تواجه ممارسة كرة القدم الوطنية، عناوين متعددة من الصعوبات والاكراهات ، تحتل مقدمتها مثلا، مسألة التأمين الطبي والصحي، الكفيل بضمان ممارسة سليمة تترك مساحات من الاطمئنان لدى كل المتدخلين في رياضة كرة القدم. بخصوص هذا الجانب، تختلف الآراء ووجهات النظر، حول وجود نظام صحي متكامل وفعال في محيط رياضة كرة القدم، يسمح ب «تهافت» شركات التأمين، وهي مطمئنة على جني الأرباح، لولوج هذا العالم المتشابك! صحيح أن طفرة نوعية في مجال الطب الرياضي قد بدأت تترسخ وطنيا مؤخرا، لكنها مع ذلك، لم تكن لتوازي التطورات والمستجدات التي يشهدها الميدان بوتيرة متسارعة وسريعة جدا.. من هذا المنطلق، تولد ، ربما، الشعور بالتخوف من فقدان ثقة شركات التأمين، ومن هذا المنطلق أيضا، وجد مسؤولو المجموعة الوطنية لكرة القدم النخبة أنفسهم مجبرين على الرضوخ لشروط شركة التأمين المتعاقد معها! مرت ثلاثة مواسم لحدود هذه السنة، على تعاقد المجموعة الوطنية لكرة القدم، مع شركة التأمين الصحي « وفاء تأمين»، وذلك عبر عقد موقع بين الجهتين، ينص في أهم بنوده على تكلف الشركة المتعاقد معها بتحمل تكاليف الاستشفاء والعلاج لممارسي كرة القدم المنتمين لأندية المجموعة الوطنية لكرة القدم النخبة، مقابل مالي تتحدد قيمته في 1200 درهم كواجب للتأمين عن كل ممارس. المجموعة الوطنية تتكلف بتحمل مصاريف التأمين ل 30 ممارسا داخل كل نادٍ من أنديتها في القسمين الأول والثاني.. لكن مؤخرا برزت العديد من المشاكل تجلت أساسا في التأخير الذي يميز موقف شركة التأمين من أداء المستحقات العالقة في ذمتها، وفي طريقة صرفها مباشرة للممارس صاحب التأمين، مما يخلق شكلا من أشكال الخلاف والنزاع بينه وبين النادي الذي ينتمي إليه. كما بدأت بعض المشاكل تبرز من خلال موقف بعض المصحات المتعاقدة مع شركة التأمين، والتي بدأت في الموسم الجاري، وفي كثير من الحالات، ترفض استقبال الطالبين للعلاج من ممارسي كرة القدم بأندية المجموعة الوطنية للنخبة! في الوقت ذاته، يستمر نفس النمط القديم المتعلق بشروط التأمين الطبي عند المجموعة الوطنية لكرة القدم الهواة، التي لاتزال تخضع للجامعة الوصية في الموضوع! سعيد بنمنصور ( رئيس جمعية رياضة وصداقة وإطار في شركة للتأمين) : الحاجة إلى إعادة النظر، مع الاستئناس بالأنظمة التعويضية الجيدة» يعتبر سعيد بنمنصور اسما كبيرا في الحقل الرياضي الوطني، كفاعل شغل مختلف مراكز المسؤولية على مستوى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وعلى مستوى بعض الأندية الوطنية. يشغل حاليا مهمة رئاسة جمعية رياضة وصداقة النشيطة جمعويا ورياضيا والتي تجمع تحت ألوانها مجموعة كبيرة من أسماء قدماء اللاعبين والمسيرين في ميدان كرة القدم. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر سعيد بنمنصور إطارا في شركة للتأمين، مما يجعله ملما بشكل كبير بكل خصوصيات هذا النظام، سيما في علاقته بالحقل الرياضي: «لا يجادل أحد في أن حماية الممارس الرياضي في صحته وعند تعرضه لحوادث أثناء المباريات أو خلال الحصص التدريبية، هي حق أساسي بمفهوم العلاقة التعاقدية التي تربطه بالجمعية الرياضية التي ينتمي إليها إلى حد أنه يجوز، عند غياب هذه التغطية الصحية، مساءلة من هم ملزمون بهذا الإجراء في إطار قانون الالتزامات والعقود، بل وقد يُعرض كل مُخل به إلى المتابعة الجنائية. أما الأطراف التي يعنيها الالتزام السالف ذكره، فهي بالدرجة الأولى الجمعيات الرياضية، ثم الجامعات باعتبارها مشرفة على الممارسة الرياضية، علما بأن نفس الجامعات هي المسؤولة المباشرة عن التغطية الصحية للممارسين كلما تعرضوا لحوادث جسمانية وهم ضمن المنتخبات الوطنية. أما اللجنة الأولمبية وكذا الوزارة الوصية، فدورهما يقتصر في هذا المجال على التوجيه والتتبع واتخاذ الاجراءات التصحيحية كلما دعت الضرورة إلى ذلك. أما الطرف الآخر الذي تعنيه عملية التأمين، فهو شركة التأمين التي تقوم بهذه التغطية في إطار تجاري محض لا يخضع إلا للقوانين المنظمة للمعاملات التجارية وكذا مدونة التأمين التي تحدد العلاقات التعاقدية بين المؤمن والمؤمن له، وتحمي الطرفين من أي انزلاق أو تجاوز لنظام التأمين الرياضي الجاري به العمل اليوم، وهو مبني على هذه الأسس القانونية، علما بأن الحقل الرياضي الوطني عرف في هذا المجال، ومنذ بداية الاستقلال، تقلبات عديدة طالت نظام التأمين في شكله ومضمونه، زيادة عن الانتقالات العديدة التي عرفها عقد التأمين بين شركات التأمين المغربية ، مما جعل المتتبع لهذا الجانب الحيوي ينعته بالنقطة السوداء في المشهد الرياضي الوطني. فالتغطية التأمينية الحالية تخضع للهيكلة التالية: 1 تأمين يهم سائر الرياضات ويسمى الضمان الرياضي والمدرسي، باعتبار أن هذا الضمان يسري كذلك على التلاميذ الممدرسين بالنسبة للحوادث ذات الطابع المدرسي. وقد تم توقيع العقد سنة 1998، من لدن أربعة أطراف هي وزارة التربية الوطنية، اللجنة الأولمبية، وزارة الشباب والرياضة من جهة، وشركة التأمين « سنيا» من جهة أخرى. 2 تأمين خاص بالمجموعة الوطنية لكرة القدم النخبة فئة الكبار، منفصل كليا عن الضمان الرياضي والمدرسي، حيث تتولى المجموعة الوطنية بموجب استقلالية التدبير، إبرام أي عقد تأمين يناسبها مع أية شركة للتأمين. إلا أنه تجب الإشارة إلى أن العقدين السالف ذكرهما، ولو أنهما مبنيان على قواعد قانونية وتقنية لا تدع مجالا للتشكك، فإن قاسمهما المشترك هو أساليبهما في التدبير وصرف التعويضات الجد محددة ويطغى عليها هاجس الاحتراصية من لدن شركة التأمين، مما يدفع جزء كبير من المصابين إلى التخلي عن حقوقهم المشروعة في التعويض واللجوء في بعض الأحيان إلى العلاجات التقليدية. صحيح أن شركات التأمين قد تتعرض بدورها إلى بعض التحايلات وأن تكون ضحية ملفات مزيفة يساهم فيها اللاعب والجمعية والطبيب، لكن هذا لا يشفع لأن يكون رد الفعل هو الصرامة المتوحشة التي قد تفضي إلى الإعجاز! كل ما سلف ذكره، علاوة على نقائص ومعوقات أخرى ، يحتم إعادة النظر في نظام التأمين الرياضي الحالي، والاستئناس بالأنظمة التعويضية الجيدة التي توصلت إليها بلدان سبقت المغرب في هذا المجال. كما أنه لايجوز أن يستثنى من التغطية التأمينية المتدخلون الآخرون في الممارسة الرياضية كالحكم والمدرب والمسير. أما في ما يخص التقاعد الرياضي والذي يضمن للممارس الرياضي معاشا عمريا أو رأس مال عند انتهاء مشواره الرياضي، فهو نظام غير معمول به بالمغرب في ظل نظام الهواية المعتمد. غير أنه يجب التفكير منذ الآن في تحضير قواعده باعتباره شرطا أساسيا لولوج نظام الاحتراف».