينيات وحتى بداية الثمانينيات. من جهة أخرى حافظت الصحافة الرياضية على موقعها المتميز داخل حقل الصحافة الرياضية المكتوبة. ذلك أن المادة الرياضية تشكل أزيد من 16 % من المساحة الإجمالية لأغلب الصحف الوطنية. ففي أسبوع واحد الأسبوع في الصحافة الوطنية لا يتعدى ستة أيام)((2 نشرت عشر صحف مغربية((3 ما مجموعه 195 صفحة رياضية بالإضافة إلى العديد من المقالات الرياضية التي نشرت بالصفحات الأولى. زد على هذه الملاحق الرياضية الأسبوعية التي تنشرها بعض الصحف. في حين نجد أن المساحة المتبقية (أقل من 84 %) تخصص للأركان الصحفية الأخرى من سياسة وطنية ودولية واقتصاد وفن وثقافة ومجتمع ومنوعات وترفيه. ولكي نضع هذا الأرقام في إطارها التاريخي لا بد من الإشارة إلى أن أول صفحة خاصة بالرياضة لم تظهر في الصحافة الوطنية إلا في سنة 1965 بجريدة العلم بقيادة الثلاثي أحمد صبري، عبد الجبار السحيمي و عبد الله الوزاني 4 . هذا الاهتمام بالرياضة اليوم كمنتوج صحافي يعني أن الرياضة ما زالت عاملا مؤثرا وأساسيا في بيع الصحف كما كانت دائما في الماضي. مع العلم أن الصحافة المغربية اقتحمت العديد من المجالات وحطمت الكثير من الطابوهات كالجنس مثلا؛ والتي لم يكن بالإمكان مناقشتها على صفحات الجرائد في الماضي القريب. هذا إضافة إلى أن القارئ الرياضي، إن صح التعبير، أصبح بإمكانه اليوم متابعة الجديد الرياضي عبر وسائل الاتصال الحديثة (انترنيت، هاتف محمول، قنوات رياضية متخصصة..). هكذا نستنتج ببساطة أن الصحافة الرياضية تساهم بقوة في تنافسية الصحافة المكتوبة ككل أمام هذا التيار الجارف لوسائل الإعلام والاتصال الأخرى. لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل هذا الحيز المهم الذي تحتكره اليوم الصحافة الرياضية داخل الحقل الإعلامي ينعكس بالإيجاب على وضعية الصحافي الرياضي؟ بمعنى آخر، هل النسبة المهمة التي ينتجها الصحافي الرياضي (16 %) من المساحة الإجمالية للجريدة يوازيها نفس الدرجة من الاهتمام بظروف عمله، بأجره وبوضعه الاعتباري داخل جريدته وداخل النسيج الاعلامي الوطني؟. قبل عشرين سنة، كان الصحافي الرياضي بمثابة صحافي من الدرجة الثانية. فهو يكتب في مجال يمكن لأي كان أن يكتب فيه كما كان يعتقد خطأ اغلب مديري ومسيري الصحف المغربية. وهكذا كنا بالفعل أمام تناقض حقيقي يتجلى في أن المادة الصحافية الرياضية هي المساهم الرئيسي في بيع الجريدة؛ وفي نفس الوقت كنا نلاحظ نظرة قاصرة لمنتج هذه المادة. بل أن مديري أو مسيري الصحف كانوا لا يعيرون أي اهتمام لمناقشة مواد الصفحات الرياضية خلال اجتماعات التحرير. وهنا لا بد من فتح القوس للتأكيد على أن الصحافي الرياضي هو أخطر عنصر في مجال الإعلام لأنه يتعامل مع شرائح مختلفة من القٍراء. وليس كل من يريد أن يصبح صحافيا رياضيا حقيقيا فله ذلك. فلاقتحام هذا العالم لابد من شروط أهمها هواية الرياضة والمعرفة بتاريخها وتضاريسها وقوانينها قبل الحديث عن الشروط الواجب توفرها لامتهان الصحافة. وهنا يظهر تفوق الصحافي الرياضي الحقيقي على نظرائه في الأركان الأخرى.إذ بإمكانه الكتابة في المجالات البعيدة عن الرياضة. لكن إذا عكسنا الآية فليس من السهل على أي صحافي مهما كان مستواه أن يقتحم عالم الصحافة الرياضية. اليوم، تغيرت العديد من الأمور واخذ الصحافي الرياضي مكانته الحقيقية داخل الجسم الإعلامي.بل لا حظنا أن بعض الصحافيين الرياضيين ترقوا إلى درجة رِؤساء تحرير أو مدراء تحرير. وحتى على مستوى الأجر لم يعد هناك فرق بين صحافي رياضي محترف وصحافي يشتغل في مجال آخر. لكن، للأسف الشديد مازالت بعض الصفحات الرياضية بمثابة مزارع خاصة وملكيات محروسة تناقض في الكثير من الأحيان حتى التوجه العام للجريدة والخط التحريري لها. الصحافة الرياضية المكتوبة عرفت تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة لكن عليها أن تتخلص من بعض الشوائب والطفيليات العالقة بجسمها حتى تتبوأ المكانة اللائقة التي تستحقها فعلا. هوامش: 1) بحث لمحمد شروق حول «الصحافة الرياضية المكتوبة بالمغرب» لنيل دبلوم المعهد العالي للصحافة - الرباط - .1986 2) الأسبوع يمتد من 25 إلى 30 /05 / 2009 . 3) الجرائد المعنية هي الاتحاد الاشتراكي، المساء، أخبار اليوم، بيان اليوم، الصباح،الصباحية،العلم، البيان، لوماتان، لوبنيون. 4) نفس المرجع.