إذا كان الشباب المغربي يمثل نسبة هامة من الساكنة في بلادنا، حيث تصل الى 38 في المائة للفئة العمرية ما بين 15 و35 سنة،فإنها لا تنال الاهتمام الكافي في سياسات الجماعات المحلية. حيث نجد أن البرامج والمخططات، تكاد تكون خالية من مشاريع موجهة ومدروسة لخدمة الشباب. حقيقة إن القضايا العامة التي تعالجها الجماعات تمس الشباب أيضا، لأنهم جزء من المواطنين. غير أن هناك متطلبات خاصة بهذه الفئة العمرية، سواء على مستوى التربية والتثقيف أو على مستوى الأنشطة مثل الرياضة والترفيه والرعاية والتوجيه.... ونجد في البلدان المتقدمة برامج خاصة بالشباب تضعها الجماعات، حيث لا تكاد تخلو أحياءها من دور للثقافة والفن ومن الملاعب الرياضية، كما تقوم بتوظيف مختصين اجتماعيين، يؤطرون المراهقين، ويساعدون الذين يسقطون في براثن المخدرات والانحراف، ويتابعون علاقات الأسر مع أبنائها... وهذا لا نجده، لحد الآن في جماعاتنا، حيث أننا إذا قمنا بمراجعة نقدية لحصيلتها على هذا المستوى، سنجدها ضعيفة، وذلك للأسباب التالية: فهناك أولا ما يهم كيفية وضع الميزانيات، حيث أنها لا تخصص القدر الكافي لوضع سياسات خاصة بالشباب، فلحد الآن تكتفي بالقضايا العامة، من قبيل النظافة والحاجيات الأساسية والبنيات التحتية وغيرها. أما الميزانية المخصصة للثقافة والشباب، فإنها تكون أضعف جزء في مشاريع الجماعة، حيث ينظر إليها كما لو كانت من الكماليات. وحتى إذا خصصت ميزانيات هامة للثقافة والفن، فإنها تصرف على مهرجانات موسمية. وهناك ثانيا التوجيه العام في التوظيف داخل الجماعة، حيث يغلب عليه الطابع التقني والإداري، ويكون الطابع الثقافي والتربوي والاجتماعي غائبا. وهناك ثالثا عقلية ومنهجية تدبير الشأن العام التي تعتبر أن توفير الحاجيات الأساسية من تجهيز ونظافة وغيرها يكفي عن توفير الحاجيات التربوية والرياضية والتثقيفية. والحقيقة أن تجربة البلدان المتقدمة أثبتت أن الاهتمام الكافي بالشباب وبمشاكلهم وقضاياهم يساعد الجماعات المحلية على توفير الكثير من الجهد، لأن مساهمة المواطن في الشأن العام ودعمه يكون عاملا أساسيا في نجاح المشاريع والمخططات التنموية. وبالإضافة الى كل هذا، فإن الاهتمام بالشباب يشكل أحد أهم واجبات الجماعات المحلية، لأن من مسؤوليتها تهيئ قاعات عرض و دور الثقافة وفضاءات الرياضة، ومرافق للتربية المواطنة ومقرات للجمعيات المهتمة بهذا الشأن... وكذلك من مسؤوليتها التعاون مع الطاقات المبدعة لتنشيط الإنتاج الثقافي في كل مجالاته والإنتاج المسرحي والسينمائي وفتح آفاق الخلق في ميادين الموسيقى وتشجيع العطاءات في مجالات الرياضة ... لا يمكن للمجتمع، سواء من خلال ميزانيات الحكومة أو استثمارات القطاع الخاص، أن يسد هذا الفراغ الذي نعيشه في مدننا وقرانا، حيث نجد الشباب والمراهقين عرضة للضياع، يمارسون لعبة كرة القدم في الشوارع و الأزقة ويتكؤون على الجدران، في ساعات الراحة.... النتيجة الحتمية لهذا الوضع هو توفير الأرضية الخصبة للانحراف وضياع طاقات كان من الممكن استثمارها في الخلق والإبداع والعطاء الثقافي والفني والرياضي والاجتماعي. فدور الجماعات المحلية هو إدارة الشؤون في المدن و القرى لجعل الحياة أفضل، وهي لن تكون كذلك بمجرد النظافة في أزقة وتوفير الإنارة والماء والطرق وبعض المشاريع، لكنها، وبالإضافة الى كل هذا، ستكون أحسن بكثير لو تم الاهتمام بالعنصر البشري، وأهم مكوناته هو الشباب، مستقبل البلاد وبناة سنواتها القادمة. لذلك يشكل الشباب عنصرا هاما من برنامج الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث يعتبره من المفاتيح الكبرى لإرساء منهجية جديدة في العمل الجماعي.