«.. إن طرح المسألة الدستورية بالنسبة للاتحاد الاشتراكي ليس رغبة في تسجيل موقف ما.. أو ترفا فكريا، بقدر ماهي حاجة ملحة وضرورية بالنظر إلى ما أصبح يتهدد المستقبل السياسي للمغرب بسبب استفحال أزمة الثقة بين المواطنين ومجموع المؤسسات العمومية...». بهذه البساطة في العرض والعمق في الفكرة، تناول الأخ علي بوعبيد عضو المكتب السياسي قضية الاصلاحات السياسية والدستورية في الندوة الفكرية والإشعاعية التي نظمها فرع الاسماعيلية عشية السبت 11 أبريل 2009 بقاعة الاجتماعات بجماعة الاسماعيلية، وهي الندوة التي تميزت بحضور نوعي اعتبرته الكلمة التقديمية للأخ ندير الاسماعيلي إعادة لربط الحاضر بالماضي، حاضر الاسماعيلية بتيهان نخبها ومحاصرة الارادة الصادقة، وبين ماضي المدينة بثقلها التاريخي وتنوع ممكنات تطويرها وتقدمها مؤكدا على أن لا مخرج من هذا الشرود إلا بإعمال الديمقراطية كوسيلة وهدف في آن معا، إذ لا تغيير بدون ديمقراطية ولا ديمقراطية بدون تغيير. أزمة الثقة بين المؤسسات العمومية والمواطنين، يضيف الاخ علي بوعبيد، ولدت خطابا تشكيكيا حول العمل السياسي برمته، وما نكسة 7 شتنبر إلا أحد تجلياته، ولذلك يعتبر الاخ علي بوعبيد، أن ما قام به الحزب في مؤتمره الاخير من وقفة مع الذات بحس نقدي، وما استخلصه من نتائج من خلال قراءة متأنية للواقع في سياقه العام، أفضت جميعها إلى أن الوضع متأزم بل ومختنق، وهذا يقتضي تصحيح الخطأ السياسي في مقاربة مسلسل الاصلاح، لأن الامر يضيف الاخ بوعبيد يتجاوز الاتحاد الاشتراكي كحزب، إنه وضع يرهن المستقبل السياسي للمغرب بكل مكوناته بل ويهدد كل المشروع الديمقراطي في بلادنا. هذا هو الوضع الذي فرض علينا كاتحاديين، البحث عن مخرج من هذا النفق عن طريق فتح حوار وطني واسع حول الاصلاحات السياسية و الدستورية، بصرف النظر عن مضامينها. وأن أول مبتغى من الحاجة الملحة لما نعبئ له من إصلاحات سياسية ودستورية ، إنما هو من أجل إعادة الثقة للمؤسسات والعمل السياسي. وعن نظام الحكامة، يؤكد الأخ بوعبيد على ضرورة الدفع بالنخب القادرة على رفع التحدي وادماجها في مسلسل تدبير الحكامة الجيدة ، خاصة ونحن على مشارف استحقاقات جماعية، نريد من خلالها بلورة مقاربة جديدة للعمل الجماعي في علاقته بالمواطن من جهة، والبحث عن مصادر الثروة لإسعاده من جهة ثانية. ولابد في هذا الصدد من استثمار ما تتيحه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من أوراش تعد مرتكزات للنماء الاقتصادي والاجتماعي، ورفع التهميش و الاقصاء عن الساكنة. لكن المبادرة يضيف الاخ بوعبيد وعوض أن تقوم بهذا الدور أضحت وسيلة لنسج علاقات صدامية في بعض الاحيان ما بين المجتمع التشاركي الذي يمثله المجتمع المدني، وما بين المجتمع التمثيلي الذي يمثله المنتخبون ولذلك أصبح لا مناص من أن يحصل التكامل بين المجتمعين بخلق صيغ تشاركية في إطار المسؤولية، مما ينعكس ايجابا على المواطن الذي يبقى جوهر ومضمون كل إصلاح. وقد أعقب العرض نقاش أغنى الأفكار المطروحة وفسح المجال أكثر للأخ بوعبيد ليوضح ويعمق ما تم تناوله على شكل رؤوس أقلام، شكلت المدخل لكل هذا النقاش، الذي لا يمكن أن يظل حبيسا بين أسوار مدرسة الأنوار، وإنما تحول إلى نقاش متاح على مستوى واسع، تجاوز العرض ليعانق انتظارات المغاربة، وماهو مطروح من تحديات علي المستوى المنظور والقريب.