على إثر حضورها في المنتدى التقدمي العالمي الذي شاركت فيه أكثر من 40 دولة من مختلف أنحاء العالم، يومي 2 و 3 أبريل 2009 في بروكسيل ببلجيكا والمنظم من قبل الحزب الاشتراكي الأوربي وفريقه بالبرلمان الأوربي والأممية الاشتراكية، كان لنا لقاء مع الأخت عائشة بلعربي وأجرينا معها هذا الحوار الذي تتحدث فيه عن أهمية هذه لتظاهرة العالمية والنداء الذي تمخض عنها والقضايا والإشكالات التي تخص العولمة وآثارها السلبية على العالم بصفة عامة، كما تحدثت كذلك عن بعض اللقاءات التي كانت لها على هامش هذا المنتدى ببعض الشخصيات الحاضرة فيه. شاركت الأخت عائشة بلعربي في المنتدى التقدمي العالمي مؤخرا، أولا ما هو المنتدى التقدمي العالمي وفي أي إطار تأتي هذه المشاركة؟ المنتدى التقدمي العالمي فضاء للحوار والتداول ما بين دول العالم من أجل مواجهة تحديات العولمة وانعكاساتها على الدول كيفما كانت مراتبها في التقدم والتنمية، أنشئ هذا المنتدى التقدمي العالمي في إطار المنتدى العالمي الاجتماعي المنعقد في «بورتو ألكَري» سنة 2001 بالبرازيل، فكان أول لقاء للمنتدى التقدمي العالمي ببروكسيل سنة 2003 حول «كيف نغير العالم» أما اللقاء الثاني فقد تم في ميلانو بإيطاليا سنة 2005 حول «أية عولمة في عالمنا الجديد»، وبالنسبة للمنتدى التقدمي العالمي المنعقد مؤخرا في بروكسيل ببلجيكا يومي 2 و 3 أبريل 2009، حول «عولمة جديدة من أجل تغيير تقدمي». من هي الجهة لمنظمة للمنتدى التقدمي العالمي، ولأية أهداف انعقد هذه المرة؟ هذا المنتدى نظم من طرف الحزب الاشتراكي الأوربي وفريقه في البرلمان الأوربي بالإضافة إلى الأممية الاشتراكية في إطار المنتدى العالمي الاجتماعي، وشارك فيه أزيد من 200 مشارك ينتمون إلى أكثر من أربعين دولة من مختلف دول أوربا، وأمريكا وأفريقيا وآسيا، والعالم العربي، ومن بينهم رجال ونساء السياسة والاقتصاد وممثلي النقابات والمنظمات الدولية غير الحكومية. وبالنسبة للمغرب، كنت العنصر الوحيد المشارك في هذه التظاهرة العالمية، كوزيرة سابقة لوزارة التعاون، وسفيرة سابقة للمغرب بالاتحاد الأوربي، وعضو في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أما الجزائر فقد كانت ممثلة بالسيدة سليمة غزالي ككاتبة وحائزة على جائزة «سكاروف»، وحضر كذلك في المنتدى عن تونس، السيد بن جعفر رئيس الحزب الديمقراطي التونسي. أما فيما يتعلق بأهداف هذه الدورة للمنتدى التقدمي العالمي، فتتمثل في تجميع عدد من الدول للمناقشة والتفكير في قضايا العولمة وأثارها على شعوب العالم سواء الدول المتقدمة أو الدول السائرة في طريق النمو، وإيجاد الحلول الكفيلة بحل المعضلات التي تؤرق العالم، وكذلك القيام بمبادرات للرد على الجوانب السلبية الناتجة عن العولمة المتوحشة، وكانت من بين المحاور الأساسية لهذا المنتدى، الحكامة الشاملة، التجارة والأسواق المالية، تمكين النساء من المشاركة في جميع الميادين، قضايا الهجرة، التغيرات المناخية، والتنمية المستدامة لخدمة العدالة الاجتماعية، وكل هذا يصب في هدف رئيسي وأساسي، يكمن في خلق منظور تقدمي للعولمة يخدم مصالح وقضايا شعوب العالم. تحدثي لنا عن أجواء هذه التظاهرة العالمية، وعن نوعية الحضور فيها؟ لكي نتمكن من تكوين صورة متكاملة عنها؟ ما ميز هذه التظاهرة العالمية، والتي من الايجابي أن نظل كمغرب وكحزب الاتحاد الاشتراكي حاضرين في مثلها، هو مشاركة شخصيات سياسية بارزة من أغلب الدول، وشخصيات أخرى سبق لها أن تحملت مسؤوليات وازنة في دولها، إما كوزراء سابقين أو وزراء أولين، أو قياديين لجمعيات ومنظمات دولية ونقابين بارزين، نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر كدلالة عن هذا الحضور النوعي «أنطونيو كونتريسش رئيس المفوضية الدولية للاجئين ووزير أول سابق لدولة البرتغال ورئيس سابق للأممية الاشتراكية، «باسكال لامي» رئيس منظمة التجارة العالمية، و «خوان سومفي» المدير العام لمنظمة الشغل الدولية، وحضر كذلك في الجلسة الافتتاحية الرئيس السابق للولايات المتحدةالأمريكية «بيل كلينتون»، وألقى خطابا في الجلسة الافتتاحية دام قرابة ساعة من الزمن. ماهي الصفة التي حضر بها بيل كلينتون في المنتدى التقدمي العالمي كما هو معلوم المنتديات العالمية مفتوحة للعموم، وبيل كنتون حضر المنتدى كرئيس سابق للولايات المتحدةالأمريكية ورئيس مؤسسة كلينتون، وتناول الكلمة، التي من خلالها وضع العالم أمام مسؤولياته، وقال إن الأزمة العالمية الحالية ما هي إلا وليدة للتناقضات الموجودة على الصعيد العالمي وخاصة عدم المساواة في توزيع الموارد والثروات الطبيعية وعدم تكافؤ الفرص بين الشمال والجنوب وخاصة الهوة الموجودة ما بين نخب من أثرياء العالم والشعوب التي ترزح تحث آفة الفقر، الجوع، الأمية، والمرض، وأكد على ضرورة إنجاح مشروع تقدمي لمواجهة الأزمة المالية والخروج منها، لأنها أزمة بنيات اقتصادية واجتماعية ناتجة عن العولمة والسياسة النيوليبرالية، فمسؤولية العالم مسؤولية جماعية لبناء مشروع اقتصادي سياسي تقدمي يهتم بالإنسان أولا وقبل كل شيء، عوض النظرة الاقتصادوية. ماهي أهم نتائج أشغال هذا المنتدى العالمي؟ أصدر هذا المنتدى نداء تحت عنوان «من أجل عقد جديد»، ونظمت تظاهرة كبرى في البرلمان الأروبي وتلا النداء بول رسمونس رئيس الحزب الاشتراكي الأوربي، لتعقبه جلسة عمل تمت فيها المناداة على بعض ممثلي الدول المشاركة (35 متدخلا)، وألقيت مداخلة في إحدى ورشات المنتدى التي كان موضوعها «عولمة من أجل حقوق متساوية لكل نساء الكرة الأرضية»، وتم توضيح أهمية مضامين النداء ولماذا التوقيع عليه، وبالفعل كانت تظاهرة تاريخية وستبقى موشومة في ذاكرة المنتديات الدولية، حيث بلورت إرادة الحاضرين في إيجاد حلول ناجعة واستراتيجية واقعية وتضامنية للحد من آفة العولمة وأثارها السلبية وخاصة المجموعات الفقيرة في العالم. ماهي مضامين هذا النداء العالمي؟ أولا النداء يبدأ بشعار أساسي هو حان الوقت لجعل الإنسان هو المحور الأساسي عوض الاقتصاد والنظرة الاقتصادية السائدة والتي تتناسى الإنسان كإنسان. ويشير النداء أيضا إلى أن ملايين سكان العالم سواء في البلدان المتقدمة أو السائرة في طريق النمو وخاصة النساء يؤدون الثمن الغالي بسبب الأزمة المالية والاقتصادية وينتظر أن يصل عدد العاطلين إلى 75 مليون عاطل تقريبا. وأوضح النداء أن ثلاثة ملايير المشتغلين بالعالم يقل أجرهم عن دولارين بالإضافة إلى أن عددا من الأطفال يعيشون في مستويات متدنية ومعرضون للموت بسبب الجوع. والسبب الأساسي في ذلك هو الأزمة الاقتصادية العالمية والتغيرات المناخية وغياب الديمقراطية وغياب حرية التعبير في العديد من المناطق، كما يلح النداء على ألا نبقى سائرين وراء الربح بطريقة عمياء لأننا ندوس على الإنسان وكرامته، أما بالنسبة لمحاور التغيير فيرى النداء على أنه لابد من تنظيم النسق العالمي لكي يتجاوب مع الحاجيات الاقتصادية الحقيقية للأبناك ومنع تبييض الأموال، وتنظيم الإجراءات المتعلقة بالتسهيلات الجمركية لكي لا تبقى حكرا على نخب معينة كالشركات المتعددة الجنسية، والنهوض بالتجارة العادلة التي تكون في صالح شعوب العالم. وشدد النداء على تقوية سياسة تروم تحقيق التنمية للقضاء على الفقر وتشجيع تنظيمات المجتمع المدني وإقرار شغل يراعي جميع الحقوق الخاصة بالعمال. ودعا النداء إلى إقرار توزيع عادل للدخل ما بين الرأسمال والعمل وضمان حقوق النساء وحقهم في التمثيل على جميع المستويات، والعمل على تحقيق موارد جديدة لضمان تنمية البلدان الفقيرة في العالم وحماية شعوبها من العاصفة الاقتصادية. في مثل هذه اللقاءات يستغل خصوم وحدتنا الترابية، والبوليساريو بالتحديد الحضور والتحرك لتمرير بعض مخططاتهم الانفصالية، هل عرف المنتدى العالمي البعض من مثل هذه التحركات المعادية لقضية وحدتنا الترابية؟ أولا لم يكن البوليساريو ممثلا في هذا المنتدى التقدمي العالمي، ولم ألاحظ أدنى حركة أو تدخل من أية جهة كانت تعادي قضايا ومصالح بلادنا، وما حضوري كممثلة لحزب الاتحاد الاشتراكي في هذه التظاهرة إلا لتمثيل بلادنا وحزبنا أحسن تمثيل و التصدي لكل محاولات يائسة من هذا النوع وللدفاع عن كل القضايا والمصالح الحيوية للوطن وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية. هل كانت لك بعض المباحثات وللقاءات الثنائية مع بعض الشخصيات بالمنتدى التقدمي العالمي وما فحوى هذه اللقاءات؟ بالفعل كان لي على هامش المنتدى لقاء ب «زيطة كوماري» رئيسة الفريق الاشتراكي بالبرلمان الأوربي المكلفة بقضايا النساء. وأكدنا خلال ذلك اللقاء على العلاقات الموجودة ما بين حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والحزب الأروبي الاشتراكي، وتم التركيز على جميع المبادئ التي نناضل من أجلها، وكانت مناقشة مستفيضة حول وضعية المرأة والمكانة التي حققتها بالمغرب ومساهمة حزبنا ونساءه في ذلك، كما لم يغب عن لقاءنا التذكير بالنواقص التي تعاني منها المرأة حاليا والنضال المستمر لحزبنا وكل القوى التقدمية ببلادنا من أجل إقرار مساواة حقيقية بين النساء والرجال في إطار المشروع الديمقراطي الحداثي والذي يلغي كل أشكال وأنواع التمييز ما بين الجنسين. وتم الاتفاق على تحقيق تعاون أقوى بين نساء الحزب الاشتراكي الأروبي ونساء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بالإضافة إلى أنه كان لي لقاء مع بعض الشخصيات الحاضرة ك «بول راسمونس»، رئيس الحزب الاشتراكي الأوربي، وتركز النقاش حول كيفية مساهمة بلدان الجنوب وخاصة المغرب في بلورة استراتيجية حقيقية تأخذ بعين الاعتبار الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذه البلدان، فضلا عن لقاء مع «أمنة طراوري» وزيرة سابقة للثقافة بدولة مالي وكاتبة. وتمحور اللقاء حول عنصرين أساسين ألأول يتعلق بآثار العولمة على البلدان الأفريقية وخاصة الوضع المزري الذي تعاني منه هذه البلدان، والعنصر الثاني يهم الهجرة وخاصة هجرة الأدمغة والمفارقة التي تعاني منه إفريقيا حيث هناك نزيف لا ينقطع لهجرة الأدمغة والذي تقبل به أوربا، في الوقت الذي ترفض فيه كل الأنواع الأخرى للهجرة.