تشكل مسألة دعم الأغنية المغربية مكتسبا وطنيا ينبغي أخذه كقاعدة ومنطلق لإعادة النظر في البناء الوطني الموسيقي. وعلى هذا الأساس لا يجب اعتبار القيمة المالية المرصودة لهذا الدعم فقط، بل يجب أيضا اعتبار محتواها كالتفاتة وإضافة وكإطار، لأن مشروع قانون دعم الأغنية المغربية ربما يتضمن بعض الهفوات مثله مثل بعض المشاريع، لذلك فهو قابل للتطوير والتعديل.. أعتقد أن هذا الدعم سيحيي المبدعين الموسيقيين الحقيقيين، وأقول الحقيقيين باعتبار الهاجس الإبداعي الذي كان نائما في ذواتهم، لأن الفن الغنائي المغربي عانى من التهميش واللامبالاة ومن عدم التواصل بين الأجيال.. بالإضافة إلى ما قام به الإعلام من إجرام في حق الإبداع المغربي بتدعيمه للإبداع الأجنبي على حساب الوطني.. هذه إذن إشارة قوية من وزارة الثقافة للاحتفاظ بالهوية المغربية، لأننا نريد أن ندعم ثقافة مغربية أصيلة تنصهر فيها، بالتأكيد، الأغنية المغربية، وبالتالي أدعو الفنانين للاستبشار بهذا الحدث بما يحتويه من عناية ومن دقة، لأن ذلك، ربما، قد يكون هو الحافز لتطوير الفن الغنائي المغربي بكل صنوفه وألوانه وأنماطه.. باعتباره سيكون طريقا سيارا لما نريده ونطمح إليه جميعا كفنانين. طبعا الأمور كلها تبتدئ بهذا الأمر الجديد (الدعم) في غياب إنتاج، وفي غياب منتجين حقيقيين، لأننا الآن «كنشوفو غير موالين اشكارة» منساقين وراء الفنون المربحة والفنون التي لا تكلف الشيئ الكثير إبداعا ومجهودا، ومنساقين أيضا وراء «السوق» علما بأنهم هم من خلقوا هذه السوق، مقابل ذلك تمت محاربة الغناء المغربي الأصيل. لذلك، أعتبر أن الأغنية المغربية (العصرية) هي قاطرة الفن الموسيقي المغربي عامة، بغض النظر عن التراث من ملحون وأندلسي وغرناطي.. لأنه بدون الأغنية العصرية كان يستحيل ووجود أنماط غنائية أخرى استغلت الإطار العام لهاته الأغنية وحاولت أن تخرج به إلى الأغنية الشعبية وإلى أوزان عصرية.. وكخلاصة لهذه الأمور، فأنا مستبشر خيرا.. وكنقيب للنقابة المغربية للمهن الموسيقية، كان من ضمن مطالبنا الأساسية هو دعم الأغنية المغربية. ولكن هذا ليس كاف، فلابد من إشراك فاعلين آخرين من وزارة الاتصال والقطب الإعلامي السمعي البصري والخواص أيضا، لأجل التفكير في الاستثمار في المجال الفني، لاسيما في الأغنية المغربية، لأنه ما أحوجنا إلى إطار فني نظيف يكون في مستوى بلدنا وفي مستوى طموحاتنا ويعيدنا إلى الماضي الجميل، لأن من لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له.