تفيد التوقعات المتوفرة أن حجم رواج الموانئ المغربية سيتراوح في أفق سنة 2030 بين 220 و260 مليون طن في السنة، بعدما كان قد انحصر في 73 مليون طن في السنة. وفي انتظار المصادقة النهائية على المخطط التوجيهي المينائي الوطني والشروع في تنفيذه، فإن الاشكالية التي تطرح نفسها بحدة في الظرفية الراهنة تتمثل في مدى قدرة المغرب على إدراج الحاجيات الآنية الملحة لكبريات المقاولات المغربية في الخيارات الاستراتيجية. اليوم الدراسي الذي نظمته مديرية الموانئ والملك العمومي البحري يوم أمس بالرباط، كان مناسبة عرض فيها وزير التجهيز والنقل كريم غلاب المحاور الرئيسية للاستراتيجية المينائية، بما في ذلك الاستجابة للطلب المتزايد على الخدمات المينائية والتأقلم مع حاجيات الجهة، ومراعاة البعد المجالي والمدينة التي يتواجد بها الميناء وإدماج الأنشطة المينائية في توجهات المدينة، ولكنه كان كذلك مناسبة تطرق لنا فيها إطار مسؤول من المكتب الشريف للفوسفاط الى الوضعية في ميناء الجرف الأصفر، موضحا أنه غير مشغل 100% ولكنه في حاجة ماسة الى إضافة أرصفة جديدة والزيادة في عمقها ،إذ أن 180 مترا فقط من أصل 700 متر هي التي يصل فيها عمق المياه الى ما بين 15 و16 مترا أما الباقي فيتراوح بين 11 و12 مترا، وهذا التوجه تم تبريره بالشروع، ابتداء من 2012 في توقف شحن الفوسفاط من ميناء الدارالبيضاء، حيث سيكون على ميناء الجرف الأصفر أن يستوعب، بالاضافة إلى الرواج الحالي، حوالي 10 ملايين طن من الفوسفاط المحولة من ميناء الدارالبيضاء، كما سيكون عليه ارتفاع حجم الصادرات من الأسمدة من 2 إلى 11 مليون طن في أفق سنة 2010. أما بالنسبة للاستثمارات التي يتطلبها توسيع المرافق الخاصة بالمكتب الشريف للفوسفاط، فتم تحديدها في حوالي 2,5 مليار درهم. كما تم التأكيد على أن المكتب جاهز لتغطيتها في حالة التوصل الى اتفاق مع المصالح الإدارية الوصية على قطاع الموانئ. من نفس المنظور، تبين أن المكتب الوطني للكهرباء جاهز لاستثمار حوالي 800 مليون درهم في التجهيزات التي يتطلبها استيراد المزيد من الفحم عبر ميناء الجرف الأصفر. وبالنسبة لميناء المحمدية، الذي يعتبر ميناء استراتيجيا بحكم ارتفاع حجم رواجه الى 10 ملايين طن في السنة، منها 90% خاصة بالهيدروكاربورات، فقد اتضح أن شركة «سامير» التي تعتبر أكبر مستعمل للميناء، جاهزة لاستثمار حوالي 800 مليون درهم في توفير التجهيزات الكافية لحماية الميناء ، وتفادي حالات توقف نشاطه بفعل هيجان البحر الى حوالي 55 يوما في السنة، كما اتضح من تصريحات مديرة الموانئ والملك العمومي البحري نجلاء الديوري أن السلطات العمومية تتوفر على دراسة متكاملة لحاجيات الميناء، وأن المشكل الذي يواجهها هو التمويل ومراعاة الأولويات، ولذلك فإن المجال مفتوح للتوصل الى اتفاق بين القطاع الخاص والسلطات العمومية، للاستفادة والتجاوب مع عرض المقاولات الثلاث القاضي باستثمار أكثر من 4 ملايير درهم. الدراسة المعدة للمخطط المينائي توقعت ارتفاع رواج السلع الفلاحية بمعدل 1,7 مليون طن في السنة لتصل الى الضعف سنة 2030. وبعد أن تبين أن تزايد طلب قطاع البناء على الرمال رفع حجم المسوق منها سنويا الى 670 ألف متر مكعب، تم تحديد مواقع لاستخراج الرمال البحرية قدرت طاقتها بحوالي 1 مليار متر مكعب بهدف حماية الشواطئ. وفي انتظار تعميم خلاصات اليوم الدراسي، فإن المؤمل هو أن يساهم المخطط فعلا في الرفع من فعالية الموانئ المغربية وفي التخفيف من كلفة خدماتها.