في الوقت الذي كان الرئيس الأمريكي أوبفي الوقت الذي كان الرئيس الأمريكي أوباما يستعد لتوجيه خطاب إلى العالم من العاصمة براغ للحد من الأسلحة النووية، تفاجئ كوريا الشمالية الجميع باطلاقها صاروخا تقول إنه يحمل قمرا اصطناعيا، في حين اعتبر عدد من الدول المجاورة لها أنه صاروخ بعيد المدى يمكنه حمل رؤوس نووية. وهو الأمر الذي دفع مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة لمناقشة الأمر، في ظل احتفال حلف الناتو بمرور ستين عاما على تأسيسه وسط مطالب بصياغة مفهوم إستراتيجي جديد لعمله يتناسب وطبيعة التحديات الحالية والمستقبلية. وهكذا عرفت الذكرى الستين تعيين الوزراء الدنمركي أندرس فوغ راسموسين أمينا عاما للحلف، خلفا ل ياب دي هوب شيفر بعد تخلي تركيا عن اعتراضها على تعيين هذا الأخير. جاءت احتفالات مدينتي ستراسبورغ الفرنسية و بادن بادن الألمانية في ظل إجراءات أمنية غير مسبوقة و التي لم تمنع المتظاهرين في الجانب الفرنسي من تعكير جو الاحتفالات رغم الجاذبية والابتسامة للزوج أوباما وميشيل التي تأسر قلوب الأوروبيين العالم. صياغة استراتيجية جديدة للحلف وفي ظل المتغيرات الدولية والإقليمية التي حدثت في السنوات الأخيرة واختلاف طبيعة التهديدات الأمنية، ارتفعت الأصوات المطالبة بإعادة صياغة إستراتيجية جديدة لحلف شمال الأطلسي. لذلك يعمل قادة الدول الأعضاء على التوصل إلى اتفاق حول وثيقة "مفهوم إستراتيجي" جديد تتضمن قضايا متعددة مثل الإرهاب وانتشار الأسلحة النووية وتغير المناخ. وتحاول هذه الوثيقة الاجابة عن السؤال الرئيسي الذي طرحه الأمين العام للحزب دي هوب شيفر والعديد من المسؤولين الآخرين خلال الأعوام الماضية، وهو: ماذا يريد أن يكون الناتو؟ وكان دي هوب شيفر قد قدم ما يعتقد أنه إجابة عن هذا السؤال، بقوله : إنه مزيج من أشكال جديدة من الحرب وتعاون أفضل مع القوى المدنية ولاسيما الاتحاد الأوروبي ومزيد من الفعالية وميزانية أكبر. أما مستشار الأمن القومي الأمريكي جيمس جونز فقال في هذا السياق: "نحن بحاجة إلى حلف أطلسي له تعريف وشكل جديدان"، بحيث يكون أكثر حراكا وسرعة كما تمكنه من التدخل لمنع اندلاع الصراعات". وشددا المسؤول الأمريكي على أهمية وضع تعريف جديد لسبب تأسيس هذا الحلف الدفاعي وكذلك تحديد "الأعداء المحتملين"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الناتو بحاجة إلى "رؤية إستراتيجية جديدة" علاوة على "التحديث والإصلاح". ومن جانبه طالب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير يوم الجمعة قمة الحلف بتكثيف المناقشات حول مستقبل الحلف، مشيراً في تصريحات لوسائل الاعلام الألمانية إلى أن تاريخ آخر مرة "عملنا فيها على إطار عمل استراتيجي لحلف الأطلسي إلى عام 1999 ». وقال الوزير الألماني إن العالم شهد تغيرات عديدة خلال السنوات العشر الأخيرة، بحيث طفت تهديدات جديدة على السطح في حين تراجعت مسألة الصراع القديم بين الشرق والغرب. وأضاف: "ولذلك فإن هذا هو الوقت المناسب لإعادة التفكير بشكل جديد في مهام حلف الأطلسي في المستقبل". ويرى عدد من المراقبين أن حلف الناتو في "مفترق طرق؛ إذ يتولى بسبعة وسبعين ألف جندي مهمات عسكرية في ثلاث قارات لمحاربة الإرهاب، وأيضاً لمحاربة القراصنة. كما تجري المحادثات حول مهمات جديدة للحلف، من الدفاع عن خطوط أنابيب الغاز المعرضة للخطر، إلى الوقاية من الأزمات بسبب التغير المناخي. إن الحلف يتعرض للاقتراب من حدود قدرته على تحمل الأعباء، ولذلك فقد حان الوقت لوضع مشروع استراتيجي جديد. إذ إن مستقبل الحلف يكمن أكثر من ذي قبل في تحديد ذاتي رشيد لدوره، وفي استعداد الدول الأعضاء فيه، لأن تجعل نفسها جاهزة وقادرة على تحديات المستقبل؛ فقوة الحلف لا تكون إلا في قوة جميع دوله". وفي السياق ذاته أجمعت وسائل الاعلام الألمانية بالقول: «ينبغي على قمة الحلف في الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيسه أن تضع إستراتيجية سليمة للمستقبل، إذ بشكل تدريجي تماماً بدأ يرتسم أفق جيواستراتيجي جديد. ويحدد اتجاه هذا الأفق رغبة الرئيس الأمريكي أوباما ونظيره الروسي ميدفيديف في نزع الأسلحة النووية. كما أن الخلاف حول نظام الدرع الصاروخية، وحول مناطق النفوذ قد تتم تسويته قريبا. إذ إن روسيا ليست هي الدولة التي سترقى إلى أن تصبح في المستقبل القريب أقوى منافس للغرب، وإنما جارتها الصين، التي تعمل في اعتداد بالنفس من أجل تحقيق مطلبها القيادي سياسيا، واقتصاديا، وعسكريا في سائر منطقة المحيط الهادي. وهذا التطور موضع التفكير في موسكو أيضا". وحول خطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشأن نزع الأسلحة، كتبت صحيفة برلينر تسايتونغ البرلينية تقول: "تصريحات أوباما هي مجرد إعلان، ولكنه إعلان ستكون له، بل يجب أن تكون له تأثيراته. إذ سيزداد الضغط على روسيا، لئلا تجري مفاوضات في مؤتمرات نزع الأسلحة فحسب، وإنما لتقدم فعلاً على الأفعال بعد ذلك. كما أن نظام الملالي في إيران قد يعيد النظر في ما إذا كان إنتاج القنبلة النووية أمرا جديراً بالسعي إليه. وما الغرض من ذلك أصلاً؟ وهذا ينطبق على إسرائيل وترسانتها النووية أيضاً. إن مارتين لوثر كينج كان لديه حلم، وهذا الحلم أصبح حقيقة بعد أربعين عاماً، عندما انتخب الأمريكيون باراك أوباما رئيساً لهم. وأوباما لديه الآن حلم فرص تحقيقه جيدة، بحيث لا يحتاج ذلك إلى أربعين سنة". وإن كان حلف شمال الأطلسي أو حلف الناتو الذي تأسس عام 1949 بناء على معاهدة شمال الأطلسي والتي تم التوقيع عليها في واشنطن في العام نفسه قد جعل من محاربة المد الشيوعي هدفا رئيسيا لأجندته، فإنه بنهاية الحرب البادرة و سقوط جدار برلين عرفت أجندة الناتو تدخلات ذات طبيعة مختلفة عن دوره في السابق منها مثلا: تدخل الناتو في البوسنة والهرسك عام 1995 ونشر قوات حفظ السلام فيها. القيام بضربات جوية على يوغسلافيا بسبب الصراع في كوسوفو عام 1999، ودخول قوات الناتو كوسوفو. إرسال قوات الحلف إلى مقدونيا لمهمة حفظ السلام عام 2001. تكليف حلف الناتو بمهمة قوات المساعدة الأمنية الدولية «إيساف» في أفغانستان عام 2003. وبالإضافة إلى المهام العسكرية قام الحلف بدور آخر مثل أعمال الإغاثة الإنسانية كما في حالتي تدخل قوات الناتو للتخفيف من آثار الزلزال الذي ضرب باكستان عام 2006، وإغاثة المتضررين من الإعصار كاترينا الذي ضرب الولاياتالمتحدة عام 2006. أفغانستان فزاعة الناتو ينفذ الحلف الأطلسي في أفغانستان منذ العام 2003 أضخم عملية عسكرية في تاريخه، ويواجه في هذا البلد حركة تمرد متفاقمة يخوضها عناصر طالبان وغيرهم من الجماعات المسلحة، إلى حد أن بعض التقديرات تشير إلى أن حركة طالبان تسيطر حاليا على ثلثي أفغانستان، ويقترب المسلحون من كابول وينفذون عمليات من دون عقاب أو مواجهة حتى مسافة 15 كيلومتراً من العاصمة. كل هذا يضع قدرات ومصداقية حلف الناتو على المحك في هذا البلد، الأمر الذي دفع الغرب إلى النظر في خيارات أخرى بما فيها سبل لإجراء اتصالات مع "طالبان المعتدلة" من أجل تحقيق المصالحة، وهو خيار كان يعتبر من المحرمات في السنوات الأولى بعد الانتصار على نظام طالبان في أواخر عام 2001، وهو ما يعتبره هارون مير، المحلل السياسي والمدير المشارك لمركز أفغانستان للبحوث والدراسات السياسية، اعترافا بالفشل. مظاهرات احتجاج صاخبة ضد قمة الناتو وشهدت مدينة ستراسبورغ مظاهرات مناوئة لقمة الناتو، وتعرض أحدا الفنادق هناك لحريق. ونقلت وسائل الاعلام عن مصادر الشرطة الفرنسية قولها إن مجهولين ألقوا بعبوات حارقة داخل أحد الفنادق وداخل العديد من المنازل المطلة على جسر نهر الراين، الذي شهد احتفالا رمزيا بمرور 60 عاما على تأسيس الحلف وعودة فرنسا إلى العضوية الكاملة فيه. وكانت قوات الشرطة الفرنسية قد اضطرت إلى استخدام الغاز المسيل للدموع للسيطرة على المئات من المتظاهرين الذين حاولوا في وقت مبكر من صباح السبت الوصول إلى وسط ستراسبورغ. كما أفادت وسائل إعلامية محلية أن المتظاهرين رشقوا الشرطة بالحجارة وردت الأخيرة بدورها بإطلاق غازات مسيلة للدموع، حيث اشتبك الجانبان على جسر بالقرب من وسط المدينة. وتم نشر نحو عشرة آلاف من رجال الشرطة ورجال الدرك في أنحاء المدينة، التي تحولت ضواحيها الواقعة في منتصف المدينة إلى بلدة أشباح مهجورة. وقالت الشرطة إنه تم اعتقال 28 شخصا في وقت مبكر يوم السبت، حيث نجح ما يقرب من ألفي متظاهر في التسلل إلى وسط المدينة وإيقاف خط الترام ومسارات الحافلات. لكنهم فشلوا في تحقيق هدفهم وهو منع مرور المركبات التي تقل قادة الناتو. وعلى الجانب الألماني في مدينة كيهل، خرج نحو أربعة آلاف شخص في مظاهرة احتجاج ضد قمة الناتو. وذكرت المصادر أن نحو 1000 شرطي قاموا بتأمين المظاهرة التي خرجت تحت شعار "نعم للملايين من أجل السلام بدلا من المليارات من أجل الحرب". وأكدت الشرطة أن مسيرة الاحتجاج مرت بسلام من دون حوادث عنف كانت متوقعة.