نظم مجلس المنافسة لقاء تواصليا بمدينة فاس تحت شعار « المنافسة في خدمة المستهلك وتنافسية الاقتصاد » وذلك يوم الخميس 21/05/2009 بأحد فنادق فاس . اللقاء حضره نخبة من المختصين في مجال الاقتصاد وجمهور غفير من المتتبعين للحركة الاقتصادية بالمغرب . وافتتح اللقاء بعرض للأستاذ عبد العالي بنعمور رئيس مجلس المنافسة في موضوع مجلس المنافسة- طرق التدخل والآفاق المستقبلية ، تحدث في بدايته بتركيز عن مسيرته الاقتصادية كمنظر للاشتراكية العلمية ، فالاشتراكية الاجتماعية ثم الليبرالية ، مشيرا أن كل النظريات الاقتصادية لها دور فعال في الحياة العامة للشعوب ، ما عدا الليبرالية المتوحشة المهيمنة على الاقتصاد، وأضاف قائلا : عند ما كنت منظرا لم أكن أشعر بأية صعوبة في هذا المجال، غير أن الممارسة الميدانية تتطلب التفكير العميق والحلول الناجعة خاصة أن العالم الاقتصادي حديث العهد والنقطة المركزية تتعلق باقتصاد السوق، والذي تعتبر المنافسة ركيزته، إذ لم تجد البشرية البديل إلى الآن، حيث ساد الاتجاه الشيوعي منذ 1917 إلى الثمانينات ومع ذلك لا يمكن أن نتكلم عن السيطرة الاقتصادية ، زيادة على ذلك برزت النظريات الاشتراكية ، علما أن كل النظريات انصبت على مبدأ السوق، فعلى مستوى الطلب يضيف ذ. بنعمور ومن منطق اقتصادي واجتماعي لا أحد يجادل في اقتصاد السوق والمنافسة ، سيما وأن نظرية السوق كانت هي السائدة إلى غاية 1929 ، إلا أن طغيان الليبرالية المتوحشة أدى إلى تكاثر الفقر، كما أن تدخلات الدولة في الاقتصاد كان من نتائجها تراجع التنافسية . ولعل أهمية التنافسية وضبطها ينتج عنه تعدد العروض بأقل ثمن وأكثر جودة ، ولا يمكن الوصول إلى المنافسة بتلقائية لأن هناك نوعين من التجاوزات وهما : 1) التصرفات اللاتنافسية ، 2) الإفراط في استعمال المواقع المهيمنة ، وبالنسبة للسوق يضيف ذ. بنعمور : هناك تجاوزات تؤدي إلى مواقف مهيمنة . وبعد ذلك انتقل المحاضر للحديث عن المهام الأساسية لمجلس المنافسة ، والتي ترتكز على محاربة الممارسات اللاتنافسية، والمراقبة الوقائية للتركيزات، مشيرا أن المجلس يتوصل بطلبات الرأي في قضايا المنافسة من طرف الحكومة واللجان الدائمة للبرلمان والمحاكم والجهات والمجموعات الحضرية، والغرف المهنية، وجمعيات المستهلكين المتوفرة على صفة المنفعة العامة ، إلا أن دوره يبقى استشاريا بالأساس، لكن بإمكانه القيام بدراسات قطاعية وتقديم خلاصاتها للوزير الأول ، وموازاة مع إبداء الرأي يقول ذ.بنعمور يجوز للمجلس أن يتقدم بتوصيات يمكن أن يترتب عنها إصدار قرار بالأمر بالحد من الممارسات المنافية لقواعد المنافسة أو المتابعة القضائية . وقد أكد ذ. بنعمور أن للمجلس شركاء كالسوق الأوروبية وكذا مجلس المنافسة الألماني ويعمل على الاستفادة من تجربتهم ، وخلص في مداخلته ليتحدث عن الآفاق المستقبلية للمجلس والتي تسعى إلى فتح حوار مع كافة الشرائح الاجتماعية ، وكذا دعم التأطير ، واقتراح إدخال بعض الإصلاحات على الوزير الأول لإصلاح القانون الحالي للالتحاق بالركب حتى يلعب مجلس المنافسة دوره الأساسي في مجال المنافسة. العرض الثاني خلال هذا اللقاء كان في موضوع الممارسات المنافية لقواعد المنافسة: ألقاه السيد فرانسوا سوتي وهو عضو مكلف بمهمة في مركز العلاقات الدولية بالمديرية العامة للمنافسة والاستهلاك وقمع الغش . المناقشة انصبت على عدد من القضايا التي تتعلق بالمنافسة الاقتصادية في السوق المغربي ، حيث أبدى عدد من المتدخلين ملاحظة عامة تتعلق بمجلس المنافسة وتطويره وتقديم مقترح قانون للبرلمان حتى يصبح دوره دورا تقريريا يخدم المستهلك المغربي بصفة عامة ، خاصة أن الجشع والانسياق نحو الهيمنة الاقتصادية من طرف بعض الليبراليين المغاربة الذين لا يهمهم سوى الربح واستغلال الاقتصاد لفائدتهم دون مراعاة الدخل الفردي لأغلب الشرائح الفقيرة من الشعب المغربي ، مستدلين بعدة أمثلة كهيمنة بعض الشركات الموزعة للغاز على السوق وكذا التعامل التجاري في المجلبات ، والمجال العقاري وغير ذلك مما يؤدي إلى هيمنة مطلقة لفئة خاصة على حساب عموم الشعب المغربي.