صرح توفيق احجيرة وزير الإسكان والتعمير والتنمية المجالية الثلاثاء الماضي أمام مجلس المستشارين، أن قطاع السكن اكتسب مناعة أمام تداعيات الأزمة المالية العالمية مبرزا أن جاري القروض الخاصة بهذا القطاع شهد ارتفاعا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2009 بلغ نسبة 25 بالمائة، مضيفا أن الأزمة مست بشكل محدود قطاع السكن الفاخر في بعض المدن، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق فقط بـ «ذبذبات للأزمة» و أن الحكومة شكلت لجنة وزارية لتتبع وضع الأزمة والقطاعات الاقتصادية المعنية بشكل مباشر بها. كلام جميل وتصريح يبعث على الإطمئنان ولو أن السيد الوزير لم يعط التوضيحات اللازمة التي جعلت قطاع السكن في منأى عن تداعيات الأزمة ووصلتنا «ذبذباتها» الإرتدادية فقط. كان على السيد الوزير أن يشرح الوضع بالتفصيل ويوضح أن أزمة السكن والرهون العقارية لن تقع في المغرب لأننا نعيشها منذ سنين وإن بأشكال أخرى، لكن الذي يكتوي بنارها ويعيش معاناة يومية معها هو ذلك المواطن البسيط والموظف أو العامل والأجير الذي لايتبقى له من الأجر الشهري إلا دراهم معدودة لاتكفي متطلبات العيش، أزمة يعيشها المواطن البسيط الذي يسابق الزمن لسحب أجرته من حسابه البنكي قبل بلوغ ساعة الصفر التي تقتطع فيها أقساط الدين، أزمة تعيشها أسر و«عوائل» وهي ترى أنها دخلت في دوامة الاقتراض ورهنت مستقبلها لأزيد من خمس عشرة سنة قادمة. هذه هي الأزمة الحقيقية التي تعيشها طبقات واسعة من المغاربة والتي يُحجم المسؤولون ببلادنا عن «الغوص» في الحديث عنها، أزمة يعيشونها حتى قبل وقوع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. نقول للسيد الوزير أن القطاع البنكي والعقاري بالمغرب - وهو يدرك هذا جيدا- لن يعيش أزمة ليس لكون التدابير المتخذة حكوميا تكسبه مناعة، إطلاقا، وليس لأن انتعاش هذين القطاعين يعود لعدم ارتباطهما الوثيق بالخارج ، ببساطة لأن قطاع العقار بالمغرب يسيره منطق «النوار» و « عدم الوضوح» في نسب الفوائد من دون حسيب ولارقيب، ولأن قطاع العقار عندنا يحكمه منطق « الشكارة!» والأموال المكدسة في «الميكا الكحلة!» ولأن العديد من أوراش البناء عندنا خارج إطار المراقبة، فالغش في البناء والتجهيزات الترقيعية والمساحات «المضروبة» كل ذلك يخلف فوائض مالية جد هامة ولكل واحد نصيبه مما خلفه الورش! ولأن قطاع العقار عندنا محصن تحصينا، ولن تخفض أسعاره حتى لو أصبح الطن الواحد من الحديد والإسمنت بدرهم فللقطاع حراس يحمونه! لن نعيش أزمة رهن عقاري لأن الأزمة قائمة أصلا وتتجسد في نسب الفوائد الثابتة والمتحركة ولن تحجبها لعبة 7 في المائة أو 6 و 4 في المائة التي يروج لها البعض، فالأقساط الشهرية التي يؤديها المواطنون تبين حجم أكذوبة النسب الثابتة والمتحركة. فإذا كان مانعيشه مجرد ذبذبات الأزمة، فكيف سيكون الحال مع وصول الأزمة؟