أقر الحزب الاشتراكي الموحد مبادرة يدعو خلالها قوى اليسار إلى حوار ما بين الفصائل حول الوضع السياسي، لتقريب وجهات النظر، وللوصول إلى تعاقد على برنامج سياسي وكذلك إلى صيغ تنظيمية متقدمة. جاء ذلك على لسان محمد مجاهد، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد في حوار مع جريدة «الاتحاد الاشتراكي» ورأى مجاهد أن الدولة نزعت إلى أساليب التحكم في المشهد السياسي، حيث تعمل على إضعاف الاحزاب السياسية، خاصة التقدمية منها وعادت إلى الأساليب التقليدية في احتواء النخب وإغرائها، وخلق ودعم أحزاب إدارية بعد أن أنهت مع مرحلة سياسية. وأكد في حواره أن وجهة نظرهم في الاصلاحات الدستورية والسياسية، تم توجيهها عبر مذكرة للدولة، لكن للأسف يقول مجاهد لم تقبل منا. وشدد على أن المبادرة التي تم اتخاذها في المجلس الوطني الأخير، نابعة من إدارك عميق للمرحلة التي دخلها المغرب وهي مرحلة صعبة ستدوم سنوات، وبالتالي على الجميع أن يدرك ذلك، حيث أن محطة 2007 ،كما يرى، هي محطة فاصلة ما بين مرحلتين، إذ أن الدولة حاليا تؤسس لمرحلة جديدة وبآليات جديدة، ومن ثمة يقول إن الحوار مابين مكونات اليسار يجب أن يكون على أساس هذه القاعدة، أي تحديد سمات المرحلة وتحديد البرنامج السياسي الذي سيكون قاعدة للاشتغال بشكل جماعي. ورأى أن الاصلاحات السياسية والدستورية هي مسألة جوهرية، مشددا على أن الدولة تقوم بإخراج جديد من خلال دعم المفسدين وتموقعهم في إطار هيكلة الحقل الاداري. واعتبر أن الاختلافات الثانوية مابين قوى اليسار، يجب أن تبقى محدودة بحكم أن لليسار خصمي:ن الأول يتجسد في لوبيات الفساد الذين هم امتدادات للدولة والخصم الثاني يتجسد في الأصوليين. س: ماهو تقييمكم للوضع السياسي الراهن؟ في مجلسنا الوطني الاخير، المنعقد منذ أيام، خرجنا بمبادرة متوجهة الى اليسار، ندعو من خلالها قوى اليسار الى حوار صريح ما بين كل الفصائل حول الوضع السياسي الحالي، ولتقريب وجهات النظر، وصولا إلى تعاقد على برنامج سياسي، على قاعدته يكون العمل المشترك، والوصول كذلك الى صيغ تنظيمية متقدمة. هناك أفكار طرحت في المجلس الوطني، مثل الفيدرالية، خاصة باليسار. هذه المبادرة طرحناها اقتناعا منا أن المرحلة تتسم بمستجدات نوعية، وأن المرحلة تعرف تراجعات كبرى، وتراجعا في النضال الديمقراطي، وتعقد مهامه، كما أن الدولة نزعت الى أساليب التحكم في المشهد السياسي ، وتعمل على إضعاف الاحزاب السياسية، خصوصا الاحزاب التقدمية، وعادت الى الاساليب التقليدية في احتواء النخب واغرائهم، وخلق ودعم أحزاب إدارية، هذا الوضع في تقديرنا، جاء نتاج مرحلة، التي يجب نقاشها وتقييمها، ويمكن القول ان الدولة انهت مع مرحلة سياسية. هل يمكن الحديث عن الانتقال الديمقراطي في ظل الحديث عن الوضع السياسي، من خلال هذا التحليل الذي قدمتموه؟ كما تعلمون المغرب عرف منذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينات دينامية نضالية شاملة، تمثلت في الشق السياسي من خلال تشكيل الكتلة الديمقراطية والمطالبة بالاصلاحات الدستورية والسياسية، وكذلك تصاعد النضالات الاجتماعية، وتنامي المجتمع المدني، كان هناك صعود نضالي عرفه المجتمع المغربي، في سنة 1996، كانت هناك آراء مختلفة، اذ ان جزءا من القوى الديمقراطية صوت بنعم على الدستور وشارك في الحكومة، وجزء آخر لم يصوت على الدستور ولم يشارك في الحكومة، على أي حال ، بعد مشاركة جزء من القوى الديمقراطية في حكومة 1998، كان منحى تراجعيا في تقديرنا، هذا المنحى تجلى الى حد ما في سنة 2002، بتشكيل حكومة برأس تقنوقراطي. وتوضح هذا المنحى بما فيه الكفاية سنة 2007، واكتملت صورة الوضع، وأضحت الوعود التي طرحت على كون المغرب سينتقل بعد مرحلة معينة الى الديمقراطية، نرى العكس، وان المغرب مع الاسف لم ينتقل الى الديمقراطية، بقدر ما عاد سنوات الى الوراء، وبنفس الاساليب التحكمية التي كانت في الستينات والسبعينات، في هذه الفترة كانت هناك حركة وطنية وحركة ديمقراطية ويسارية قوية، لديها تأثير كبير وامتدادات في صفوف شرائح مختلفة من الشعب المغربي. الآن، وبعد هذه السنوات، هناك ضعف علينا الاقرار به في صفوف القوى الديمقراطية بكل مشاربها. ألا ترى ان عدم دعم حكومة التناوب من طرف اليسار المعارض لدستور 96، والانشقاقات من داخل الاتحاد الاشتراكي، ساهمت في إضعاف الحزب من داخل الحكومة، وبالتالي ساهم في هذا التراجع العام الذي تحدثتم عنه؟ اعتبر أن هذه النقاشات فرعية، ويمكن ان تكون مجال نقاش بين مكونات اليسار، جميل ان يكون هذا النقاش، لكن اعتقد أن الحركة الديمقراطية الآن، عليها ان تقيم هذا الوضع بمنطق موضوعي، لأن في آخر المطاف، المشكل بين الدولة والقوى الديمقراطية، بمعنى ان الدولة كان لها مخطط واتضح ذلك، وما وقع يعبر عن غياب إرادة حقيقية للذهاب في مصلحة الشؤون السياسية. ومنذ أواسط التسعينات الى الآن، موازين القوى هي لصالح القوى المخزنية التقليدية، وأيضا هناك قوى أصولية استفادت من الوضع. في حين أن القوى الديمقراطية افتقدت جزءا من الحضور والاشعاع المجتمعي، وهذه المسألة لا اعتقد أنها مرتبطة بالصراعات الداخلية لليسار، واعتقد أن المشاركة التي كانت على أساس دستور 96، الذي لايختلف كثيرا في جوهره، على الدساتير السابقة. بمعنى بقيت نفس الثوابت بالنسبة للحكم. وفي سنة 2002 توضحت الاشياء من خلال غياب الارادة للذهاب في الاصلاحات بشكل عملي. والمسألة ترتبط أساسا بصراعات الدولة مع الاحزاب الديمقراطية، هل لصالح الديمقراطية او لصالح التحكم والمحافظة على الثوابت، أكثر ما المسألة مرتبطة بمشاكل داخلية، قد يكون لها بعض التأثير . لكن يبقى محدودا. هناك بعض القوى الديمقراطية وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي، طالبت بإصلاحات دستورية وسياسية. أين الحزب الاشتراكي الموحد من هذا النقاش؟ رأينا واضح في الموضوع. ورأينا ثابت في الزمن منذ 1996، مكونات اليسار التي اندمجت بعد ذلك في اليسار الاشتراكي الموحد، واندمجت ايضا في محطة 2005، كانت لها آراء واضحة في هذا الموضوع منذ اواسط التسعينات. بالنسبة للآن، هناك وثيقة مرجعية شاملة ، تتضمن وجهة نظرنا في الاصلاحات الدستورية والسياسية، على أساسها كانت لدينا إرادة لتوجيه مذكرة للدولة، لكن للأسف لم تقبل منا، وبالتالي قمنا بنشرها في الصحافة، وهناك كتيب قمنا بطبعه يلخص وجهة نظرنا، ونعتقد أن الديمقراطية لاتستقيم الا بثوابت وقواعد كبرى، وهي جذع مشترك موجود. في جميع الديمقراطيات في العالم. اي ان من يحكم يجب أن يأتي من صناديق الاقتراع، وبمعنى أن تدبير الشأن العام يأتي من الارادة الشعبية. ثم ان من يحكم يحاسب، وان جميع المواطنين سواسية امام القانون، وقضاء مستقل نزيه يطبق القانون على الجميع، بدون ان يكون هناك محميون، وليكون للبرلمان دور حقيقي في التشريع والمراقبة، خاصة ان يكون لديه الآليات العملية التي تجعل المعارضة تشكل لجان تقصي الحقائق بالنسبة للمؤسسات العمومية والحكومية، كذلك الجهوية التي تعتبرها من اركان الديمقراطية. بمعنى آخر أن في النظام الملكي التجسيد العملي للديمقراطية.هو ان نتوجه تدريجيا نحو نظام ملكية برلمانية. ويعني ايضا تقوية مؤسسة الوزير الاول، وان يكون تعيين العمال والولا ة من ضمن اختصاصات الوزير الاول . كيف تنظرون الى المطالبة بالاصلاحات الدستورية والسياسية، هل تفضلون أن تكون بشكل منفرد او بشكل جماعي؟ أي مع الاحزاب التي ترون انها تتقاسم معكم نفس المطالب؟ مبادرتنا هدفها ليس لحظيا او ظرفيا، بل هو ادراك عميق بالمرحلة التي دخلناها، وهي مرحلة صعبة، ستدوم سنوات، والخروج منها يقتضي كذلك سنوات. بمعنى آخر يجب على الجميع ان يدرك ان المرحلة الحالية هي مرحلة مختلفة عن سابقاتها. ومحطة 2007 كانت فاصلة مابين مرحلتين، بمعنى ان الدولة أنهت مرحلة بالكامل، والان تؤسس مرحلة جديدة وبآليات جديدة. بينما القوى الديمقراطية والقوى اليسارية مازالت لم تدرك بشكل موحد ومشترك هذه المرحلة الجديدة، وبالتالي عليها العمل على هذه المرحلة، التي تتسم بالضعف. إذن الحوار سيكون على اساس هذه القاعدة، اي تحديد سمات هذه المرحلة. وماهو البرنامج السياسي الذي سيكون قاعدة للاشتغال بشكل جماعي، والاصلاحات السياسية والدستورية هي مسألة جوهرية. بل بالعكس هذه المرحلة الممتدة على مدى عشر سنوات بينت مدى ملحاحية هذه القضية. بمعنى أي تقدم من الصعب ان يكون ُُمقعدا على أسس و اضحة من ناحية الاصلاحات الدستورية والسياسية، بالاضافة الى النقطة المتعلقة بمحاربة الفساد، ونرى ان كل المؤشرات تدل على أن هناك استمرار لنفس الاساليب السابقة. واللوبيات الان مازالت تتوحد وتتكتل. المسألة الثالثة تتعلق بالمسألة الاجتماعية بشقيها، سواء فيما يخص بالشق النقابي، اي النضال الاجتماعي المؤسس في اطار نقابي، حيث نرى ان هناك ضعفا بخصوص هذه الآليات النضالية، بسبب التشتت الحاصل في هذا المجال، وهناك مهمة مركزية ملحة لإعادة هيكلة الحقل النقابي بما يعطيه فعالية وقوة ودينامية. هناك ايضا نضالات واحتجاجات ومسيرات شعبية عفوية، ولاحظنا سواء في سيدي افني، تالسينت وفكيك وغيرها من المدن، ومن دور اليسار أن يؤطر هذه النضالات ويقودها لتحقيق مطالب ملموسة لهذه الفئات من الجماهير المهمشة. المسألة الرابعة التي تتعلق بالمجتمع المدني بشكل عام. فاليسار تاريخيا كانت له امتدادات في الحقل المدني. في مجال الثقافة والابداع والاعلام، ونلاحظ ان هناك تقلصا لليسار في هذا الحقل، اما لصالح قوى اخرى، او ان هناك لا مبالاة. ودور اليسار كذلك ان يستعيد هذه الدينامية، وكذلك هناك تراجعات واضحة في المجال الحقوقي في الآونة الأخيرة، بصيغة مشتركة للعمل المشترك، يمكن ان تدشن دينامية نضالية جديدة لتلك التي شهدها المغرب خلال بداية التسعينات، صحيح هناك صعوبات ،لكن ليس هناك خيار آخر إلا تدشين هذه الدينامية بشكل مشترك كيسار. هل تعتقدون أن الظرفية الحالية مواتية للمطالبة باصلاحات سياسية و دستورية، وبشكل أدق هل تفضلون رفع هذه المطالب قبل الاستحقاقات الانتخابية او بعدها؟ الاصلاحات السياسية والدستورية لها الاولوية، وكلما توفرت الشروط داخل الاسرة اليسارية لتطرح مطالب واضحة في هذا المجال، وان تناضل من اجلها نحن مستعدون لذلك. والسؤال بهذه الطريقة هو سؤال مغلوط. وهل الشروط متوفرة الآن؟وما هي الضمانات القانونية والأخلاقية التي ترونها كفيلة لتكون الاستحقاقات المقبلة نزيهة؟ أولا، يجب أن أوضح نقطة معينة، فالانتخابات هي تمظهرات لطبيعة معينة للدولة، ولأسلوب معين للدولة، ولممارسة سياسة الدولة في مرحلة بكاملها. الأمر لا يتعلق هل الانتخابات نزيهة أو غير نزيهة، بل الأمر يتعلق بمرحلة بكاملها تؤثت لها الدولة، والتي تتميز بالتحكم وغياب إصلاحات دستورية وسياسية، وتهميش واضح للأحزاب السياسية، وفيها خلق آليات جديدة للدولة. والهيمنة على الحقل الحزبي والسياسي. والانتخابات هنا ستصبح محطة من المحطات المترجمة لسياسة الدولة، وكلمة نزيهة أو غير نزيهة حاملة لغموض، المشكل ليس في تزوير الصناديق، وهناك الآن إخراج بطريقة أخرى، فحينما يتم دعم المفسدين. ونرى كيف يتم هيكلتهم في إطار هيكلة الحقل الاداري، وموقعهم القوي داخل هذه الهيكلة. الدولة في الانتخابات السابقة وفي هذه الانتخابات، تترك أصحاب المال يفعلون ما يشاؤون خارج أي مراقبة ومحاسبة ومحاكمة. ونعلم أيضاً أن نسبة كبيرة لا تشارك، ونسبة العزوف قد تزداد في السنوات القادمة، لأن هناك فقدانا للمصداقية في اللعبة ككل. إذا جمعنا هذه العناصر كلها، يتضح أن هناك إخراجا معينا بدون أن تكون الدولة محتاجة لتزوير الصناديق. هناك من يقول إذا ماكانت الدولة صارمة اتجاه المفسدين وعمليات البيع والشراء، فإن نسبة العزوف ستزداد أكثر مما هي عليه اليوم. كيف ترى هذه القراءة؟ هذه كلها مبررات، فأولئك الذين يقدمون المال، هم جزء من اللوبيات، وجزء من الدولة في آخر المطاف، وهذه القراءة هي خطيرة، وإذا كان الاستناد على المفسدين ليكون هناك توازن في العملية السياسية والحزبية، فهو أمر خطير كذلك، وأعتقد أن الخطأ لا يصلح بالخطأ، بل يجب أن نفهم الأسباب العميقة للعزوف، ونعالجها والأسباب تكمن في أن يعرف المواطن أن صوته له علاقة بتدبير الشأن العام. أما في حالة العكس، فلن تكون هناك علاقة بين صوته والقرار السياسي، وهو ما نقوله في مطالبنا الدستورية، أي ربط القرار السياسي بصناديق الاقتراع، وبالتالي بأصوات الناخبين. . هل يفكر الحزب الاشتراكي الموحد في توسيع دائرة التحالفات في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة؟ القرار الذي اتخذ في المجلس الوطني الأخير، هو الدعوة إلى إنجاح كل المبادرات الجارية بمجموعة من المدن، الدارالبيضاء، الرباط، أكادير، مكناس، وخاصة في المدن التي تتشكل من مقاطعات عدة. هذا هو موقفنا كحزب، ونعمل على إنجاح هذه المبادرة التنسيقية، وأعتقد أن الموضوع لايزال يناقش داخل التحالف أو داخل هذه اللجان التنسيقية اليسارية المحلية للأحزاب الستة. استطاعت اللجان التنسيقية القيام بمجموعة من المبادرات، ما هو تقييمكم لهذه الحركية، وألا يشكل هذا المعطى حافزاً لكي ينتقل هذا التنسيق المحلي ليشمل القيادة؟ هذه التنسيقيات هي تعبير عن وعي للمناضلين بمتطلبات المرحلة، وهو وعي على المستوى المحلي. ونحن منذ البداية، قلنا إن الأمر يتطلب أكثر من ذلك. . ألا ترون أن هذه التنسيقيات المحلية فيها نوع من الإحراج للقيادات اليسارية؟ ليس هناك إحراج بالنسبة لحزبنا. وقد تداولنا ذلك وشجعنا مناضلين في غياب حوار وطني ما بين الأحزاب اليسارية. هذه التنسيقيات بالنسبة لحزبنا كانت بقرار سياسي. أعتقد أن هناك نضجا في هذا الباب، لننتقل الى حوار وطني ما بين الأحزاب الستة، أي أحزاب التحالف الثلاثة ،الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية والحزب الاشتراكي والمبادرة تمشي في هذا الاتجاه، وكيفما كان الحال، المبادرات المحلية ستبقى محدودة، ولن تعبر عن احتياجات المرحلة والواقع. وعلى هذا الأساس، جاءت مبادرتنا للتعبير عن هذه الحاجة الملحة في الوضع السياسي لإيقاف المنحى التراجعي الذي تعرفه البلاد، ولاستعادة الأمل في المشروع الديمقراطي، وكذلك استعادة المبادرة لأحزاب اليسار. تأسيسا على هذا النقاش، هل الانتخابات المقبلة تشكل رهانا حقيقيا للحزب الاشتراكي الموحد ولكل الأحزاب اليسارية ؟ علينا أن ننظر إلى الواقع بموضوعية صارمة، الوضع الآن معقد وصعب، وهناك ضعف للحركة الديمقراطية والأدوات النضالية، وهذا الوضع مرشح للاستمرار، ولا اعتقد أن الرهان سيكون حول انتخابات 2009، وبدون تدشين دينامية نضالية مشتركة ما بين كل قوى اليسار، بدون هذا العمل، من الصعوبة الحديث عن أي تقدم في أي واجهة من الواجهات، فحينما نقول إن هناك رهانا على هذه الانتخابات، فإنه ليس هناك إدراك عميق للمرحلة الجديدة ومستجداتها النوعية، فحينما ندرك هذا الوضع بهذه المستجدات وبهذا العمق، علينا أن نبرمج على الأقل على المستوى المتوسط، بمعنى أن عملنا عليه أن يتجه في هذا الإطار، وهذا لا يعني أن لا نقوم بمجهود في محطة الانتخابات، لكن علينا أن نعرف أنه لن تكون هناك نجاحات كبيرة.وعلينا أيضا أن نخلق الآليات المشتركة الكفيلة لهذه النجاحات على المستوى المتوسط، لأن الأمر يتطلب تغيير موازين القوى، وأن اليسار والقوى الديمقراطية ستعيد اشعاعها ومصداقيتها وتأثيرها على فئات متعددة، وليس على المستوى القريب، ولا نترقب نتائج سريعة، وإلا سنحبط، علينا أن ندرك سمات المرحلة في عمقها، وأن نستعد لهذه المرحلة بالآليات المطلوبة لإعطاء نتائج على المدى المتوسط. أين تجدون أنفسكم في اليسار أو في الكتلة الديمقراطية؟ هناك جزء من اليسار في الكتلة، وكنا دائما نجد أنفسنا داخل كل اليسار، ولكن المرحلة الحالية تفرض علينا أكثر من الماضي أن نترجم هذا الوعي إلى خطوات عملية، وهذا ما قمنا به وسنقوم به في القريب العاجل لأن المرحلة السابقة بينت، وهذا معطى أساسي، أن السيار؟إما أن يتقدم ويحقق نجاحات كيسار، وإما سيتراجع كيسار، من الصعب لحزب معين أن يقول أنه سيتقدم لوحده أو على حساب حزب آخر. اليسار في سلة واحدة وعليه أن يدرك هذه الحقيقة، وأن يوحد ويقوي المجهودات فيما بينه ليتجاوز المرحلة الصعبة التي دخلها المغرب. في القريب العاجل سنقوم بخطوات عملية لتصريف مبادرتنا، بما يقتضي الأمر من حوار مع إخواننا سواء في التحالف أو مع الاتحاد الاشتراكي والتقدم و الاشتراكية والحزب الاشتراكي. بالنسبة دائما لليسار مهما كانت الاختلافات الثانوية، يجب أن تبقى محدودة، لأن هناك خصمين أساسيين، يجب أن تتوحد كل هذه القوى لتغيير موازين القوى في صراعها مع خصمين، هناك الخصم الذي يتجسد في لوبيات الفساد، المتواجدين في الأحزاب الإدارية، وهم عمليا امتدادات للدولة، بثوابت الحكم التقليدية ا لتي مازالت ترسخها في الواقع، والخصم الآخر هو الخصم الأصولي، يجب ألا يكون هناك غموض في هذه المرحلة، ويجب على قوى اليسار ألا ترتكب أخطاء قد تكون قاتلة، فالامتداد الطبيعي لكل حزب هو اليسار والقوى الديمقراطية فيما بعد، لأننا مازلنا في مرحلة النضال الديمقراطي وتثبيت الديمقراطية. إذن الخصم الأول هو لوبيات الفساد المتمثلة في الأحزاب الإدارية التي تعيد هيكلة نفسها، والقوى الأصولية المناهضة لقيم الديمقراطية، وكيما كان الحال، يجب ألا يكون هناك غموض في هذا الاتجاه. وهما معا خصمان بغض النظر عن الظرفية، وسيكون هناك خطأ قاتل أن نغلب الحسابات الظرفية علي مضمون المشروع الديمقراطي الذي نناضل من أجله. فالامتدادات الطبيعية لكل قوى اليسار هو اليسار ككل والقوى الديمقراطية، لنخوض هذا الحوار فيما بيننا، وسندخله بصدق في حزبنا وبقناعة عميقة وسنعمل على إنجاحه.