قامت فرقة من الشرطة القضائية صحبة رجال من قسم الطب الشرعي، يوم الخميس الماضي بمدينة سانتياغو عاصمة الشيلي، بإخراج بقايا جثة مغني الثورة الشهير فيكتور خارا في إطار التحقيق الذي فتحه القضاء للكشف عن ملابسات قتله و معرفة القتلة الفعليين الذين قاموا بتعذيبه قبل تصفيته جسديا بعد أيام على الانقلاب العسكري الذي دبره الديكتاتور العسكري أغوستو بينوتشي عام 1973 للإجهاز على أول تجربة اشتراكية ديمقراطية بقيادة سلفادور أليندي اختارها الشعب الشيلي بواسطة صناديق الاقتراع. و معلوم أن الرأي العام التقدمي في تلك الحقبة عرف أن خارا مات ممزقا بوابل من الرصاص أواسط شهر شتنبر 1973 بالملعب الرياضي للعاصمة الذي استخدمه الانقلابيون كمركز للإعتقال و ممارسة التعذيب على مناضلي اليسار الديمقراطي، كما يستحضر همجية التعذيب الذي مورس عليه عندما بدأ يغني وسط المعتقلين، حيث كان له جنود الطغمة الفاشية بالمرصاد لتكسير أصابعه و يديه تفاديا لاستمرار عزفه و غنائه الذي كان اخطر سلاح على الاوليغارشية و قادتها العسكريين، لكن إسكاته بتلك الهمجية جعل جل السجناء داخل الملعب يرددون أغانيه لتأكيد قوة تضامنهم مع مبدع الغناء الثوري، و رفضهم لأساليب التعذيب و القتل في مواجهة رموز النضال الديمقراطي. و عملية إخراج بقايا المغني بعد دفنها قبل 36 سنة و التي دامت أربع ساعات، تمت بأمر من القاضي خوان فونتيس حسب ما ذكرته الصحف المحلية في الشيلي، حيث تم نقلها من المقبرة العامة بمدينة سانتياغو إلى قسم الطب الشرعي بغاية تحليلها و تشريحها. و في حديثه إلى الصحافة، قال مدير قسم الطب الشرعي الدكتور بلاسيو بوستوس : «علينا البحث في المطابقة التي يمكن أن توجد بين الوقائع التاريخية و فق الإجراءات المنجزة في تلك الحقبة، و الخبرة التي يطالبنا بها القضاة»، مضيفا أن تحليل و تشريح بقايا جثة فيكتور خارا قد يدوم مدة ثلاثة أشهر. أما نيلسون كاوكوتو محامي أرملة خارا، فقال : «من المهم جدا الوصول الى نتائج الجريمة، و تتبيث حقيقة ما جرى، و تبرير العمل بهذا النوع من التشريح و معرفة لماذا لم يجري مثله عام 1973». و حسب شهود عيان كانوا معتقلين مع المغني خارا بالملعب الرياضي المذكور، فإنه كان ضحية تعذيب وحشي في الوقت الذي كان جنود يكسرون يديه بأعقاب البنادق، فيما اكد القاضي خوان فوينتيس، الذي أمر بفتح التحقيق، أن الجندي السابق خوسي باريديس هو مرتكب الجريمة الفعلي في حق المغني. و تعليقا على كلام القاضي فوينتيس، قال محامي أرملة خارا «هكذا، إذن، يمكن أن نتثبت، (لا أدري هل بحقيقة مطلقة؟)، بأي نوع من السلاح تمت تصفيته، و من هناك يمكن رؤية العلاقة بين تصريحات هذا الجندي السابق الذي كان يحمل سلاحا محددا والرصاصات و المواد المعدنية الموجودة..» مع إطلاق عملية التحقيق للكشف عن اخطر جريمة سياسية للمغني خارا الذي كان أحد القادة المهمين للحزب الاشتراكي في الشيلي، تكون قد مرت ثلاث سنوات على وفاة الديكتاتور بينوتشي بعد ان بلغ عمره 91 سنة، إذ حال موته دون تلقيه الإدانة التي يستحقها على جرائمه في ضوء المحاكمة التي تأثرت مجرياتها بمرض الديكتاتور التي قضى قبل استكمالها. و كان على المحكمة ان تدينه في اغتيال 3000 من المعتقلين اليساريين و الديمقراطيين، معظمهم لازال مفقودا، فيما 28.000 كانوا ضحايا للتعذيب الوحشي ترتبت عنه حالات من الإعاقة و التشوهات الجسدية و فقدان لأعضاء.