كان كل شئ معدا لمتعة الروح وفتنة الحواس في صباح يوم السبت 18 أبريل 2009 بحديقة ماجو ريل بمناسبة ذلك الاحتفاء الذي هيأه معهد سرفانتيس بمراكش بالحكاية و الطبيعة معا . شخوص هذا الحدث كانوا كائنات من ماء و خضرة و أشجار و صخور و بساتين و كلمات تسبح في خيال خلاق لحكواتيين بارعين كالإسباني أنطونيو رودغيرز المدوبار و محمد باريز و ابنه عبد الغفور باريز إضافة إلى الباحث محمد حميد حمديس . في غمرة أزرق حديقة ماجوريل الشهير و أشجارها الباسقة و نباتاتها المستقدمة من مختلف أنحاء العالم و غاباته قام الإسباني أنطونيو رودريغيز وسط شحذ متعدد الجنسيات و متنوع الثقافات ، بإلقاء حكاية من صلب التراث الإنساني متعلقة بعوالم الأشجار و الكهوف و الماء و الغابات و تعبر عن تجربة إنسانية عميقة حققت نفسها بأساليب متعددة في مختلف الثقافات . و كان خطاب أنطونيو مصحوبا بصوت الكاتب الاسباني الشهير خيسوس غريوس الذي أمن الترجمة الفورية لمنطوق هذه الحكاية . متعة الجمهور اكتملت مع مشاركة الحكواتي الشهير محمد باريز صوت الحكاية بجامع الفنا الذي فاجأ الجمهور بتقديم حكاية تروي القصة التاريخية لظهور تسميات مرتبطة بعالم الخضرة و الحدائق كالجنان و البحيرة و البستان و العرصة و الخصة في المجتمع المراكشي . مع سرد شيق لتطورها منذ عهد يوسف بن تاشفين و عبد المومن بن علي الموحدي و يعقوب المنصور و السلطان أحمد المنصور الذهبي و سيدي محمد بن عبد الله وصولا إلى جاك ماجوريل و حديقته الشهيرة ... دهشة الجمهور كانت أكبر عندما صعد باريز الصغير إلى المنصة ليأخذ مبادرة الحكي من والده معتمرا عباءة تقليدية مخترقا خيال الحشذ الذي يقابله برصانة المتمرس وهو الطفل الذي لم يتجاوز بعد 13 سنة من عمره . فكانت مكافئته من سرفانتيس منحه جائزة الاستحقاق لمتابعة دروس تعلم الاسبانية بالمجان . محمد حمديس بدوره استعاد التراث الأمازيغي و قدم عوالمه المثيرة . حديقة ماجوريل تعود لمؤسسها الفنان جاك ماجوريل الذي ولد في مدينة نانسي بفرنسا عام 1886 ، وهو ابن مصمم الأثاث المشهور لويس ماجوريل . و جاء إلى مراكش لأول مرة عام 1919 ليواصل مهنته كرسام . و في سنة 1924 حصل على بقعة أرضية و شرع في إقامة هذا الموقع المعروف اليوم بحديقة ماجوريل . و في عام 1947 افتتح الحديقة لاستقبال الزائرين و هو ماظل مستمرا إلى اليوم . و تعد حديقة ماجوريل من اكثر الحدائق سحرا في القرن العشرين و تزخر بثروة هائلة من أنواع النباتات و أشكالها ، جمعت من خمس قارات . بما يعكس أهمية ماجوريل كواحد من أهم جامعي النباتات في ذلك الوقت .