مع الساعات الأولى لصباح يوم أمس الخميس ، أقدمت السلطات المحلية في شخص قائد وباشا منطقة الحديقة معززين بأفراد القوات المساعدة على اقتلاع لافتات الفدرالية الديمقراطية للشغل الخاصة بالاعتصام الذي يخوضه للأسبوع الثاني على التوالي المكتبان النقابيان للزليج والطاوس التابعان لمؤسسة كوصيما بفاس، الشيء الذي أثار احتجاجات العمال المعتصمين. وما هي إلا دقائق معدودة حتى حضرت لعين المكان تعزيزات أمنية بمختلف تشكيلاتها حيث عمدت إلى مهاجمة العمال والعاملات المعتصمين بشكل عنيف أسفر عن سقوط عشرات الجرحى والمصابين في صفوف العمال، حيث نقل 11 مصابا من بينهم امرأتان إلى المركز الاستشفائي الجامعي بفاس، من بينهم أربعة أعضاء بالمكتبين النقابيين (العيادي ادريس ، بولحدو احمد، مفكر احمد، بوشتى لخضر)، فيما تم اعتقال ابراهيم تيغما كاتب فرع نقابة الطاوس والذي أكد شهود عيان بأن قوات الأمن قامت بجره أرضا كالشاة من مدخل المعمل حتى سيارة الأمن المتواجدة بالضفة الأخرى بالشارع، حيث أصيب بكسر على مستوى الأنف. أما بقية المصابين فقد تفاوتت خطورة إصابتهم حيث يجهل إلى حدود كتابة هذه السطور حجم الجروح والإصابات التي لحقت بهم جراء التدخل العنيف لقوات الأمن التي فرضت طوقا أمنيا على كل المعابر المؤدية لمعمل كوصيما وقامت بمحاصرة العمال بداخل المعمل. هذا وأقدمت السلطات المحلية بفاس على مصادرة لافتات الفدرالية الديمقراطية للشغل الخاصة بعمال معمل «كوصيما» و التي تم تعليقها بمدخل المعمل منذ دخول ما يناهز 700 عاملة و عامل بداية الشهر الجاري في اعتصام لا محدود احتجاجا على ما اسماه العمال المعتصمون بمساعي لوبي العقار في اتجاه تحويل المعمل إلى حي سكني في ظل تملص المشغل و الجهات المعنية الأخرى من مسؤولياتهم تجاه العمال و عائلاتهم التي تركوها تعاني من الجوع و الضياع جراء استمرار إغلاق المؤسسة العمالية منذ 11 يناير 2009، و ذلك على اثر حادث انهيار جزء من المعمل الذي ذهب ضحيته 3 قتلى و 6 مصابين بعاهات جسدية متفاوتة، حيث فتحت حينها السلطات القضائية تحقيقا ما تزال نتائجه طي الكتمان حتى الساعة لاعتبارات يجهلها الجميع. و قد أكدت مصادر نقابية مسؤولة بالمكتب النقابي لعمال و عاملات مؤسسة «كوصيما» بفرعيها الزليج و الطاووس المنضوية تحت لواء ال»ف.د.ش»،في تصريحات أدلوا بها لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» بأن الاستفزازات المجانية الخارجة عن النص و التي أطلقتها قوات التدخل السريع يوم أول أمس الأربعاء 11 مارس الجاري، كادت ان تفجر الوضع بمعتصم عمال معمل «كوصيما» الذين يخوضون معركتهم الاحتجاجية في جو من الانضباط و المسؤولية. حيث استنكر الاتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية للشغل بجهة فاس- بولمان، هذه الاستفزازات الناتجة عن التصرف الأرعن للسلطات المحلية بمختلف تشكيلاتها و التي تسعى إلى ضرب العمل النقابي ومصادرة حق العمال في المطالبة بحقوقهم بكل من مؤسسة «كوصيما»و شركة «سيوف» للتصبير و التي ما تزال 48 عاملة يخضن بها اعتصامهم للأسبوع الرابع على التوالي. و في السياق ذاته أفادت مصادر بولاية جهة فاس-بولمان بأن والي الجهة يعتزم تنظيم لقاء موسع حول موضوع «اعتصام عمال كوصيما»، يضم جميع الأطراف المعنية من سلطات و مندوبية الشغل و مفتشية الشغل و إدارة مؤسسة كوصيما و المكتب النقابي و ذلك لتدارس الوضعية الحالية للمعمل و كذا الأوضاع المزرية لأطر و مستخدمي و عمال مؤسسة «كوصيما» بفرعيها الزليج و الطاووس و البالغ عددهم حوالي 700 شخص.حيث رحب العمال بهذه المبادرة في أولى ردود أفعالهم عليها مؤكدين رفضهم التام لكل المسكنات و المهدئات التي قد يشهرها المسؤولون لامتصاص غضب العمال بعيدا عن الإجراءات العملية التي يطالب بها العمال و في مقدمتها الكشف عن نتائج البحث القضائي حول ملابسات حادث انهيار جزء من المعمل و تحديد المسؤوليات حيالها و من ثمة تمكين العمال من جميع حقوقهم في استئناف العمل و صرف نسبة 50 % من رواتبهم الشهرية و التي توجبها مدونة الشغل في حالة البطالة التقنية التي فرضها الحادث الذي تعرض له معمل «كوصيما». و بين هذا و ذاك تظل عمليات شد الحبل مستمرة بين إدارة شركة»كوصيما» التي اختارت اللجوء إلى السلطة لحماية مصالحها من جهة،و العاملات و العمال ال700 من جهة ثانية و الذين يتهددهم الجوع و التشرد و الضياع تحت أعين الجميع.